حوار بين ماضي الموضة وحاضرها في متحف "متروبوليتان"

حوار بين ماضي الموضة وحاضرها في متحف "متروبوليتان"

29 أكتوبر 2020
+ الخط -

تربط الموضة علاقة معقّدة بالزمن، لا يُعرف إن كانت قائمة على التكرار أو التحرّر أو إعادة الابتكار، وهي تشكّل محور معرض جديد في متحف "متروبوليتان" في نيويورك عُدّل في اللحظة الأخيرة مراعاة لحركة "حياة السود مهمّة" Black Lives Matter.

أُجّل هذا المعرض ستة أشهر بسبب فيروس كورونا الجديد، وألغيَت الحفلة التي تسبقه عادة، وهي أهمّ الحفلات في الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وتنظّمها كلّ سنة في الربيع عرّابة الموضة ومجلة "فوغ" آنا وينتور.

واحتفاء بالذكرى الخمسين بعد المائة لتأسيس المتحف، أراد القيّم على معهد "كوستم إنستيتوت" Costume Institute، أندرو بولتون، إبراز مجموعته الزاخرة بأكثر من 33 ألف قطعة لباس وأكسسوار، عبر الإضاءة على "الموضة والزمنية"، بحسب ما قال الأخير خلال تقديم المعرض الذي يفتتح اليوم الخميس ويستمرّ حتّى السابع من فبراير/شباط.

وقال مدير متحف "متروبوليتان"، ماكس هولاين، إن "الموضة تجسّد، كغيرها من أشكال التعبير الفنّي، عصراً ما وروحية ما، لتعكسهما".

غير أن بولتون لم يكن يرغب في أن تقتصر المعروضات على مقاربة قائمة على التسلسل الزمني، فاختار في هذا المعرض الذي يحمل اسم "آباوت تايم" About Time تقديم ثنائيات هي عبارة عن قطعتين من مرحلتين مختلفتين (124 في المجموع مع فستان وحيد كقطعة أخيرة)، تجمعهما أوجه شبه جمالية في كلّ مرّة.

وقال أندرو بولتون إن "جمع الماضي والحاضر" في المعرض يخرج زائره "من السياق الزمني" ويجعله "ينظر إلى الوقت بطريقة مختلفة".

يرتكز المعرض على حوار بين القطع القديمة التي تعود إلى سبعينيات القرن التاسع عشر، وقت إنشاء المتحف، وتلك الأحدث عهداً، من ستينيات القرن العشرين إلى أيامنا هذه. ولم يتوان مصمّمون معاصرون، من أمثال ألكساندر ماكوين ويوجي ياماموتو وجون غاليانو، عن إعادة استخدام قطع مأخوذة من ملابس القرن التاسع عشر مع إضفاء طابع عصري عليها. وباتت بعض التصاميم والأزرار والأقمشة البرّاقة والتطريزات التي كانت في ما مضى رمزاً للرخاء تضفي لمسة جمالية على القطع.

ولفت بولتون إلى أن "الموضة لطالما كانت تتسم بالحركة والتجديد، وهي صيحة عابرة وحتّى فكرة بالية في بعض الأحيان، لكن الموضة تسترجع في الوقت عينه محطاتها السابقة".

ومع تنانير وفساتين أقصر وقصّات أكثر مرونة، يحدّث مصمّمون قطعا قديمة، مثل بزّة "شانيل" الشهيرة التي أنعشها كارل لاغرفيلد بلمسته مقدّماً إياها مع تنورة قصيرة. ويتمتّع المصمّمون اليوم بمروحة من المواد أوسع بكثير من تلك التي كانت في متناول أسلافهم، نظراً للتقدّم التكنولوجي وتطوّر الاستخدامات.

فعلى فستان أسود تقليدي ضيّق عند الصدر، اختار راف سيمونز (2013) أن يقدّم ورود أوبير دو جيفانشي (1957) من الساتان بحلّة جلدية، علماً أن الجلد لم يصبح رائجا للملابس النسائية إلا في فترة حديثة.

لكن بين الحين والآخر يبرز فستان "قديم" عبَر الأزمنة وبقي أكثر رواجا من النماذج التي تلته. وهي حال قطع عدّة من توقيع إيف سان لوارن، مثل بزّة نسائية تعود للعام 1976 أو فستان قصير مع حزام صمّم في 1966.

واستفاد بولتون من تأجيل المعرض ستة أشهر، ليدخل عليه بعض التعديلات جرّاء التظاهرات التي عمّت البلد تنديدا بالفروق العرقية، إثر مقتل جورج فلويد في مايو/أيار. وأقرّ بولتون بأنه أجرى "بعض التعديلات" على النسخة الأصلية من المعرض التي "كانت تضمّ مصمّمين من أصحاب البشرة الملوّنة، لكن ليس بأعداد كبيرة".

ويتعاون بولتون تعاوناً وثيقاً مع آنا وينتور التي يتهمها بعض المتعاونين معه، منذ يونيو/حزيران الماضي، وفي مقال طويل نشر أخيراً في "نيويورك تايمز"، بأنها لطالما ركّزت على موضة "بيضاء جدّاً" وعرقلت تقدّم أصحاب البشرة الملوّنة ضمن مجموعة "كوندي ناست".

وكانت وينتور قالت قبل مدة، في تصريحات أوردتها "نيويورك تايمز": "لا شكّ في أنني ارتكبت أخطاء، وإذا ما وقعت أخطاء في (فوغ) تحت إدارتي فيجدر بي إصلاحها، وأنا عازمة على ذلك".

ومن بين التعديلات التي أدخلت قطعة للمصمّم الأميركي الأسود الرائد ستيفن بارووز، إلى جانب أخرى للمصمّم الفرنسي من أصل مالي لامين كوياتيه. ويؤكّد القيّم على المعرض أن هذه المبادرة ليست عابرة، وأن على كلّ معرض من الآن فصاعداً مراعاة التنوّع.

(فرانس برس)

المساهمون