سميح شقير يغني للحرية والنصر في الجنوب السوري

17 فبراير 2025
زار سميح شقير بلدته القريا في محافظة السويداء (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- عاد الفنان السوري سميح شقير إلى درعا بعد غياب 15 عاماً، حيث غنى أغنيته الشهيرة "يا حيف" في المركز الثقافي، معبراً عن رفض الفتنة الطائفية وداعماً للثورة السورية.
- استقبلت بلدة القريا ومدينة السويداء شقير بحفاوة، حيث اجتمع الآلاف للاحتفاء بعودته، وتخللت الاحتفالات أغنيات الثورة وكلمة مؤثرة من الفنان عبد الحكيم قطيفان.
- تحدث شقير عن استمرار الثورة وأهمية الوحدة لإعادة إعمار سوريا، مشيراً إلى دور أغنيته "يا حيف" في دعم الثورة ومواجهة التزييف الإعلامي.

عاد الفنان السوري سميح شقير إلى وطنه بعد غياب قسري استمر 15 عاماً، حاملاً آماله وآلامه في رحلة النزوح السوري الطويل، مفتتحاً مع صديق عمره الفنان والممثل عبد الحكيم قطيفان زيارته الأولى إلى مدينة درعا مهد الثورة السورية، حيث استقبل في المركز الثقافي وغنى "يا حيف"، تلك الأغنية التي كتبها لأطفال درعا الذين قتلهم وعذبهم النظام السوري المخلوع عام 2011، وانتشرت كالنار بالهشيم، وباتت أيقونة الثورة.

وعلى الرغم من شهرة سميح شقير الواسعة وخطه الملتزم منذ نهاية الثمانينيات وانحيازه الدائم للإنسان والثوار في كل بقاع الأرض، فإن ابن بلدة القريا، جنوب غربي السويداء، كان أمام تحد من نوع خاص بعد اندلاع ثورة السوريين 2011. ففي وجه الرصاص والموت وكم الأفواه، والمعتقلات، والفتنة الطائفية التي حاول نظام الأسد خلقها في الجنوب السوري بين درعا والسويداء، كتب شقير أغنيته "يا حيف" وغناها، لتكون أبلغ رد على الفتنة، وتعبيراً عن العلاقة المميزة بين سهل حوران وجبل العرب.

واجتمع آلاف السوريين، أمس الأحد واليوم الاثنين، في بلدة القريا ومدينة السويداء لاستقبال شقير وضيوفه، حيث كان المشهد مذهلاً، تخطى حدود حوران السهل والجبل ليجمع أطياف المجتمع السوري من جميع المحافظات والمكونات والأعمار. أمام هذا الجمهور، صدح صوت سميح شقير والفنان الدرعاوي أحمد القسيم وعبد الحكيم قطيفان بأغنيات "ارفع راسك فوق" و"ياحيف"، وغيرها من الأناشيد التي رددها الشعب السوري منذ اندلاع الثورة السورية وما زال، حتى أصبحت على كل لسان وفي ضمير كل سوري حر.

بدأت الاحتفالات بقدوم المهجرين قسراً منذ صباح الأمس إلى معبر نصيب الحدودي، حيث كان بالاستقبال بعض الناشطين من محافظتي درعا والسويداء، واستمرت ظهراً في المركز الثقافي بمدينة درعا قبل أن ينتقل العائدون مع الجمهور إلى بلدة القريا مسقط رأس سميح شقير وسلطان الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى.

أما اليوم الاثنين، فقد احتشد الآلاف منذ ساعات الصباح الباكر في ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء ترحيباً بالفنانين العائدين، بعد أن حملوا جراح الوطن وهمومه ومثلوا الشعب السوري المقهور في معظم المنابر والمحافل الدولية.

وقال عبد الحكيم قطيفان أمام الجمهور في ساحة الكرامة: "لم أتخيل يوماً أن أجد نفسي هنا بين الأحرار في ساحة الكرامة، كنا نرى احتجاجاتكم لأكثر من عام ومطالباتكم والصور واللوحات التي تقدمون وترسمون، وكنا نحسدكم ونتمنى أن نكون بينكم في كل يوم، والحمد لله جاء النصر والتحرير، وجئنا نلتقي بكم في ساحة الكرامة"، مضيفاً: "نلتقي بهذا الفرح الذي يغطي على الدنيا وعلى الكون باسره".

وأرسل قطيفان التحية إلى أرواح الشهداء الذي ضحوا بدمائهم ليصنعوا هذا النصر وهذه الحرية التي ينعم فيها كل سوري، وأنهى كلمته بنشيد لروح الشهداء، وفي مقدمهم منشد الثورة عبد الباسط الساروت.

وقال المحامي يحيى مسعود لـ"العربي الجديد": "جئت لأستذكر مع سميح شقير أيام الدراسة الجامعية في التسعينيات، عندما كان صوته وأغنياته المتنفس الإنساني الوحيد لنا في زمن رئيس النظام السابق حافظ الأسد، وربما الكثيرون هنا في ساحة الكرامة جاؤوا ليستذكروا أيام غنى شقير للحرية والإنسان والمعتقلين، وما زالوا ينشدون ويتناقلون أغنيات السجن والشهيد والجولان وغيرها من الأغاني التي حفرت عميقاً في ذاكرتنا، نحن من قضى جُل عمره في حظيرة الأسد".

وتابع مسعود: "أذكر والعديد من أبناء جيلينا أننا كنّا ننتظر ذكرى الاستقلال في 17 إبريل/ نيسان من كل عام، لنذهب إلى بلدة عين التينة في الجولان، المقابلة لبلدة مجدل شمس المحتلة، لننشد مع سميح شقير عبر مكبرات الصوت أغاني الجولان المحتل ونحزن ونبكي ألماً على فراق أناس لا نعرفهم من أبناء الوطن". وأضاف أن "هذه المشاعر التي كانت تنتاب كل مواطن سوري، وكان النظام المخلوع يتاجر فيها عبر وسائل إعلامه الرسمية كما تاجر بأرض الجولان، كانت تشكل هوية الشعب السوري بكل أطيافه، قبل أن يعبث بها نظام الأسد على مر السنين، ويصنع منها هويات مناطقية وطائفية".

وقبل أن ينشد شقير أغنية "إن متَّ فمت حراً كالأشجار وقوفاً"، تحدث إلى الجمهور قائلاً: "لم تنته الثورة، فقد بدأت ثورة البناء، ويداً بيد سنبني سورية ونعيد أمجادها وألقها وحضارتها الإنسانية وتنوعها الثقافي والإنساني، الذي دمره نظام الأسد، لتعود واجهة السوريين وهويتهم وصورتهم الحقيقية إلى العالم".

وقالت الطالبة الجامعية رندة عواد في حديث مع "العربي الجديد": "استفاق جيلنا على أغنية يا حيف للفنان سميح شقير، فكانت كالجبل الصامد في وجه التزييف الإعلامي الكبير الذي ساند النظام الحاكم في قتل الشعب السوري، وكانت هذه الأغنية بمثابة الناقوس الذي يدق مضاجع النظام البائد، كما كانت نبراساً لجيلنا الذي نشأ في زمن الثورة".

وأضافت: "نحن أهالي السويداء ودرعا تحديداً، وجدنا في هذه الأغنية ومواقف سميح شقير وغيره من المناضلين الفرصة الدائمة لرأب الصدع الذي خلقه النظام بين المحافظتين، وجئنا إلى هنا إلى ساحة الكرامة لنقول شكراً لسميح شقير وشكراً لعبد الحكيم قطيفان وأحمد القسيم وغيرهم فقد كنتم منارة للثورة السورية".

 

المساهمون