دعاء لبة... الريمكس الشعبي في مواجهة الإقصاء

دعاء لبة... الريمكس الشعبي في مواجهة الإقصاء

09 يناير 2022
أغلب الريمكسات طاولت أغاني دوا ليبا (زاكاري مازور/Getty)
+ الخط -

موضة الريمكس الشعبي التي بدأت تدرج في مصر منتصف العام الماضي، وتعتمد بشكل رئيسي على إعادة توزيع أغاني البوب الأجنبية الرائجة بالاعتماد على الإيقاعات الشرقية وتقنيات الموسيقى الإلكترونية الشائعة في أغاني المهرجانات، لا يمكن قراءتها بمعزل عن المعركة الدائرة بين نقابة المهن الموسيقية في مصر التي يتزعمها هاني شاكر وبين فناني المهرجانات. وقد توسع جمهور هذا النوع الموسيقي خارج نطاق البيئة الحاضنة لها بشكلٍ واضح، بعد جرعة التعاطف الإضافية التي ولدتها قرارات المنع، وما ترمز إليه من أفكار إقصائية.

هذه الريمكسات تبدو انعكاساً كاريكاتيرياً للانفتاح الذي تشهده موسيقى المهرجانات على أساليب الأداء والجماهير التي لا تنتمي لبيئتها أو جمهورها الأصيل والأصلي. كما أنّها تتزامن مع التغييرات الأخرى التي بدأت تظهر بشكل واضح في موسيقى المهرجانات، وقد تمثلت بأساليب المهادنة مع الأغاني المينسرتيم العربية، في الموجة التي يتسيدها الثنائي سيف مجدي وعمر الكروان، فتجعل من موسيقى المهرجانات أكثر ألفةً مع اقترانها بأساليب أداء جديدة، وبأصوات فنانين عالميين من أمثال دوا ليبا، وإيد شيران، وتيلور سويفت، وسيا وآخرين.

بالتأكيد، إنّ إنتاج الريمكسات للأغاني العالمية باستخدام الإيقاعات والنغمات الشرقية ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، فمنذ التسعينيات يتم إنتاج هذا النوع من الأغاني باستخدام صوت الدربكة (الطبلة) بإيقاعات اللف البسيطة والإيقاع البلدي والمقسوم؛ لكنّ التطور الذي طرأ على هذا النوع العام الماضي يتمثل بالمنحى الذي تسير عليه لتقترب من موسيقى المهرجانات؛ بالإضافة للاهتمام الواضح بالبوسترات المرفقة بالأغاني وما تحتويه من تسميات وكلمات، تتقصد تدعيم الحس الفكاهي بالعمل الفني، وتؤدي لانتشاره على نطاق أوسع بالتالي.

وقد ساهم الأسلوب الفكاهي المعتمد في تعريب أسماء بعض الفنانين وأسماء الأغاني في ازدياد جماهيرية هذا النوع الموسيقي؛ لا سيما اسم دعاء لبة، الذي بدأ منذ خمسة أشهر ينتشر على منصات متعددة وبكثافة كبيرة، مع كلّ نسخة ريمكس شعبية يتم إنتاجها لأغاني الفنانة الإنكليزية دوا ليبا؛ فطرافة الاسم جعلت من الأغاني التي تحمله تحظى بانتشار أوسع.

وقد تم استخدام الاسم للمرة الأولى في ريمكس لأغنية Levitating الذي أنتجه "توني بروداكشن"، وعزز انتشاره المنتج الموسيقي محمد أحمد، عندما أعاد إنتاج نسخة ريمكس شعبي لذات الأغنية تحت عنوان "مستكنيصة"، وصمم بوستر طريفاً لها؛ ليفتح الباب أمام عشرات الإنتاجات الجديدة التي حملت إمضاء الفنانة الافتراضية دعاء لبة، قدمتها منصات مختلفة؛ لتشمل أغاني Blow Your Mind وNew rules التي حملت اسم "قوانين جديدة" وphysical التي حملت اسم "يلا نخربها"؛ بالإضافة للعديد من النسخ التي أعدها منتجون آخرون لأغنية Levitating ذاتها، التي تعتبر الأكثر شيوعاً في هذا اللون اليوم.

تعتمد صناعة الريمكسات الشعبية على الآلية ذاتها؛ إذ يُستغنى عن الإيقاعات الأساسية في الأغاني الأصلية وأصوات الـ"بيس غيتار" ليتم استبدالها بإيقاعات شرقية، وتضاف بعض النغمات الشائعة في موسيقى المهرجانات وبعض لحظات الصمت أحياناً لتعزز دور الإيقاع، ولا يرافقها سوى الكلمات الإنكليزية بصوت المغني الأصلي.

لم يشذّ عن هذه القاعدة سوى أغنيتين حتى الآن، إحداهما حملت إمضاء دعاء لبة إلى جانب أم كلثوم، لتكون الأغنية خليطاً غير متجانس بين أغنيتي Love again  و"حب إيه". والأغنية الأخرى هي Shape of You لإيد شيران، التي يكسرها صوت عمرو دياب بمقاطع محدودة من أغنية "دايماً ولله في بالي" بحرفية عالية تزيد النسخة العربية جمالية، لتكون واحدة من أفضل الريمكسات الشعبية التي أنتجت حتى اليوم. 

المساهمون