"سيرة لسينما الفلسطينيين"... مساحات وشخصيات وحدود

03 مايو 2025
يتناول الكتاب الإنتاج السينمائي الفلسطيني بين 1987 و2024 (مؤسسة الدراسات الفلسطينية)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يستعرض الكتاب تطور السينما الفلسطينية منذ الانتفاضة الأولى عام 1987 حتى 2024، مسلطًا الضوء على تأثير الأحداث السياسية والاجتماعية على الإنتاج السينمائي، مع التركيز على أفلام بارزة مثل "عرس الجليل" و"الأستاذ".
- يناقش البيك الانعطافات الرئيسية في السينما الفلسطينية، مشيرًا إلى انتكاسة مرحلة أوسلو واستعادة السينما لمسارها بعد الانتفاضة الثانية، مع تحديات المساحات المحدودة المصنفة في خمس جيمات.
- يهدف الكتاب إلى فتح نقاش حول السينما الفلسطينية وتأسيس نقد سينمائي، مؤكدًا على أهمية الإنتاج الثقافي في توثيق التاريخ الفلسطيني.

مع تعدد أشكال الإنتاج الثقافي والفنيّ، وتطور أدوات هذه الصناعة، تترسّخ أهمية الكتب وثيقة ومرجعاً، ومن هذا المنطلق ولدت فكرة كتاب "سيرة لسينما الفلسطينيين: محدودية المساحات والشخصيات"، للكاتب الفلسطيني سليم البيك. نال مشروع الكتاب منحة من مؤسسة آفاق في بيروت عام 2021، وصدر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت في 295 صفحة من القطع الكبير. يستعرض العمل سيرة الأفلام الروائية الطويلة التي صنعها فلسطينيون وفلسطينيات في الانتفاضة الأولى عام 1987، مروراً بمرحلة تأسيس السلطة الفلسطينية وتوقيع اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، والانتفاضة الثانية أوائل الألفية الجديدة، وحتى عام 2024.

في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول البيك إن حاجته إلى مراجع عربية يستند إليها في كتاباته وأبحاثه هي أبرز الدوافع وراء إنجاز هذا المشروع الذي لا يكتفي بتوثيق المراحل التاريخية لسينما الفلسطينيين، بل يقدّم كذلك نقداً لهذه الأفلام في سياقها السياسي والاجتماعي فترة إنتاجها. يضيف البيك أن الإطار الزمني لهذا الكتاب يبدأ مع فيلم "عرس الجليل" لميشيل خليفي (1987)، وينتهي بفيلم "الأستاذ" لفرح نابلسي (2024)، ما بين حدثين محوريين في التاريخ الفلسطيني: الانتفاضة الأولى والإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، مؤكداً أنه من المستحيل فصل وطأة الحدث السياسي في فلسطين عن الفرد والمجتمع ما ينعكس على الإنتاج الثقافي ويلزمه أن يكون منطلقاً من الواقع.

ما بين فيلمي خليفي ونابلسي يمر الكتاب على تاريخ 55 فيلماً روائياً. يتطرق البيك إلى الانعطافات الرئيسية التي مرّت بها صناعة هذه الأفلام، مشيراً إلى أنه يعتبر مرحلة أوسلو انتكاسة لسينما الفلسطينيين، فيصفها بالسينما البائسة من حيث تصدير شخصيات القصّة، رغم بعض الجماليات التي اتصفت بها هذه الأعمال، على حد تعبيره، معتقداً أن أوسلو عطّلت ما يمكن أن يُصنَّف بـ"سينما الانتفاضة" في ذلك الوقت استكمالاً لدرب خليفي في "عرس الجليل". تستدرك سينما الفلسطينيين مسارها، برأي البيك، بعد الانتفاضة الثانية من خلال أفلام آن ماري جاسر وهاني أبو أسعد وإيليا سليمان ونجوى النجار، إذ يستعيد المقاوم مكانته في سردية أفلام هؤلاء المخرجين وغيرهم. لكنّ البيك يرى أن محدودية المساحات، التي أفرد لها مساحة في عنوان الكتاب ومتنه، تمثّل جزءاً مهماً من هوية هذه الأفلام، فبرأيه أن المقاوم ظهر في عدة أفلام بموقع فشل، قد تكون محدودية المساحات أحد أسبابه، وصنّفها البيك في خمس جيمات: الجندي والجيب والحاجز والسجن والجدار. يقول البيك: "إن اجتمعت الجيمات الخمس أو بعض منها في أحد الأفلام، فإنها عوامل تتحكم بالشخصيات السينمائية الفلسطينية ومساحات حركتها، وتمنع الشخصية الدرامية من استغلال مساحاتها، وبالتالي تحدّها من الوصول إلى غايتها المقصودة وذلك بالطبع بسبب سياق الاستعمار".

يشير البيك إلى أن كتابه، بوصفه عملاً نقديّاً، يتأثر بطبيعة الحال بتفضيلات وأولويات ومعارف واهتمامات المؤلف، مؤكداً أن آراءه غير ملزمة للعاملين في القطاع، لكنها تفتح باب النقاش وتثير الأسئلة، وتؤسس للنقد المفقود في المنطقة العربية. وفي سياق إجابته عن الجدوى من الإنتاج الثقافي والفنّي في ظل الإبادة التي يمارسها الاحتلال في قطاع غزة والانتهاكات في الضفة الغربية والقدس، وهو سؤال ما انفك يتردد في الأوساط الثقافية الفلسطينية منذ بداية الحرب، يؤكد البيك أنه ضدّ نفي الجدوى عن الثقافة، مسترشداً بفترتي الثورة الفلسطينية وما قبل النكبة وسنوات الستينيات والسبعينيات في التاريخ الفلسطيني، وأهمية التأريخ الثقافي الذي منح العصر الحالي صورة عن الماضي من خلال الأدب والشعر والمجلّات والسينما، فشكّلت جميعها مصادر ومراجع مهمة لا غنى عنها.

المساهمون