استمع إلى الملخص
- جمع بين العلم والموسيقى، مما جعله جسراً بين هذين العالمين، وساهم في نشر الموسيقى العربية عبر برامجه التلفزيونية، مما أكسبه مكانة مرموقة.
- وُلد في حلب ودرس الموسيقى والهندسة، وحصل على جوائز عديدة، ورحيله في كاليفورنيا ترك أثراً كبيراً في الأوساط الثقافية.
من الصعب جداً اختصار مسيرة الراحل الدكتور المهندس سعدالله آغا القلعة الباحث والموسيقيّ عازف القانون ووزير السياحة السابق في سورية من عام 2001 حتى 2011، والذي توفي الأحد في كاليفورنيا بعد صراع مع المرض.
حياة مديدة عاشها آغا القلعة، أنجز خلالها 300 ساعة بث تلفزيوني وأطلق مشروعه كتاب الأغاني الثاني بصورة موقع إلكتروني يحتوي شروحاته الموسيقية مدعّمة بمقاطع سمعية بصرية نادرة، محللاً وشارحاً قوالب القدود الحلبية ونسخة نادرة من موشح لأبي خليل القباني سجلته إذاعة حلب عام 1951، وتجارب محمد عبد الوهاب وسيد درويش وأم كلثوم والرحابنة وغيرهم.
وتفاعل مع جمهور عربي ضخم من متابعيه بالرد على تساؤلات تتعلق بمآلات الموسيقى العربية، ومشيراً في دراسة له عام 2017 إلى تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الموسيقى واحتمال تحولها من إبداع إنساني إلى مجرد نشاط بشري مدعومٍ ببديلٍ تكنولوجي.
شكّل خبر رحيل الموسيقي حالة من الحزن في أوساط الموسيقيين والأكاديميين والصحافيين الذين رثوه بكلمات مؤثرة. قال المايسترو نزيه أسعد لـ"العربي الجديد": "الراحل سعدالله آغا القلعة امتلك في شخصه إمكانياتٍ علمية ونظريات موسيقية خاصة به، وقد وظّف ثقافته الهندسية في توثيق الأعمال الغنائية، وساهم سنين طويلة في تحليل علمي لها مستخدماً تقنياتِ المعلومات التي طبقها على الأعمال الموسيقية السورية والعربية".
أضاف: "كان عبر برامجه التلفزيونية، مثل أسمهان والعرب والموسيقى، وعبد الوهاب مرآة عصره، ينشر فهمه الدقيق لواقع موسيقانا العربية، ويدعو لتطويرها ونشرها عبر العالم، واستطاع أن يشرك الجمهور بتلك الطريقة المميزة في الربط بين التكنولوجيا والموسيقى جعلته يصل لمكانة مرموقة عربياً".
أشار أسعد إلى أن الراحل كانت لديه "دقة مثالية في طرح أفكاره بسلاسة، وكان مجدداً في نقاش قضايا موسيقية أفادت المستمعين بمعلومات نادرة عن عمالقة الغناء والموسيقى العرب، وبحُسن التذوق الموسيقي لجماليات ما يستمعون إليه مع فهم تفاصيله، بسبب قدرته على التحليل المبسط القريب من الجمهور، دون التقليل من بلاغة كلامه ودقته العلمية".
وتابع: "حين التقيته في القاهرة بمؤتمر الموسيقى العربية في إحدى دوراته، وبعد نقاشاتنا المستفيضة، قدّم عزفاً إفرادياً على القانون في دار الأوبرا المصرية. اكتشفت فيه رهافته العالية، وعرفت فيه ذاك الإنسان المتمكن والشغوف بإيصال الموسيقى العربية إلى أوسع مدى".
يذكر أن الراحل سعدالله، ابن الطبيب فؤاد رجائي آغا القلعة، ولد في حلب سنة 1950، ودرس في المعهد الموسيقي الموجود في المدينة، والهندسة في جامعة حلب، وأوفد لاحقاً لتحضير الدكتوراه في فرنسا وأتمها عام 1981 ليعود أستاذاً في كلية الهندسة في جامعة دمشق. حاز على الميدالية الذهبية كأفضل مقدم برامج تلفزيونية في عام 1996 في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، وعلى جائزة زرياب في الموسيقى في عام 2016.