"زوكربيرغ: ملك ميتافيرس"... سيرة صعود قطب التكنولوجيا

16 يناير 2025
مؤسس "ميتا" ورئيسها التنفيذي مارك زوكربيرغ (توم وليامز/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في عام 2004، أنشأ مارك زوكربيرغ موقع "فيسبوك" لزملائه في جامعة هارفرد، والذي تطور ليصبح منصة عالمية، مع إثارة تساؤلات حول الثقة والخصوصية بسبب تعامله مع بيانات المستخدمين.
- الفيلم الوثائقي "زوكربيرغ: ملك ميتافيرس" يبرز تطور زوكربيرغ و"فيسبوك"، مع التركيز على القضايا المثيرة للجدل مثل الهيمنة العالمية وتسريب المعلومات وتأثيرها على الديمقراطية والصحة العقلية للأطفال.
- تحول "فيسبوك" إلى بيع الإعلانات المستهدفة، مما زاد الأرباح وأثر على الخصوصية، وجعل زوكربيرغ شخصية مؤثرة في السياسة العالمية، حيث واجه جلسة استماع أمام الكونغرس في 2018.

إنه عام 2004. انتهى الشاب البالغ من العمر تسعة عشر عاماً من إنشاء موقع لزملائه في جامعة هارفرد. خطوات التسجيل في الموقع بسيطة؛ فلا تتعدى بضع معلومات شخصية وعنوان البريد الإلكتروني والصورة الشخصية. في محادثة خاصة، يتساءل صديق هذا الشاب عن كيفية حصوله على معلومات أكثر من أربعة آلاف شخص، يجيب الشاب باستعلاء: "هم أرسلوهم وأنا لا أعرف لماذا. إنهم يثقون بي، أغبياء".

صاحب هذا الجواب هو مارك زوكربيرغ الغني عن التعريف، أو بالأحرى صاحب الألقاب الكثيرة، وكان أشهرها أصغر ملياردير في التاريخ، والأخير هو "ملك ميتافيرس"، وهو أيضاً عنوان فيلم المخرج البريطاني نك غرين، الذي يحمل عنوان "زوكربيرغ: ملك ميتافيرس" Zuckerberg: King of the Metaverse، ومن إنتاج مشترك بين شركة روغان واستديوهات سكاي. يستكشف هذا الوثائقي بخطوطه العريضة مراحل تحول زوكربيرغ من فتى التكنولوجيا اللامع، إلى متهم أمام الكونغرس بقضايا زعزعة الديمقراطية.

غرين ليس مهتماً باستجواب الأشخاص بقسوة أو التعمق في معاني ما يتحدثون عنه. هذه المقابلات تتكاتف مع مجموعة من الصور والمقابلات الأرشيفية لصياغة المقولة النهائية للعمل وتوثيق أحداث حياة زوكربيرغ، والنقاط الحاسمة الرئيسيّة في تاريخ "فيسبوك"، ولاحقاً ظهور إمبراطورية شركة ميتا.

أحد وجوه قصة صعود أصغر ملياردير في العالم إلى القمة يحمل قضايا شديدة الخطورة، تندرج تحت الهيمنة العالميّة وفضائح تجميع المعلومات وتسريبها، وقضايا الانتخابات، والصحة العقلية والنفسية للأطفال، والمعلومات المضللة، وصولاً إلى قناعة حفنة من المهندسين من مواليد الثمانينيات بأنهم حاملون لإرادة تحرير الشعوب، وأوصياء على الديمقراطية في العالم.

زوكربيرغ، الداعم الأول للديمقراطية، كما يعرّف عن نفسه، يتفاخر أمام طلاب جامعيين في أثناء محاضرة له في هارفرد بأن من المفيد أكثر "هو أن تجعل الأمور تحدث ثم تعتذر لاحقاً، لا تتأكد كثيراً من وضع النقاط على الحروف". هذه الإرادة اللامسؤولة قادت أكبر شركة إعلانية في التاريخ، وحسب شهادة كثير من المهندسين في "فيسبوك"، أنهم كانوا يبتكرون فكرة جديدة ويرفعونها مباشرةً إلى الموقع وينتظرون النتيجة، من دون أي تخطيط مسبق، فنرى تطوراً داروينياً للأفكار يعتمد على الجمهور وما يريده. الأداة أو الفكرة الأكثر تفاعلاً تبقى، وغيرها يُزال، لتأتي النتيجة إلينا مع مرور الوقت أكثر تطرفاً واستفزازاً وخارجة عن إرادتنا، والربح بالتأكيد هو الأولوية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

الهدف من كل شيء يبتكر هو النمو، ذلك النمو لم يحقق ربحاً حتى أتت شيريل ساندبيرغ، مسؤولة الإعلان والترويج الشهيرة. كان في "فيسبوك" 137 مليون مشترك. اتُّفق حينها على أن الربح أهم من الخصوصية. توجهت الشركة إلى بيع الإعلانات المستهدفِة، ذلك بناءً على ما يقدمه الفرد من معلومات شخصية. هذه الروح الليبرالية حولت ذاك الصبي الوحيد بين ثلاث شقيقات من أمير إلى ملك، ومليارات الدولارات إلى تريليونات.

"أنا اسمي باراك أوباما، وأنا الذي أقنعت زوكربيرغ بارتداء بدلة رسمية وربطة عنق". هذه الجملة من مقابلة يظهر فيها لأول مرة زوكربيرغ مرتدياً بدلة رسمية، ذلك بعد أن فاز أوباما بالرئاسة بسبب الحملات الانتخابية الفعالة، وهو ذات الأسلوب في الترويج الذي استفاد منه دونالد ترامب في وصوله إلى الرئاسة عام 2014، وأدانه لاحقاً عبر حملة "أوقفوا السرقة" بعد أن خسر الانتخابات أمام بايدن. حينها، اضطر زوكربيرغ إلى إيقاف حساب ترامب بحجة نشر المعلومات المضللة. اللافت أن اسم زوكربيرغ يُذكر بين أسماء رؤساء الولايات المتحدة الأميركية والراسمين الأبرز لسياساتها الخارجية.

عام 2018، وبمحاكمة مخيبة للآمال، دخل زوكربيرغ إلى جلسة استماع أمام الكونغرس، ومعه حاشية من لوبيات الضغط من أروقة السياسة المختلفة. وجّه له الأسئلة مجموعة من السياسيين الذين يجهلون التكنولوجيا، وكانت أجوبة زوكربيرغ، التي درّبته عليها، على مدار أسبوعين، أفضل شركة محاماة في العالم، سريعة وتقنية ومخيبة للآمال كما الأسئلة.

للعمل نغمة متفائلة في البداية، تتحول مع استمرار العرض التقليدي إلى القلق والتوتر والقطع السريع للقطات والأحاديث، يشبه تجميعة سريعة ومقتضبة لمنشورات على "فيسبوك" أو فيديوهات على "إنستغرام"، تتناول أحلك وأصعب أسئلة البشرية الملحة اليوم، ذلك كله في 90 دقيقة لا غير. لهذه الإمبراطورية ديكتاتور وحيد يدعى مارك زوكربيرغ، ويتحكم على حد قوله بمنصة لكل الإنسانية، ويقصد بالإنسانية هنا كل ما في هذه البشرية من خيرٍ ومن شر، وهو ليس المسؤول عنهما.

المساهمون