دريد لحام على "سي أن أن بالعربية"... نطق كفراً

دريد لحام على "سي أن أن بالعربية"... نطق كفراً

15 فبراير 2021
الممثل السوري دريد لحام (فيسبوك)
+ الخط -

بعد غياب أعوام، عاد الفنان السوري دريد لحّام إلى واجهة الحدث السياسي، ليعيد كل ما قاله سابقاً وعبّر فيه عن موالاته للنظام منذ 2011، باستثناء التطبيع مع إسرائيل، الموجة الجديدة التي قال إنه ليس ضدها لكن بشروط.
ورغم تكرار ما قاله لبرنامج "شربل يستقبل" على "سي أن أن" بالعربية، إلا أن السخط الذي واجهه في مواقع التواصل، لا يردّ على أمر قيل في الفعل الماضي الناقص، ذلك أن النظام حي يرزق، الشعب كذلك بالمعنى البيولوجي، لكن وفق ما يردده لحّام من كلمة "كرامة" و"حرية تعبير"، فإن صفة التكرار لا تعني التشابه الممل، إلا إذا اعتبرنا الجروح النازفة حدثاً مملاً مكرراً.
وغالبية ما استفز جمهوراً واسعاً من متابعي الحلقة، تقييمه للثورة السورية التي وصفها بـ"التخريب". وما بين طريقة لحّام المعروفة في التعبير الإنشائي عن الوحدة العربية، والإرادة، وحب الوطن، والتكاتف ووضع اليد في اليد، ظهر في البرنامج مناقضاً لنفسه في غير مكان، أو مناقضاً لما قاله سابقاً، كأن عبارة "كلام الليل يمحوه النهار" أكبر مبيد لفكرة الأرشيف. فأي ثورة هذه التي تهجّر شعبها؟ محدثاً مضيفه عن بعد في صالون منزله بدمشق.
ووفقاً له فإن وصفة الثورة الحقيقية التي تحمل "علائم الخير" هي أن "نرفع صوتنا لا البنادق. نصرخ بأعلى ما نستطيع. أن نكون يداً واحدة ضد ظلم نتعرض له. لأن الرصاصة تجلب رصاصة والقنبلة تجلب قنبلة". وإذ يشير إلى أن نصف مدن سوريّة مدمّر، وهناك ملايين من السوريين مهجّرون أو مهاجرون، ويعيشون في الخيام في بلدهم أو في الشتات، فإن لحّام يرفض حتى تقاسم المأساة السورية بين النظام ومعارضيه.
في إحدى التغريدات على تويتر تقول إن تصريحات لحّام عن الثورة "أحقر بمليون مرة (من باقي التصريحات) وكأن لدى الثورة براميل".

وفقاً له فإن وصفة الثورة الحقيقية التي تحمل "علائم الخير" هي أن "نرفع صوتنا لا البنادق. نصرخ بأعلى ما نستطيع. أن نكون يداً واحدة ضد ظلم نتعرض له. لأن الرصاصة تجلب رصاصة والقنبلة تجلب قنبلة"

وفي هذا السياق الدامي لا يُتوقع إلا الكثير من الغضب يقابله الدفاع عما قاله الفنان الشهير، بين رافضي النظام ومواليه. غير أن لحّام لا يجد أي تناقض في اصطفافه مع النظام السوري، ويرى فيه البلد الذي تتوافر فيه حرية التعبير، ما يجعل دمار سورية على عاتق أي قوة في العالم ما عدا النظام.
أما إذا ترك المجال له، كما وقع في الحلقة هذه، وطلب منه نصيحة للحكام العرب، فإنه يستخدم الكليشيه الصحافي الشهير "غالبية الدول" أو "بعض الدول" حتى لا تحدد هوية المحكي عنه. يريد الفنان ألا تكون كراسي الحكام "كراسي تيفال"، مشيراً إلى الأواني التي لا يلصق بها الطعام.

وفي حالة سلطة الكرسي الذي يلصق بالحاكم، فإن أي فعل مضاد لها، حق مكفول في العالم ما عدا سورية. لماذا؟ لأن دريد لحّام يعيد القول إن في بلاده حرية تعبير متمثلة في نماذج درامية بينها "بقعة ضوء" و "ببساطة". أكثر من ذلك يقول الأرشيف إن مسرحيات الفنان حظيت بدعم الرئيس الراحل حافظ الأسد، وأنها كانت تمتلك "سقفاً مرتفعاً"، وتشكّل "متنفساً للناس". ورد هذا عام 2019 في حديثه لصحيفة "مهر" الإيرانية. وهو مع ما قاله هذا الأسبوع لـ"سي أن أن"، يعيد أي متابع إلى تعريف الأشياء بشكلها المعجمي السياسي البسيط. هل كان نظام حافظ الأسد دكتاتورياً، شمولياً، مستبداً، دموياً، جمهورياً وراثياً، عائلياً؟ إذا اختيرت أي من هذه الصفات، فكيف يستوي القول إنها كانت حرية تعبير سقفها مرتفع؟ يميز الفنان السوري في بداية الحديث ما بين "المهجّرين" و"المهاجرين"، ويفهم من السياق أن هذه الملايين المهجرة كانوا ضحايا "تخريب سورية"، يتبعهم المهاجرون الذين ضاقت بهم السبل فتركوا الوطن.
وفي خاتمة حديثه يعدل الوصف فلا يرى إلا مهجّرين، هؤلاء المهجرون يفصّلهم على النحو التالي: لأسباب أمنية، أو بسبب رأي، أو لأن عنده اختصاصاً في بلده الذي لم يستوعبه. هؤلاء مهجرون بفعل فاعل، لا يمكن لدريد لحّام أن يحدده سياسياً. أيضاً لماذا؟ لأنه يرفض أن يكون سياسياً، وأن ينخرط في أي شأن سياسي، مع أن ثلثي ما جاء على لسانه، وفي حواراته السابقة منذ 2011 سياسي، الأمر الطبيعي، ولم يفكر أحد في نفيه منذ اليونانيين القدماء الذين قال فلاسفتهم "الإنسان حيوان سياسي".
وفي تناقض آخر جلي، يرفض لحام عودة سورية إلى الجامعة العربية التي تسببت في "أذية" بلاده، لكنه يطالب بألا تكون اجتماعات السوريين في جنيف وغيرها، وإنما في قلب الجامعة العربية.  أكثر منذ ذلك، إذا جلس الجميع حول طاولة مستديرة في الجامعة العربية "وناقشوا القضايا التي ليست خلافية يمكن أن يصبح وضعنا أفضل".
هكذا يرى لحّام أي نقاش، ينبغي له ألا يفتح مواضيع يمكن أن تتناول قضية يختلف عليها اثنان، مع أنه يؤكد أن "الفرج غير قادم" خلال السنوات المقبلة بسبب "التعنت" بين قوى "تخرب" البلد ما عدا فريقاً واحداً، وهو أمر لا يستوي في الصراع السياسي، الذي يفترض أنه يقوم بين أقطاب شرعية، لا بين نظام حكم ومخربين.
آخر المطاف، يدلي لحّام بدلو سياسي كبير، في العادة يكون من حصة أكبر رأس دبلوماسي في البلاد، وهو ما يتعلق بـ"التطبيع". ولدى حديثه عن "لعبة دولية" لتفتيت العرب يتحدث عن تطبيع دول بعيدة آلاف الكيلومترات عن إسرائيل، وليس بينها حرب، فلماذا التطبيع؟ أما تطبيعه الذي قال إنه "ليس ضده" فمشروط بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة دولة قابلة للعيش، وفق مبادرة القمة العربية في بيروت 2002.

سينما ودراما
التحديثات الحية


ويلاحظ بعض منتقدي حديثه الموغل في السياسة هنا، أن دريد لحام تورط في ركوب موجة ملاصقة للتطبيع المجاني الذي تخوضه دول عربية هذه الأيام. فالحديث عن التطبيع وشروط تحليله (ليصبح حلالاً) هو أكثر ما تستطيبه الأنظمة المهووسة بإسرائيل الآن. فهو لا يتحدث عن صراع ضد مستعمر (لم يأت على ذكر الجولان)، بالقدر الذي ينتقد خطف دول بعيدة للتطبيع، وفرض وقائع جديدة تجعل الفنان الذي لا يريد الحديث في شأن سياسي، متحمساً لقول شيء، كان يمكن تجنبه بالحديث عن حقوق عربية، تاركاً لمعركة الميدان والسياسة أن تمضي، دون إعطاء رصيد إضافي لمطبّعين، بدوا من خلال كلماته كأنهم مستعجلون أكثر منه.

المساهمون