دراسة تتتبّع الأصل الآسيوي للأميركيين الأصليين

دراسة تتتبّع الأصل الآسيوي للأميركيين الأصليين

18 يوليو 2022
تكشف الدراسة عن طريق هجرة محتمل على طول المنطقة الساحلية لشرق آسيا (Getty)
+ الخط -

نجح باحثون في تحديد تسلسل جينوم الحفريات البشرية القديمة من العصر الجليدي المتأخر جنوب الصين. وتشير البيانات التي نشرت في 14 يوليو/ تموز، في مجلة كارنت بيولوجي، إلى أنّ أشباه البشر ينتمون إلى فرع منقرض من الأمهات من البشر المعاصرين، ربما يكون قد ساهم في نشأة الأميركيين الأصليين.

وفقاً للدراسة، فإنّ نتائج دراسة وتتبع الحمض النووي القديم من جمجمة عمرها 14 ألف عام، وجدت جنوب غرب الصين، تخبرنا بشكل قاطع أنّ الناس في كهف رد دير (Red Deer) كانوا ينتمون إلى الإنسان العاقل بدلاً من أنواع قديمة، مثل إنسان نياندرتال أو دينيسوفان، على الرغم من سماتهم المورفولوجية (أي السمات الشكلية) غير العادية، وكانت لهم روابط وراثية بأسلاف من شرق آسيا للأميركيين الأصليين.

عام 1989، اكتشف باحثون الجمجمة التي تخص فرداً يعرف باسم مينغزي رن (Mengzi Ren)، في كهف رد دير في مقاطعة يونان في الصين. منذ ذلك الحين، أثير جدل حول ما إذا كانت الجمجمة تنتمي إلى إنسان قديم، مثل إنسان نياندرتال أو دينيسوفان، أو عضو في جنسنا البشري. واستمرت الأبحاث حول العينة، لكن لم يتمكن الباحثون من وضع أي دراسة قاطعة.

في الدراسة الحالية، أثبت الفريق الذي يقوده بينغ سو، من معهد كونمينغ لعلم الحيوان في الأكاديمية الصينية للعلوم، والمؤلف الرئيسي في الدراسة، أنّ مينغزي رن كانت أنثى من نوع الإنسان العاقل (هوموسابيان)، وفقاً لنتائج تحليل الحمض النووي القديم من العينة. حلل الفريق تسلسل جزء بسيط من إجمالي الجينوم، أي فقط مائة مليون قاعدة "دي إن إيه"، لكنّ هذا كان كافياً لتحديد هوية الفرد على مستوى الأنواع.

في تصريح لـ"العربي الجديد"، قال سو إنّ لحظة الحصول على نتائج التحليل كانت لحظة مثيرة، إذ من الصعب العثور على الحمض النووي القديم في مثل هذه العينة. بعد ثلاث سنوات من محاولة استخراج الحمض النووي من نحو مائة بقعة على الجمجمة، وجدوا الحمض النووي القديم الذي يمكنهم تحليل تسلسله. وبسبب قدم العينة، لم يكن العلماء واثقين أنّهم سيجدون عينة حافظت على خصائصها وقادرة على أن تشكل جملة مقارنة.

أضاف سو أنّ النتائج تشير بوضوح إلى أنّ من المحتمل أن يكون التنوع الجيني وكذلك المورفولوجي للمجموعات البشرية الحديثة في جنوب شرق آسيا، خلال العصر البليستوسيني المتأخر، غنياً جداً، كما يتضح من سلالة الميتوكوندريا (المقصود الحمض النووي الموجود في عضيات الخلايا البشرية).

لفت التحليل أيضاً إلى أن العينات تعود لشخص يرتبط ارتباطاً وثيقًا بالأصول الشرق آسيوية التي ساهمت في ظهور الأميركيين الأوائل. عبر مقارنة جينوم مينغزي رن بالجينوم القديم من جميع أنحاء العالم، كشف الفريق عن أوجه تشابه جينية بين الأفراد والأشخاص الأحياء من أصل شرق آسيوي، وكذلك السكان الأميركيين الأصليين. جرى الاستدلال سابقاً على الأصل الشرق آسيوي للأميركيين الأصليين من خلال تحليل الحمض النووي للأشخاص الأحياء.

قال المؤلف الرئيسي في الدراسة: "هذه هي المرة الأولى التي نتتبع فيها تسلسل جينوم شرق آسيوي قديم من الوقت الذي كان الناس يهاجرون فيه إلى أميركا، ما يساعد على تأكيد الأصل الشرق آسيوي للأميركيين الأصليين". وبناء على هذا التحليل الجيني، يعتقد الباحثون بأن بعض أسلاف الأميركيين الأصليين ربما سافروا شمالاً على طول الساحل الشرقي للصين الحالية، وكذلك عبر الجزر اليابانية، قبل العبور إلى أميركا عن طريق سيبيريا ومضيق بيرنغ في روسيا.

"تُظهر هذه الدراسة قوة تسلسل الجينوم لعينات الأحافير في تحديد هوية الأنواع، فضلاً عن التركيب الوراثي للسكان خلال العصر الجليدي المتأخر، وتكشف عن طريق هجرة محتمل على طول المنطقة الساحلية لشرق آسيا، ما أدى في النهاية إلى انتشار السكان في العالم الجديد" وفقاً لسو.

وأشار المؤلف إلى أنّ نشر الجينوم البشري في أواخر العصر البليستوسيني سيلفت انتباه الناس إلى هذه المناطق الجغرافية المهمة، والتي من المحتمل جداً أن تكون أقرب محطة وصول للإنسان الحديث من أصل أفريقي في شرق آسيا. بالإضافة إلى ذلك، قد يبدأ أيضاً نقاش حول مدى موثوقية تحديد الأنواع من الرفات البشري المكتشف حديثاً، إذا كان يعتمد فقط على تحليل الخصائص الشكلية.

المساهمون