حكايات خرافية من فلسطين... في انتظار الموسوعة

حكايات خرافية من فلسطين... في انتظار الموسوعة

17 نوفمبر 2021
كانت النساء الفلسطينيات يسردن هذه الحكايات في اللقاءات العائلية (Getty)
+ الخط -

تستعد مؤسسة "تامر للتعليم المجتمعي"، في مدينة رام الله، لإطلاق أكبر موسوعة للحكايات الشعبية الفلسطينية، التي تقع في قالب الخرافة، وهو الخط الذي انفرد بجمعه أهم الموثقين والمؤرخين للحكاية الشعبية الخرافية في فلسطين، وأستاذ الأنثروبولوجيا البارز، شريف كناعنة (88 عاماً).
تضم الموسوعة ثمرة بحث وتوثيق ومسيرة وغربلة الحكايات الشفوية، في فلسطين التاريخية الكاملة لشريف كناعنة، منذ سبعينيات القرن الماضي. في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول كناعنة: "تضم الموسوعة التي تقع في خمسة مجلدات قرابة 700 حكاية في إطار الخرافة، عملت عليها منذ السبعينيات، حين كنت أستاذاً لمساقات الفلكلور الشعبي في جامعة بيرزيت، وثقتها من مناطق عديدة في كامل فلسطين من غزة، حتى مدن وقرى فلسطين الحدودية مع لبنان شمالاً".
تضم الموسوعة، التي تمت طباعة جزء منها تحضيراً للإطلاق قريباً، ما لا يقل عن مائة حكاية شعبية تتناول الخلافات والصراعات بين الزوجين، ثم تتطرق لحلول لهذه الخلافات، وقسمها كناعنة حسب الخلاف، وبحسب الحل وأطراف الصراع؛ فحكايات الصراع بين الحماة والكنة تقع في جزء مشابه لهذا النوع من الخلافات التي تُصبغ الحكايات بصبغتها، وهذا ما ينطبق على حكايات الصراعات العائلية والاجتماعية بين الضرائر أو بين الزوجة وأخت الزوج. 

الحكاية الخرافية هي حكاية نسائية، يسردنها عند لقاءات أفرادها الاجتماعية

وبحسب كناعنة، فإن جزءاً من الحكايات التي سيعاد نشرها في الموسوعة، قد نُشرت في الماضي ضمن كتب عديدة جمع حكاياتها؛ من أبرزها الكتاب الفلسطيني الشهير "قول يا طير"، الذي ترجم إلى اللغة الإنكليزية.
يؤكد الباحث شريف كناعنة، أنه عبر سنوات طويلة من التوثيق وجمع الحكايات، سمحت له خبرته التراكمية التي تزيد عن أربعين عاماً، وقراءة مئات الكتب، بتمييز الحكايات المتماسكة من الحكايات التي لا تصلح للنشر، وكذلك تمييز القاص أو الحكّاء، وأغلب من يقصّ الحكايات الشعبية هن النساء. يقول: "يمكن التمييز بين التي تؤلف من رأيها، أو تلك التي تحكي قصة متداولة". وحول الفرق بين الحكايات الشعبية العادية والحكاية الشعبية الخرافية، يقول كناعنة إن "حقل الحكايات هو حقل أكاديمي واسع، عمره يزيد عن 500 عام وأصله أوروبا.
الحكاية الخرافية هي حكاية نسائية، يسردنها عند لقاءات أفرادها الاجتماعية. وغير صحيح ارتباط قصها للأطفال قبل النوم، فهي حكايات غير خاصة بالأطفال تحديداً، رغم أن جزءاً منها يصح للأطفال، لكن في غالبها هي حكايات صالحة للكبار". ويتابع كناعنة: "يتمتع قاص الحكاية بخصوصية ما، وعادةً تُحكى في الجلسات الاجتماعية غير المقرونة بوقت ما، وهي حكايات تخالف الواقع، أو لا ينطبق عليها الواقع، وتحتوي على إشارات تدل على افتراق الحكاية عن الواقع، لكنها تنتهي بإشارة إعادتنا للواقع.

فمثلاً، يبدأ القاص بالقول كان يا ما كان في قديم الزمان، أي دعوكم من الواقع، وفي النهاية يقال في الحكاية الشعبية الخرافية الفلسطينية: هاي حكايتي حكيتها وعليكو رميتها، وهي إعلام للمتلقي بأن مواصفات الحكاية غير الحقيقية انتهت وعدنا للواقع". تقول مسؤولة الإنتاج المعرفي والأدبي في مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، مجد حمد، لـ"العربي الجديد" إن "المؤسسة نشرت جزأين من الموسوعة. وفي إطار إكمال النشر وإطلاق الموسوعة بصورة رسمية عما قريب، ستمنح المؤسسة فرصة للمتلقي للاطلاع على الخرافات أو الحكايات الخرافية عبر استعارتها أو شراء أجزاء منها". وتتابع حمد: "وبهذا، يمكن للعمل تلبية غرض الترفيه والتسلية لدى بعض القراء، وربما يخدم الباحثين في مجال الحكاية الشعبية الخرافية، وربما لمن يعتنون بفهم ودراسة ظواهر قديمة في المجتمع الفلسطيني من خلال هذه القصص.

وهذا الدور مقرون بأهداف مؤسسة تامر التي تعمل مع معظم المكتبات في الضفة الغربية وقطاع غزة، لذا نصدر بعض الإنتاجات المعرفية، ونرفد المكتبات بها، بل ونحاول الوصول إلى مناطق مهمشة ونائية في منطقتي عملنا، لتوثيق مختلف أشكال الفن والأدب والمعرفة".

المساهمون