"دستور يا أهل المقام"... رحلة في الذاكرة المقدسية

11 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 10:27 (توقيت القدس)
سيمرّ المشاركون بمحطات متعددة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نظمت مؤسسة رواق بالتعاون مع مجلس الخيال فعالية "دستور يا أهل المقام" في قلنديا البلد، لإحياء الطقوس الشعبية القديمة وتعزيز الجسور الثقافية بين الماضي والحاضر من خلال جولة حسية يقودها أحمد نبيل.

- تأتي الفعالية ضمن مشروع توثيقي لجمع الحكايات الشعبية في ريف القدس، بدعم من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية، بهدف إحياء المعرفة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية في القرى المتأثرة بجدار الفصل.

- تؤكد المهندسة آية طحان أن الفعالية تهدف لتوثيق الحكايات الشعبية كجزء من التراث الفلسطيني، مع خطط لتوسيع البحث وتنظيم فعاليات مشابهة لتعزيز الذاكرة والهوية.

تنظّم مؤسسة رواق، بالتعاون مع مجلس الخيال في القدس، تجربة تفاعلية فريدة بعنوان "دستور يا أهل المقام" اليوم السبت، في قلنديا البلد. تنطلق الفعالية بجولة مع أحمد نبيل تبدأ من قصر الحُقيّة، في رحلة عبر الزمن لاكتشاف عالم مقامات الصُّلّاح، وفتح نافذة على التاريخ الشفوي، والقصص الشعبية، وحكايات الخوارق المرتبطة بهذه الأماكن. خلال الجولة، سيخوض المشاركون تجربة حسية تمرّ بمحطات متعددة في قلنديا، يتفاعلون فيها مع القصص المحكية، ويغادرون محمّلين بذكريات وحكايات منسية.

تهدف الجولة إلى إحياء الطقوس الشعبية القديمة التي كانت تمارس في المقامات، وإبراز كيف تشكّل هذه الأماكن جسوراً بين الماضي والحاضر، والإنسان والمكان، مع التوقف عند حكايات من بيت حنينا البلد وكفر عقب والجيب وسائر قرى ريف القدس. تأتي الفعالية ضمن مشروع توثيقي موسّع لجمع الحكايات الشعبية المرتبطة بريف القدس، بدعم من مؤسسة جيردا هينكل الألمانية.

توضح آية طحان، المهندسة المعمارية والمسؤولة عن الترميم في قلنديا البلد، أن هذه الفعالية جزء من عمل أوسع تقوم به مؤسسة رواق منذ عام 2017 في قرى شمال غرب القدس المحتلة وشمال شرقها، بهدف إحياء البلدات التاريخية، ليس من خلال ترميم مبانيها فقط، بل بإحياء المعرفة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي ربطت هذه القرى ببعضها. تقول طحان إن المؤسسة نفّذت خلال السنوات الماضية مشاريع ترميم وأبحاثاً ميدانية وتنقيبات أثرية تناولت مصادر المياه والإنتاج والأسواق والحرف التقليدية، في محاولة لفهم الترابط القديم بين هذه القرى. وتضيف أن اهتمام رواق بهذه المناطق جاء نتيجة تغييبها بعد بناء جدار الفصل والضم عام 2002، الذي عزلها عن القدس وقطع عنها حاضنتها الطبيعية، ما انعكس سلباً على اقتصادها ونسيجها الاجتماعي، وقطع أوصال القرى التي كانت يوماً مترابطة ومتفاعلة. تؤكد طحان أن رواق رأت ضرورة إعادة استكشاف ريف القدس من مختلف الجوانب، بما في ذلك الموروث الثقافي المادي وغير المادي. ومن هذا الاهتمام وُلدت فكرة المشروع الحالي، الذي يسعى إلى تعميق المعرفة بالتراث اللامادي، خصوصاً ما يرتبط بالمقامات والقصص الخارقة والعادات الشعبية القديمة.

تشرح طحان أن هذه الطقوس والعادات تعبّر عن صلة الفلسطيني العميقة بمكانه، وعن علاقة متجذّرة بين الإنسان وأرضه، إذ تحمل كل حكاية أثر موقع تاريخي يعود إلى آلاف السنين. وخلال البحث، اكتشف الفريق أن كثيراً من هذه الممارسات متوارثة منذ العصور الكنعانية، وتشكل اليوم جزءاً أصيلاً من الهوية والوجود الفلسطيني. تبيّن طحان أن الفعالية جاءت ثمرة بحث مشترك بين رواق ومجلس الخيال في القدس، الذي يهتم بدراسة القصص والخوارق المرتبطة بالمقامات. وتوضح أن الهدف من هذا التعاون هو إعادة وصل الحكايات الشعبية بين القدس وريفها، وتوثيقها بوصفها جزءاً من التراث الفلسطيني، لا لإحيائها كخرافات، بل لحفظ الذاكرة الجماعية وتعريف الناس بجذورها.

وجاءت الفعالية بعد سلسلة من جلسات التاريخ الشفوي مع كبار السن في قرى قلنديا البلد والجيب وبيت حنينا البلد وكفر عقب، جُمعت خلالها حكايات متوارثة، تتنوع بين قصص عن الجنّ والمقامات والأولياء الصالحين، وما ارتبط بها من طقوس قديمة. استعاد الأهالي عبر هذه الجلسات ذكرياتهم عن العادات والمعتقدات الشعبية المرتبطة بالمقامات والعيون والقبور والأماكن المقدسة، حيث كانوا يضيئون السرج عند شجرة أو صخرة أو مقام ذي رمزية خاصة. ومن هذه الشهادات، نسج الفريق القصص، وربطها بالمواقع الأصلية التي حافظت على حضورها في الذاكرة الشعبية حتى اليوم.

تختم طحان بالقول إن هذه الفعالية تشكّل جزءاً من مشروع أوسع بعنوان "إعادة إحياء الريف المقدسي"، الذي تعمل من خلاله مؤسسة رواق على تنفيذ أبحاث معمّقة حول تراث ريف القدس، ومن بينها دراسة المقامات والعادات المرتبطة بها. وتضيف أن المؤسسة تتطلع إلى توسيع نطاق البحث ليشمل قرى جديدة، مع خطط لإعادة تنظيم الجولة وفعاليات مشابهة في الربيع المقبل، لتواصل رواق بذلك ربط الإنسان بالمكان، والذاكرة بالهوية، في وجه محاولات الطمس والعزل التي تعيشها القدس وريفها منذ عقود.

دلالات
المساهمون