دراسة غير مسبوقة عن مهرجانات الموسيقى الصاخبة لتفادي الحوادث المميتة

دراسة غير مسبوقة عن مهرجانات الموسيقى الصاخبة لتفادي الحوادث المميتة

27 يونيو 2022
تشكل هذه الممارسات ساحة اختبار مثالية للباحثين (لويك فينانسي/فرانس برس)
+ الخط -

اختلط أشخاص يضعون قبعات برتقالية ويحملون أجهزة استشعار بحشود المتمايلين رقصاً على وقع الموسيقى في مهرجان هيلفيست ميتال في فرنسا. هؤلاء هم علماء يُجرون دراسة غير مسبوقة عن تحرّكات الجماهير في مثل هذه الحفلات، سعياً إلى تحسين الإجراءات لتجنّب التدافع والحوادث المميتة خلالها.

ويقول جوليان بيتريه، وهو باحث في المعهد الفرنسي للبحوث في العلوم والتكنولوجيا الرقمية (إنريا)، التابع لجامعة رين في بروتاني شمالي غرب فرنسا، "يهدف وجودنا في هذا المكان إلى فهم الحوادث التي تُسجل بين الجماهير الحاشدة وكيفية تجنّب المخاطر الناجمة منها".

ويترأس بيتريه برنامجاً أوروبياً أطلقت عليه تسمية كراود دي إن إي، انطلق في العام 2020 بمشاركة باحثين ألمان وإنكليز وإسبان.

وعن السبب الكامن وراء اختيار مهرجان هيلفيست الذي يُختتم الأحد، يقول الباحث إنّ هذا الحدث تتخلّله "رقصات مرتبطة بالموسيقى السائدة فيه ما سيدفع الحاضرين للتفاعل جسدياً في ما بينهم".

ويتمركز بيتريه إلى جانب فريقه في بناء مسبق الصنع مثبّت خلف المسرح الرئيسي الخاص بالمهرجان، ويعتزمون البقاء فيه خلال أيام المهرجان كلها.

وأصبحت بعض الممارسات بمثابة طقوس أساسية تؤدّى في مهرجانات الموسيقى الصاخبة، من بينها "سيركل بيتس" (حيث يركض الحاضرون بسرعة ضمن دائرة)، و"وولز أوف ديث" (يُقسم الأشخاص إلى مجموعتين تفصلهما مساحة معينة ثم يركضون باتجاهها مصطدمين ببعضهم)، بالإضافة إلى رقصات البوغو وحمل أحد الحاضرين من قبل الحشود ورفعه في الهواء.

وتشكل هذه الممارسات ساحة اختبار مثالية للباحثين.

ويقول بيتريه: "نحن أشبه بعلماء يتولّون مراقبة النجوم. لكنّ التلسكوب لمراقبة الحشود غير موجود في الواقع، لذلك نعمل على طرق مختلفة للحصول على المعطيات".

وبهدف مراقبة المجموعات الراقصة في هيلفيست ميتال، أجازت إدارة المهرجان لـ"إنريا" استخدام اللقطات التي تصوّرها بشكل مستمر الكاميرات المثبتة على أبراج المراقبة الخاصة بـ "وورزون"، وهو أحد المسارح الستّة التابعة للمهرجان.

ويتولّى متطوعان من فريق الباحثين الصغير، مرّة إلى مرتين خلال اليوم، ارتداء لباس مجهّز على طول الجسم بأجهزة استشعار تسجّل تحرّكات الحاضرين في المهرجان. أمّا القبعتان اللتان يضعانهما فتتيحان للفريق مراقبة الحاضرين عبر الفيديو.

ومع أنّ اللباس الخاص بمجموعة الباحثين لا يمكن تمييزه في المهرجان المعروف بارتداء الحاضرين فيه ملابس غريبة، إلّا أنّ المتطوعين يرتدون قمصاناً كُتب عليها "هيلفيست ميتال وإنريا يتعاونان لدراسة تحركات الجماهير" بهدف لفت انتباه الحاضرين.

كذلك، يختلط الباحثون مع جمهور إحدى الحفلات مرّة أو مرّتين خلال اليوم.

ويقول طالب الدكتوراه في معهد إنريا توماس شاتانيون (25 عاماً): "نحاول أن نلجأ إلى مختلف الوسائل" للحصول على معطيات. وعُهدت إلى أحد المتطوعين مهمة الاختلاط بالحشود المشاركة في "سيركل بيتز" أو أولئك الذين يركضون في "وولز أوف ديث"، فيما طُلب من متطوّع آخر أن يسمح للحاضرين بحمله أو أن تتبعه الحشود الحاضرة في المهرجان.

ويؤكد الباحث الشاب أنّ اللحظات الأكثر خطورة هي تلك التي يفقد خلالها المتطوعون توازنهم.

ولا تُعتبر الممارسات السائدة في المهرجان من أمثال "وولز أوف ديث" و"سيركل بيتز" الأكثر خطورة. ويقول شاتانيون إنّ هذه الطقوس "تخضع للسيطرة ولا يشارك فيها إلّا من يرغب في ذلك. أمّا الحوادث فتُسجل عند وجود أشخاص لم يرغبوا في المشاركة فيها".

وتُقرن المعطيات التي يجمعها المتطوعون في ساحة المهرجان بمقاطع الفيديو المسجلة، بهدف وضع نماذج رقمية لتحرّكات الأشخاص الذين ركّز عليهم المتطوعون.

وتسعى هذه الخطوة إلى هدف بسيط لكنّه طموح، يتمثّل في ابتكار أدوات إلكترونية جديدة من شأنها أن تؤدّي إلى الكشف عن العلامات التحذيرية المرتبطة باحتمال وقوع حادث معين أو تدافع مأساوي على غرار ذلك الذي سجل خلال حفلة راب نُظمت في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2021، ضمن مهرجان أسترو وورلد في هيوستن في الولايات المتّحدة، وأسفر عن مقتل تسعة أشخاص وجرح المئات.

ويقول المسؤول عن الدراسة: "عند رصد العلامات الصغيرة لانتشار تحرّك بين الجماهير، نستطيع تنبيه مدير المهرجان الذي يعود له قرار التدخل لتفريق الحشود".

ومن المفترض أن تستمر الدراسة التي تُجرى كذلك في أحد المختبرات أو الملاعب أو الأماكن العامة التابعة للبلدان المشاركة فيها، حتى العام 2024.

ويقول الباحث: "نأمل في أن نعاود المجيء إلى هيلفيست ميتال السنة المقبلة".

(فرانس برس)

المساهمون