خالد تاجا... ذاكرة السوريين تأبى دفنه

خالد تاجا... ذاكرة السوريين تأبى دفنه

05 ابريل 2021
الممثل الراحل خالد تاجا (تويتر)
+ الخط -

رغم أنها التاسعة، إلا أن ذكرى وفاة الممثل السوري الشهير خالد تاجا، لم تمر يوم أمس دون أن يحتفي السوريون كما لو أنها لأول مرة بوفاة نجمهم المحبوب الذي صاحبهم لأكثر من خمسين عاماً على الشاشات، والتي دخل من خلالها إلى منازلهم وقلوبهم، قبل أن يتوفى بظروف لا تزال محط شكوك، في الرابع من إبريل/ نيسان من العام 2012.  

منذ انطلاقته في عالم الفن، عبر المسرح، عام 1957، شكّل تاجا، ابن دمشق والمنحدر من أصول كردية، حالة فريدة سيما مع تأسيس "التلفزيون السوري" بداية ستينيات القرن الماضي. فأدى تاجا الأدوار المعقدة والصعبة، وسخّر قسمات وجهه القاسية للتعبير عن هموم المواطن السوري في فترات مختلفة، قبل وصول النظام السوري الحالي إلى الحكم، وما بعده. وسرعان ما غدا نجماً في سماء الدراما، ليس على المستوى السوري وحسب، وإنما كان له حضور على المستوى العربي واضح وكبير. ولا يحتاج تاجا تصنيف مجلة "تايم" الأميركية له ضمن أفضل خمسين ممثلاً في العالم، ليكون فناناً عالمياً بامتياز. 

قرابة ثمانين عملاً، شارك بها بين المسرح والسينما والتلفزيون، لم يكن لدور أداه في أي منها أن يكون محط نقد أو انتقاص، بل على العكس. فقد حاز على الإعجاب في "أيام شامية"، وتألق في "الزير سالم"، وتميز في "الفصول الأربعة" و"التغريبة الفلسطينية"، وقدم في "أيام الولدنة" دوراً خطيراً ومعقداً، تفاعل فيه بحرفية مع نص الكاتب حكم البابا، بانتقاد الأجهزة الأمنية للنظام السوري.  

في العام 2009 كال الفنان تاجا أقذع هجاء ونقد للنظام ومنظومته الأمنية في لقاء تلفزيوني مع تلفزيون أورينت، الذي كان يبث من داخل دمشق، انتقد سياسة كم الأفواه والاتهامات الفورية بالإرهاب لمن يقول كلمة في وجه السلطات وينتقد، وسلط الضوء على سياسة الإرهاب بالسجون والسلاح التي يستخدمها النظام. بيد أن الأهم في تلك المقابلة، ما أخرجه تاجا إلى العلن، بأن الحل لإنهاء هذا الوضع هو العمل من الداخل، بتقديم الدماء والتضحيات مطالباً من يستطيعون تنظيم صفوف الشعب لإعطاء إشارة البدء، مستحضراً التاريخ بالقول إن الشعوب لا تتحرر إلا بالدم.  

مع بدء الحراك في سورية، كان تاجا من المناصرين للثورة، وشارك في مظاهرة المثقفين المعروفة التي شهدها حي الميدان منتصف العام 2011، أي بعد ثلاثة أشهر على اندلاع الثورة، وتعرض للإيقاف والتحقيق الأمني على إثرها إلى جانب فنانين آخرين. وربما تكون معركته المتجددة مع مرض السرطان، لا سيما في العامين الأخيرين من حياته، حالت دون أن يبرز نشاطه بشكل كبير في الحراك، لتتأزم حالته ويدخل مستشفى الشامي بدمشق قبل حوالي أسبوعين من وفاته.  

ويقال إن النظام السوري أعاق نقل تاجا من مستشفى الشامي في دمشق إلى مستشفى في الأردن لتلقي العلاج، مع فرضيات تشير إلى تورط النظام بتصفيته داخل المستشفى (الشامي) بعد تحسن حالته، غير أن عائلته أعلنت وفاته في مستشفى الحسين التخصصي بعلاج مرضى السرطان في الأردن يوم الرابع من نيسان/ إبريل 2012 دون التأكد من صحة جميع الروايات.

دلالات

المساهمون