حسين العكيلي: "المليونير" الذي يموت وحيداً

حسين العكيلي: "المليونير" الذي يموت وحيداً

06 مايو 2021
دائماً توجد قصّة تصلح لتكون فيلماً سينمائياً (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد تجربة تحقيقه "النافذة الحمراء" في ظروفٍ صعبة في الموصل، عقب أشهر على تحريرها من "داعش"، يستعدّ المخرج العراقي حسين العكيلي لإتمام فيلمٍ جديد له، بعنوان "المليونير"، عن شخص يُدعى نشأت، رجل ثريّ جداً وبخيل، هجرته عائلته بسبب بخله وتعامله المتعالي مع العاملين معه، الذين استغلهم أبشع استغلال. درس العكيلي الإخراج السينمائي والتصوير والمونتاج والسيناريو في "كلية الفنون" في "جامعة بابل"، ويدرِّس الآن مادتي الإخراج والتصوير. له 15 فيلماً قصيراً، منها "تجارب الوجود" و"كنوز بابل" و"الطريق إلى بغداد"، وغيرها. 

هيمنة كورونا
عن جديده، يقول العكيلي في حديث إلى "العربي الجديد" إنّه "يطرح موضوع هيمنة أصحاب رؤوس الأموال على الأسواق، والتلاعب بالوضع الاقتصادي للمواطن العراقي، بسبب جائحة كورونا وتأثيرها على الحياة العامة للناس، إذ توقّف كلّ شيء، فتعطّلت مصالح نشأت، الذي بات يقمع المستأجرين لديه بطريقة مجحفة، للحصول على إيجارات المحالات التجارية وأملاكه الأخرى، فيُخيّرهم بين دفع الإيجار أو إخلاء المحلاّت والمطاعم في أسبوعٍ واحد". يضيف العكيلي: "تنتهي به الحال وحيداً، لا تنفعه أمواله، ويسيطر عليه المرض في مرحلة تخلّي الجميع عنه، بمن فيهم خادمته، التي كانت تأتي كل يومٍ إلى بيته لتأمين مستلزمات ابنتها ليلى. يموت نشأت وحيداً، إثر مضاعفات مرض القلب، وعدم ذهابه إلى الطبيب بسبب بخله". 

لا يقتصر "المليونير" على محاكاة قصّة نشأت، فهناك قصص فرعية تحكي تفاصيل أخرى من حياة الناس، أوّلها جائحة كورونا، ومدى تأثيرها وانعكاسها على حياتهم الاقتصادية مباشرةً، وارتفاع نسبة الفقر بينهم، وتحكّم أصحاب رؤوس الأموال بمصيرهم وقوتهم اليومي، ومنهم من يعمل لدى نشأت. إلاّ أنّ حبّه للمال ولجمعه، وعدم الصرف منه حتّى على نفسه، انعكس عليه شخصياً، وعلى صحّته، فانتهى المطاف به بأنْ يموت وحيداً وبعيداً عن عائلته وأمواله، التي لم تنفعه بشيء في اللحظات الأخيرة من حياته، فأوصى بأنْ يكون كلّ ما يملك صدقة جارية. 

تعاون العكيلي مع الممثل العراقي سامي قفطان (لتأدية الدور الأساسي). عن سبب اختياره ممثّلاً محترفاً ومعروفاً مثله، يقول: "سعيدٌ بتعاملي مع فنان عميق جداً كسامي قفطان. هذا الفنان تَعلّمت منه الكثير، بإصراره على النجاح، وصبره لساعاتٍ طويلة في العمل. كان يُذهلني يوماً تلو الآخر. كان يصوم عن الأكل وشرب المياه ساعاتٍ مديدة في التصوير، لأنّ بعض المَشاهد يتطلّب منه أنْ يكون مُرهَقاً. قليلُ الكلام وكثير الإبداع، أدّى الشخصية بشكل عميق جداً. أرغبُ في إعادة التجربة معه في فيلم روائي طويل". وعن المراحل التي وصل إليها الفيلم، يقول: "بعد إنجاز التصوير، الذي جرى بمعظمه في مدينة بابل، في أزقّتها وشوارعها وأسواقها ومصانعها، بدأت الآن مرحلة المونتاج، وسيكون عرضه الأول في بابل، في عيد الفطر. بعد هذا، أفكّر في مشاركته في مهرجانات سينمائية". وعن الإنتاج، يشير: "شخصيّ، من آسر عباس الحيدري، الشاعر والصحافي، وكاتب قصّة الفيلم. لدينا مشروع آخر بعد عيد الفطر، سيُنتجه هو نفسه أيضاً". 

عن صناعة السينما
يتحدّث حسين العكيلي عن تجربته الأولى في صنع فيلمٍ روائي طويل: "يجب التوقّف أولاً عند نقطة واحدة: السينما صناعة تحتاج إلى مال. المنتج الذي يدفع المال يرغب في استعادته، أو في أنْ يربح منه. لذا، يجب تسويق الفيلم في مرحلتين: أولى إلى العالم، بعرضه في الصالات. يجب أنْ يكون هناك شبّاك تذاكر، حتّى في العراق، لتحقيق بعض الربح، أو لاستعادة المال المصروف في إنتاجه. وإلاّ، ما غاية صنع فيلم طويل؟ هل ليُوضع على الرفّ؟ الثانية إلى مهرجاناتٍ دولية، تعود على الفيلم بمردود مادي غالباً. هذا كلّه يحتاج إلى دعاية جيدة، لجذب الجمهور لمشاهدته، فيستمرّ الإنتاج السينمائي. الفيلم الذي ينوي صنّاعه إدخاله إلى شبّاك التذاكر يحتاج إلى مقوّمات، منها التقنية الجيدة التي تشتمل على استديوهات وأجهزة صوت وإضاءة وكاميرات سينمائية، ونجوم مع وجوهٍ جديدة لم "تحرقها" الدراما الرمضانية. هذا كلّه يُساعد على تسويق الفيلم، ودخوله شبّاك التذاكر". 

أفلام العراق
يضيف العكيلي أن "الخطوة الأهم تكمن في كيف نستطيع جذب الجمهور إلى الصالات لمشاهدة فيلمٍ عراقي، كما يشاهدون فيلماً عربياً أو أجنبياً. لذا، يجب تكثيف الدعاية والإعلانات عنه في كل مكان، في الشوارع ووسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزيون". ويشير إلى أنّ العراق الآن "أرض خصبة لصناعة أفلامٍ روائية طويلة، لامتلاكه قصصاً وحكايات كثيرة". ويرى أنّه "بين كلّ مترٍ وآخر، توجد قصّة تصلح لتكون فيلماً سينمائياً، لكنّها بحاجة إلى من ينقلها من الواقع إلى الشاشة الكبيرة الساحرة". أما المشاركون في العمل إلى جانب قفطان، فهم محسن الجيلاوي ومحمد عدنان وبرير سيفي وعبدالله أحمد (من بابل)، ووداد هاشم وفاطمة قاسم (من كربلاء). الفريق الفني مؤلّف من مدير التصوير ياسر عاصم، ومُصمّم الإضاءة ومنفّذها علي المطيري، ومهندس الصوت عبد الله مثنى، وكاتب السيناريو فاضل شاكر. 

المساهمون