زوكربيرغ وماسك... ماذا حدث في النهاية؟

03 فبراير 2025
تحولت الآراء إلى شكل من أشكال النزال الذي لا بد فيه من فائز أو مهزوم (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 2023، كان العالم يترقب نزالًا بين مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك، لكن الأحداث العالمية مثل الحرب في غزة أثرت على الاهتمام بهذا الحدث.
- وصول ترامب للرئاسة أدى إلى تحولات في منصات التواصل الاجتماعي، حيث تحالفت شركات التكنولوجيا مع اليمين المتطرف، مما أثار جدلاً واسعًا حول سياسات المحتوى.
- العالم يشهد إعادة توزيع للقوى، حيث يواجه اليمين المتطرف معارضة متنوعة، لكن سيطرة عمالقة التكنولوجيا تعيق تحقيق توازن عادل في هذه المواجهة.

ضجّت وسائل الإعلام العالمية ومنصات التواصل الاجتماعي، في عام 2023، بالنزال المترقب بين مارك زوكربيرغ مالك "ميتا"، وإيلون ماسك مالك "إكس" (تويتر سابقاً). النزال المترقب وتبادل التحديات وصور التمرين لكليهما، شغل "العالم"، لأننا كنا أمام تحدٍّ بين اثنين من أغنى أغنياء العالم، وعمالقة منصات التواصل الاجتماعي.
لعب كل من "الخصمين" مع الجماهير، وبدأت الرهانات والتوقعات، وكل منهما يتوقع أن يسحق الآخر. لكن، فجأةً، توقف العالم، وتركّزت الأنظار على حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة للحرب وسرديات يقترحها الاحتلال الذي يحاول نفي الإبادة، إلى زيارة ماسك نفسه لدولة الاحتلال الإسرائيلي، كي "يرى بعينه" ما حصل، وبالطبع لم يتردّد الأخير بالوقوف إلى جانب حكومة نتنياهو.
اليوم، أخبار النزال اختفت، أصبحت جزءاً من "تاريخ الإنترنت". البحث عن الموضوع يذكرنا بعدد كبير من المقالات التي كُتبت لتحليل الموضوع، خصوصاً أننا أمام خصمين يتنافسان على مستوى إدارة وسائل التواصل الاجتماعي. ماسك الذي يرى في "إكس" مكاناً أشبه بساحة القرية، لا قوانين ولا عقوبات على ما يقال فيه، وزوكربيرغ الذي يرى في "فيسبوك" منصة للتواصل مضبوطة بمعايير تتغير دائماً.
كل هذه الخصومة/الاختلاف، التي بلغت حد العراك بالأيدي، تتلاشى بعد وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، فظهر زوكربيرغ يوم تنصيب ترامب إلى جانب ماسك وعمالقة التكنولوجيا، وقبلها ألغى وظائف مراقبي المحتوى لتهديدهم حرية التعبير. بصورة ما، لا قيود أو عقوبات على الكلام في عهد ترامب.
اليوم، إذن، وكما نرى في صور تنصيب ترامب، تحالفت شركات التكنولوجيا مع اليمين واليمين المتطرف الممثل بأتباع ترامب، ضربت كل المعايير بعرض الحائط لصالح المستخدمين. صحيح أن بعض وسائل الإعلام الكبرى قرّرت إيقاف حساباتها على "إكس"، لكن هذا يؤثر فعلاً؛ فهناك قرابة 115 ألف مستخدم تركوا "إكس" بعد تسلم ترامب، لكنّ عددَ مستخدمي منصة إكس الفاعلين يتجاوز الـ250 مليون شهرياً، ولا داعي هنا لحساب النسبة بين الرقمين. المثير، في هذه الحالة، هو عودة المحرومين من هذه المنصة إليها بسبب تخفيف القيود، وهذا بالضبط هدف هذه "الانقلابة" في معايير الاستخدام، كسب مستخدمين/مستهلكين جدد.
الحلبة اليوم، إذن، أطرافها هي ترامب وعمالقة التكنولوجيا واليمين واليمين المتطرف ضد طرف آخر، لكن من هذا الطرف الآخر؟ نحن أمام طيف واسع يقف في وجه ترامب، يبدأ من تيار الصوابية السياسية، وينتهي بأنصار الحق الفلسطيني الذين يقيّد محتواهم يومياً. هكذا، نحن في معركة غير عادلة بين طرفين؛ الأول يمتلك قوة السياسة والقانون والولايات المتحدة الأميركية وسياسات الخصوصيّة ومنصات التواصل الاجتماعي. والآخر، يمتلك صوته والقدرة على احتلال الساحات.

يبدو أن العالم، بعد الإبادة الجماعية في قطاع غزة، يُعيد توزيع القوى. سيتركنا انتصار اليمين في أميركا (مرة أخرى) أمام مواجهة للأسف. مواجهة لا يبدو أنها ستنال الصدى نفسه الذي ناله النزال بين مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك، خصوصاً أمام التحكم التام لعمالقة التكنولوجيا في المنصات، والسعي إلى الربح من دون أي اعتبار. وصل الأمر أيضاً، إلى هجرة صناع المحتوى نحو منصات البث (برنامج مسابقات مستر بيست)، وانتقال مالك شركة إلى منصب حكومي (إيلون ماسك)، وتحول إلى نجم برنامج واقع إلى رئيس لأميركا. للمرة الثانية، أدوات الاشتباك والصراع حالياً مهددة، وإن كانت فرصة حلها بشجار في حلبة، اليوم لا توجد حلبة واضحة يكون فيها توازن القوى عادلاً.
اللافت، في النهاية، أن حالة الاشتباك هذه، وطغيان ثقافة الـMMA، حولت "الآراء" إلى شكل من أشكال النزال الذي لا بد فيه من فائز أو مهزوم. نحن لسنا أمام حوار، بل "منتصر في المجادلة".

المساهمون