رجال مدينة هركولانيوم القديمة كانوا أكثر استهلاكاً للسمك من نسائها

رجال مدينة هركولانيوم القديمة كانوا أكثر استهلاكاً للسمك من نسائها

27 اغسطس 2021
سكان الساحل كانوا يأكلون السمك أكثر مما يفعل الإيطاليون اليوم (Getty)
+ الخط -

اكتشف علماء آثار يدرسون رفات ضحايا ثوران بركان فيزوفيو، سنة 79 بعد الميلاد، أن سكان الساحل في تلك الحقبة كانوا يأكلون السمك أكثر مما يفعل الإيطاليون اليوم، وأن الرجال منهم كانوا أكثر من النساء استهلاكاً لهذا النوع من الطعام الذي كان يعدّ فاخراً حينها.

وحلّل الباحثون، تحت إدارة فريق من "جامعة يورك"، أحماضاً أمينية مأخوذة من 17 هيكلاً عظمياً لبالغين، كُشف عنها النقاب في مدينة هركولانيوم الشاطئية الرومانية التي بقيت مطمورة تحت رماد البركان حتّى القرن الثامن عشر.

وعبر دراسة نسبة الكربون ونظائر النيتروجين في الأحماض الأمينية وتطبيق نموذج إحصائي، تسنّى تمييز فئات الطعام بدقّة عالية، وفق ما أفاد الفريق العلمي في الدراسة التي نُشرت في مجلّة "سيَنس أدفانسز".

وفّرت هركولانيوم "كنوزاً هائلة" من المعلومات أتاحت دراسة الأنظمة الغذائية التي كانت سائدة في تلك الفترة، لأن الكارثة الطبيعية قدّمت لمحة آنية عن عادات تلك الحقبة لعلماء الآثار، على ما قالت القيّمة الرئيسية على الدراسة سيلفيا سونتشين لوكالة "فرانس برس".

ومع أن ثوران البركان قضى على هركولانيوم ومدينة بومبي القريبة منها، تمكّن معظم السكان من الفرار في الوقت المناسب، على ما قال الأستاذ المحاضر في علم الآثار الحيوية أوليفر كريغ الذي شارك في هذه الدراسة.

واختار الفريق 11 رجلاً و6 نساء عشوائياً، من بين 340 شخصاً لقوا حتفهم على الشاطئ أو تحت منشآت حجرية معدّة لإيواء المراكب احتموا فيها.

وقالت سونتشين "اكتشفنا نسبة كبيرة من الأغذية البحرية في النظام الغذائي لهؤلاء الأشخاص، لا سيما مقارنة بسكان المتوسط المعاصرين". فهؤلاء كانوا يتناولون نسبة أعلى بثلاث مرات تقريباً من المأكولات البحرية، مقارنة بسكان المنطقة اليوم.

اكتشف الفريق أيضاً تفاوتاً ملحوظاً بين الرجال والنساء. فالذكور كانوا يستمدّون البروتينات من ثمار البحر بمعدّل أعلى بخمسين في المائة من الإناث. وكان الرجال يستهلكون أيضاً الحبوب أكثر بقليل من النساء، في حين كانت المرأة تستمدّ البروتينات من المنتجات الحيوانية والخضار والفواكه المزروعة محلياً.

ويعزى هذا الوضع إلى أسباب كثيرة، وفق فريق العلماء، منها احتمال أن يكون الرجال أكثر انخراطاً في أنشطة الصيد من النساء. كما أن بعض الأسماك، مثل التونا، كانت تعدّ من المأكولات الفاخرة في المجتمع الروماني، وكان الرجال أكثر قدرة على الحصول عليها.

ومن الأسباب الأخرى المطروحة، وجود عدد من المستعبدين والمستعبدين المحرّرين في هركولانيوم المعروف عنها أنها كانت منتجعاً شاطئياً للنخبة. وكانت حظوظ الرجال أعلى في الانعتاق من نير العبودية، وذلك في سنّ أصغر، ما قد يكون مكّنهم من تناول هذا النوع من المأكولات.

وقال كريغ "لدينا وسيلة ومقاربة لتحديد كمّية المواد الغذائية المستهلكة في الماضي، وما نريد فعله هو توسيع تطبيق هذه المنهجية في الزمان والمكان". وأمل أن يعكف لاحقاً على درس وتيرة تغيّر الأنظمة الغذائية عند انتقال الإنسان القديم من مجتمعات للصيادين وقاطفي الثمار إلى مجتمع زراعي.

(فرانس برس)

المساهمون