دلتا غودرِم... على جسر يعبر الظلام

قبل أيام، أصدرت المغنية والممثلة الأسترالية دلتا غودرِم ألبوماً جديداً بعنوان Bridge over Troubled Dreams، وهو الألبوم الرسمي السابع في مسيرتها. المتابع لمسار دلتا غودرِم الفني سيدرك أنها ضلت الطريق بعد انطلاقتها النارية بألبوم Innocent eyes عام 2003، إذ إنها لم تتمكن من إصدار ألبوم يوازيه بالسوية الفنية أو النجاح منذ ذلك الحين؛ فكان مسارها الفني يمضي بخط تنازلي، ابتداءً من ألبومها الثاني Mistaken Identity.

فعلى الرغم من احتوائه على أفضل أغنية شاركت غودرم  بصناعتها، أي Almost Here، بالمشاركة مع براين مكفادين، إلا أنه كان يفضح مشكلة غودرِم بشكل واضح، فهي تملك هوية فنية ناقصة تضعها في مكانة بين نجوم البوب الذين يعرفون طريق النجاح المضمون ويتقيدون بمعاييره الإنتاجية وبمتطلبات السوق وتبدلاتها، وبين فناني البوب البديل المؤثرين القادرين على تغيير تلك المعايير وتطويرها.

فعلياً، لم تنجح دلتا غودرِم، منذ ذلك الوقت، بتحقيق هذا أو ذاك، وانطفأت شعلة نجاحها تماماً بعد ألبومها الثالث الذي حمل اسمها عام 2007، لتتخطى حينذاك عتبة العشرين من عمرها وتتوقف التكهنات حولها، التي غالت بتقييمها باعتبارها قادرة على أن تكون من أفضل نجوم البوب العالمي في المستقبل.

في الألبوم الجديد، تبدو غودرِم وكأنها قد صحت أخيراً من كبوتها، ففيه تعود لتلتقط الصوت الذي أضاعته عندما كانت طفلة بعد ألبومها الأول، لتجد هويتها مجدداً بعد أن أصبحت امرأة ناضجة في الثلاثينات؛ فهي تعود مجدداً لتعتمد على آلة البيانو بشكل رئيسي، لتكون البوصلة الرئيسية التي تحدد اتجاهها، لتتمكن مجدداً من إيجاد التناغم بين الطبقات الصوتية التي تستخدمها، ما بين "الباور بوب" وطبقة الصوت الدافئة والرقيقة التي تملكها.

ما يميز ألبوم Bridge over Troubled Dreams هو كونه ألبوماً ذاتياً، فيه تواجه دلتا غودرِم الحقيقة لأول مرة، ليتمحور الألبوم حول الشهرة والخوف والفشل في الارتقاء إلى مستوى التوقعات؛ بذلك تبني غودرِم جسرها فوق الأحلام المضطربة، وتطرح هواجسها في إطار موسيقي يمزج بين موسيقى البوب الشعبية والمستقلة، بالتزامن مع طرحها كتاباً يتضمن سيرتها الذاتية.

يتكون الألبوم من 12 أغنية، تبدأها بدفء مع آلة البيانو، وترسم بالكلمات المليئة بالصور الشعرية مسار رحلتها. تعلن تارةً عن خوفها، فتقول: "هناك خوف مع كل خطوة"، لكنها تشير أيضاً إلى خط الأمل المتصل الذي تسير وفقاً له في طريقها الوعر، فتقول: "جبلان! أنا عالقة في المنتصف، لا أستطيع رؤية الغابة قبل الأشجار. هذا التسلق يكسرني قليلاً، لكن أؤمن في أعماقي أن هذا الوادي الوحيد قد يؤدي إلى جسر فوق الأحلام المضطربة". وترافق ذلك جمل اعتراضية تعبر عن إدراك غودرِم أن عامل الزمن لا يقف لصالحها، منها: "أرى خطوطاً جديدة على وجهي، لقد فقدت بعض القوة التي لا يمكن استبدالها. هل أنا متعبة جداً ولا أقوى على الشفاء؟ وهل ندباتي باتت مكشوفة للغاية؟".

هذه الرحلة الرمزية، التي تكشف عنها غودرِم في السطور الأولى من ألبومها، توضّح وجهتها مع الأغنية الثانية، Everyone's Famous، عندما تقول: "النجوم في السماء، وخلال العبور نحوها أتعثر في الظلام. أتساءل لماذا بعد أن حاولت: هل كنت منتشية؟ الجميع مشهورون".

تغالي غودرِم بعد ذلك بتوصيف العقبات لتضعها بكفة لا يمكن تخطيها دون تقديم تنازلات، قبل أن تسترسل بتساؤلاتها: "هل أنت مستعد للرقص مع الشيطان؟"، لتشير إلى أن النجاح في عالم موسيقى البوب بات مرتبطاً اليوم بجملة من التنازلات التي تجعل الفن يفقد قيمته، قبل أن تطرح بنهاية الأغنية نماذج لنجوم من طبيعة مختلفة، تتمنى أن تدرك طريقهم، فتذكر ماريا كيري وويتني هيوستن وشير. تستكمل غودرِم حديثها النوستالجي عن نجوم الزمن السابق والمعايير المختلفة في أغنية Dear Elton التي توجهها لإلتون جون.