استمع إلى الملخص
- زار أنغيل سورية منذ 2012 بجوازات غير إسرائيلية، مدعياً تغيير وجهة نظر الإسرائيليين عن العرب بعد الربيع العربي، ويؤكد أن السوريين يعانون من سياسات حكومتهم، معبراً عن دعمه للأكراد.
- بدأ أنغيل مسيرته في جيش الاحتلال، حيث عمل في إذاعة الجيش وتغطية النزاعات، مما أتاح له الوصول إلى مناطق صراع خطرة، معززاً مكانته كصحافي يخترق الحدود.
أثار دخول الصحافي الإسرائيلي إيتاي أنغيل إلى سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد موجةً من ردود الفعل الغاضبة بين السوريين والعرب، رغم أن هذه الزيارة ليست الأولى له إلى سورية أو العالم العربي، بل هي إضافة إلى سلسلة من الزيارات التي يقوم بها بهدف "إعادة تشكيل صورة الواقع العربي في عيون الجمهور الإسرائيلي"، كما يقول.
واحتجاجاً على هذه الزيارة، دعت مجموعة من السوريين والسوريات إلى وقفة احتجاجية، اليوم الاثنين، لمطالبة الحكومة السورية بطرد الصحافي الإسرائيلي، ومنع دخول أي مستوطن إلى سورية، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية بعد التصريحات الأخيرة لحكومة الاحتلال، في ساحة الحجاز الساعة الثانية ظهراً بالتوقيت المحلي.
يعمل أنغيل في برنامج "عوفداه" (حقيقة، أو الواقع باللغة العربية)، على القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، وقد نشر يوم السبت صورة له في أحد المقاهي الدمشقية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب معها "من دمشق مع الحب"، في إطار الترويج لفيلمه الوثائقي الذي يتناول سورية بعد سقوط نظام الأسد.
يفتتح إيتاي أنغيل الفيديو التشويقي لفيلمه بالقول: "لا أؤمن بأنني بصفتي إسرائيلياً كان يمكنني أن أتجول هنا"، في لقطة يظهر فيها بين جماهير سورية تحتفل بسقوط الأسد، تليها مشاهد له جالساً داخل مسجد يستمع إلى خطبة الإمام، ومشاهد أخرى داخل السفارة الإيرانية.
وفي منشور على فيسبوك، تساءل أحد المتابعين عما إذا كان قد حصل على إذن رسمي لدخول سورية بصفة صحافي أجنبي، فرد أنغيل قائلاً: "لقد زرت سورية خمس مرات بالفعل. ولم يكن بوسعي العمل إلا بعد الحصول على إذن".
ولم تكن زيارة إيتاي أنغيل إلى سورية الأولى، ففي عام 2012، زار البلاد برفقة زميله أمير تيبون من القناة 12 الإسرائيلية وذهب إلى خربة الجوز بمنطقة إدلب. ورغم ما نُشر في وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري عن مرافقة مقاتلين من المعارضة لهما، نفى أنغيل ذلك في مقابلة مع فرانس 24، موضحاً أنه دخل سورية بجواز سفر أوروبي بدلاً من جوازه الإسرائيلي، على الرغم من تقارير صحافية إسرائيلية سابقة أشارت إلى امتلاكه جواز سفر أميركياً دخل به إلى شمال العراق.
وفي المقابلة نفسها مع فرانس 24، جاء رد أنغيل على سؤال حول زيارة "بلد عدو" قائلاً: "نحن أعداء، ولا توجد فرصة للحوار بين السوريين والإسرائيليين. لكنني صحافي ولا أمثل دولة إسرائيل، ومن المهم جداً بالنسبة لي الذهاب إلى سورية، خصوصاً بعد تجاربي في العراق وتونس ومصر وليبيا".
وأشار أنغيل إلى أن الدافع وراء زياراته للدول العربية وسورية منذ عام 2012 كان تغيير وجهة نظر الجمهور الإسرائيلي حول ما يجري في العالم العربي، خاصةً بعد ثورات الربيع العربي التي تُصوَّر في الإعلام الإسرائيلي باعتبارها ثورات ستؤدي إلى تدمير الدولة العبرية، وأوضح أن الواقع يختلف تماماً عما تُروج له الحكومة، إذ تؤكد لقاءاته مع السوريين أنهم "لا يجدون مشكلة مع الإسرائيليين، بل لديهم مشكلات مع الحكومة والنظام والسياسة الإسرائيلية".
وفي إطار سعيه للتسويق الإعلامي الداخلي والخارجي، يبني إيتاي أنغيل سردية الصحافي الإسرائيلي الأول الذي يخترق حدود سورية، مسلطاً الضوء على دخوله إلى مناطق صراع خطرة، ولا يفوّت الفرصة للتعبير عن اهتمامه بسورية، إذ كتب في ديسمبر/كانون الأول الماضي منشوراً تناول فيه الأكراد باعتبارهم "المجموعة الوحيدة في سورية التي يمكن التحالف معها"، معرباً عن أمله في أن تتخذ إسرائيل موقفاً مماثلاً، خاصةً بعدما سيطر الأكراد على مساحة تُقدر بـ30% من سورية، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف مساحة إسرائيل.
وقد أكد موقفه الداعي لتدخل إسرائيلي في سورية من خلال دعم الأكراد في مقال نشرته صحيفة هآرتس في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتلاه بمنشور على فيسبوك بعد أسبوع.
لا يُعرف بعد ما إذا كان أنغيل قد تواصل مع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية قبل توجهه إلى البلدان العربية، وهو الأمر الذي نفاه في مقابلة مع موقع +972 الإسرائيلي في إبريل/نيسان 2014، حيث أوضح أنه لا يخبر أحداً قبل ذهابه حتى زملاءه في العمل. وفي مقابلة له مع موقع "جويش إنسايدر" في سبتمبر/أيلول 2023، قال إنه قبل بدء عمله الصحافي عليه أن "يكسر الجليد" لكسب ثقة الناس، وفي الوقت ذاته يعيش حالة من "التعذيب الروحي" بسبب تخوفه من تعرضه لمواقف معينة من قبل الجمهور.
مشواره الصحافي بدأ في جيش الاحتلال
بدأت مسيرة إيتاي أنغيل الصحافية في صفوف جيش الاحتلال، فقد خدم بعد المرحلة الثانوية موظف كمبيوتر في إذاعة الجيش الإسرائيلي، ثم ترقى حتى أصبح محرراً للأخبار الأجنبية في المحطة، ما فتح له آفاق تغطية مناطق النزاع والحروب حول العالم، واشتهر بذهابه إلى مناطق خطرة، وكانت بدايته مع الحرب الأهلية في يوغوسلافيا ثم تغطية كرواتيا على نفقته الخاصة بعد عدم موافقة إذاعة الجيش الإسرائيلي.
ويبدو أن أنغيل حافظ على علاقات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، ما أتاح له فرصة مرافقة جنود جيش الاحتلال في معارك مختلفة، وهي فرص لا يمنحها الجيش لأي صحافي. من ضمن هذه التجارب، شارك في تغطية حرب لبنان عام 2006، وانضم إلى عملية ليلية لوحدة من جيش الاحتلال حين واجه المقاتلون كميناً لحزب الله، بحسب روايته.
وبعد 18 عاماً، عاد قبل عدة أشهر إلى القرية نفسها التي كان فيها مع جنود لواء ناحال 931 الإسرائيلي حينها، لكن هذه المرة برفقة مقاتلي الاحتياط من لواء ألكسندروني في جيش الاحتلال، وذلك لتصوير حلقة جديدة من برنامجه "عوفداه"، حيث حصل على مواد مصورة من "أصدقاء" داخل الضاحية في بيروت ومراكز أخرى في لبنان، وهي مواد يصعب الوصول إليها لغير الإسرائيليين.
كما دخل قطاع غزة خلال حرب الإبادة الأخيرة، برفقة جيش الاحتلال، لتصوير حلقة خاصة في بيت حانون ضمن برنامج "عوفداه" على القناة الإسرائيلية؛ حيث التقط صورة مع مصور صديق له أمام المنازل الفلسطينية المدمرة ومركبة تابعة لقوات الجيش تبدو وكأن مهمتها فتح الطريق من خلال إزالة الركام.