ربيع القاطي: الدراما المغربية تكرر نفسها

ربيع القاطي: الدراما المغربية تكرر نفسها

16 مارس 2021
القاطي: الدراما المغربية لم تتمكن من تسويق منتجها عربياً (Getty)
+ الخط -

يظلّ الممثل المغربي ربيع القاطي في طليعة الوجوه الفنية التي ذاع صيتها مغرباً ومشرقاً. ويكاد يكون حالة خاصّة داخل المشهد الفني المغربي، ومن التجارب القليلة التي استطاعت باحترافية أن تتجاوز الحدود الصغيرة. ربيع القاطي من الذين تلقوا داخل المغرب تعليماً مسرحياً مُهمّاً، إذ بالرغم من خبرته داخل المجال المسرحي، إلا أنّ اسمه برز بشكل كبير داخل أعمال تلفزيونية وسينمائية، كما هو الشأن داخل المسلسل الليبي "الزعيمان" لأسامة رزق، والذي جسّد فيه القاطي ببراعة دور الشخصية التاريخيّة الليبية سليمان الباروني. بمُناسبة فوزه بجائزة "سبتيموس" للإذاعة والتلفزيون والإبداع الفني في ليبيا كأفضل ممثل عن دوره هذا، التقته "العربي الجديد" في هذا الحوار الخاص:

* فزت قبل أيام قليلة بجائزة أفضل ممثل عن بطولتك في المسلسل الليبي "الزعيمان"(2020) لمُخرجه أسامة رزق. كيف تلقيت خبر الفوز، وخاصّة أنّ الجائزة من ليبيا وليس المغرب؟

سعادتي لا توصف وأنا أنال جائزة "سبتيموس" كأفضل ممثّل عن شخصية المناضل الليبي البطل سليمان باشا، وخاصّة أنّ هذه الجائزة من خارج المغرب. وهذا الأمر لم يكن بالشيء الهيِّن بالنظر الى قيمتها الأدبية والفنية وكذلك المنافسة القوية التي كانت محتدمة بين المرشحين في هذه الفئة. لكن أعضاء لجنة التحكيم أعجبوا كثيراً بأدائي الصادق لشخصية الباروني، فكانت الجائزة من نصيبي. وهي على العموم جائزة تضاف إلى مساري الفني، وتجعلني أكثر إصراراً على المضي قدماً في درب الاجتهاد والتميّز والسمو في مجال الفنّ.

* في "الزعيمان" قمت بأداء دور شخصية سليمان الباروني التي لعبت دوراً كبيراً في تاريخ ليبيا. ما شعورك كمثل مغربي، يخترق حدود الاشتغال داخل الدراما المغربيّة، وينفتح بشكل أكبر على الدراما العربيّة؟

تأدية شخصية الزعيم شيخ المجاهدين الليبي سليمان باشا الباروني لم تكُن بالأمر اليسير عليّ بالنظر إلى تداخل أبعاد هذه الشخصية السيكولوجية والمعرفية والاجتماعية والسياسية. وكذلك القيمة التاريخيّة والنضالية التي تحتلها هذه القامة الوطنية في تاريخ ليبيا ضد إيطاليا الفاشية. لكن إرادتي كممثل يُحبّ الاجتهاد والطموح كانت في مستوى هذا التحدي، لأني سخَّرت كل طاقاتي الفنية كممثل مُحترف لخدمة شخصية الباروني. فعلى المستوى المعرفي والوثائقي كان المخرج المتميّز أسامة رزق يمدني دائماً بمختلف المراجع والوثائق الرسمية، والتي كانت تؤرّخ للأحداث التي عاشها الباروني وتأثّر بها، وهذا ما مكّنني من رسم ملامح هذه الشخصية في مخيّلتي وتحديد خارطة طريق تسلكها شخصية الباروني من بداية أحداث المسلسل إلى نهايتها. وقد تأتى ذلك دائماً تحت الإدارة الذكية للمخرج أسامة رزق. أما في ما يخص انفتاحي على الدراما العربية كممثل مغربي، وكما أسلفت الذكر، فإنَّ طموحي كممثل يتجاوز حدود الوطن، بالنظر إلى إيماني بموهبتي وبقدراتي الفنية، والتي تجعل مني ممثلاً تتوّفر فيه شروط الانفتاح على العالمية وليس المحلية فقط.

* كيف استطعت أنْ تتغلّب على عامل اللهجة داخل الدراما الليبية؟ ثم ما هي الانطباعات الأولى التي ارتسمت في مُخيّلتك لحظة قراءة النصّ الدرامي؟

هناك تقاطعات كثيرة بين اللهجتين المغربيّة والليبية. أثناء اشتغالي مع الإخوة الليبيين في مسلسل "الزعيمان" لم أشعر أبداً بعامل اللهجة كعائق للتواصل، بل بالعكس من ذلك تماماً، بحيث كانت اللهجة نقطة قوّة وقنطرة معبّدة حققت التواصل الفعّال. أما في ما يخص انطباعي الأوّل حينما وقع نظري على أولى صفحات سيناريو مسلسل "الزعيمان"، فتأكدت أنني أمام حدث فني ملحمي كبير. ورأيت أنني كفنان عربي مغاربي سأحمل على عاتقي مسؤولية تاريخية جسيمة وأنا أجسد أحداث ووقائع شخصية المناضل وزعيم المقاومة الليبية سليمان باشا الباروني. لديّ ميل خاصّ لهذه العيّنة من الشخصيات، لأني أظنّ أنّ الظرفية الراهنة التي يعيشها العالم العربي، تقتضي منا فنياً السفر في تاريخ بلداننا العربية والغوص في تفاصيلها من أجل إلقاء الضوء عليها وإبراز مواقفها المشرّفة التي طبعت تلك الحقب التاريخية، حتى نستفيد من تجاربها ونستشرف من خلالها الحكم والمستقبل الأفضل لنا وللأجيال التي تلينا.

* بمنطق الخبرة وقدرتك على تجسيد عدّة أدوار داخل مسلسلات وأفلام عربية، ما مدى حدود التلاقي والتقاطع بين الدراما المغربيّة والعربيّة ككّل؟

بحكم تجربتي الفنية في الدراما التلفزيونية العربية والمغربية، يمكنني القول إنّ هذه الأخيرة قطعت أشواطاً مهمّة على مستوى التقنيات السينمائية، والتي يتم توظيفها تلفزيونياً في الأعمال التي تقدّمها من مسلسلات وأشرطة تلفزيونية لا تنقصُ في شيء عن مثيلاتها في الدراما العربية. لكن هذا لا يمنعني من الإشارة إلى معضلة التوزيع والانتشار وكذلك إشكالية السيناريو. ففي السنوات الخمس الأخيرة أصبحت الدراما التلفزيونية المغربية تكرّر نفسها بشكل مريب على مستوى المواضيع المتناولة فنياً. قد أصبحت أعمالنا التلفزيونية خصوصاً الرمضانية منها، تتوجّه إلى جمهور لا أظنّه ينتمي الى الجمهور المغربي الأصيل الذي يرفع دائماً سقف انتظاراته الفنية عالياً جداً. فضلا عن أن الدراما التلفزيونية المغربية إلى يومنا هذا لم تتمكّن من تسويق منتوجها بالشكل اللائق عربياً، إذا استثنينا في هذه الحالة التجربة الفتية التي تخوضها الآن مجموعة MBC من خلال قناة MBC5 في المغرب.

المساهمون