استمع إلى الملخص
- التعاونات الموسيقية والتطور الفني: عمل مع نجوم التسعينيات مثل عمرو دياب ومحمد فؤاد، وشارك مع فنانين معاصرين مثل ويجز وأمير عيد، معتبراً أن الجيل الحالي يستلهم من الثقافة الغربية، مما يطمس الهوية الموسيقية المحلية.
- إحياء الفرانكو آراب والتوجهات المستقبلية: أعاد إحياء لون الفرانكو آراب، ويعمل على إطلاق أغنية جديدة بعنوان "حبيت قوي"، مؤكداً على أهمية الحفاظ على الهوية الثقافية في مواجهة الألوان الموسيقية الحديثة.
لعلّ حسام حسني من أهم فناني جيل التسعينيات الذين عاودوا الظهور بعد فترة من الاختفاء. ارتبط اسمه بأغان مثل "لولاش" و"كل البنات بتحبك". إلى جانب ذلك، فقد عمل ملحناً وموزعاً مع أبرز فناني تلك الحقبة، مثل محمد فؤاد وعمرو دياب ومحمد محيي وإيهاب توفيق وعلاء عبد الخالق. في الآونة الأخيرة، خاض تجارب غنائية مع أسماء مثل ويجز وأمير عيد، وكان لـ"العربي الجديد" هذا الحوار مع المغني المصري للحديث عن مشواره.
أغلب مغني جيلك جاءت بداياتهم اعتباطية، في حين كانت لك رؤية حكمت مشوارك الفني منذ البداية. كيف جاءت البداية؟
كان والدي يحب سماع الغناء القديم، خاصة محمد عبد الوهاب، فنشأت على أغانيه، كما تعرفت إلى الموسيقى الغربية الكلاسيكية من خلال أفلام الكارتون، لأن كثيراً منها كانت تستعين بأعمال لفرانز ليست وشوبان وموتزارت وغيرهم. لاحقاً، التحقت بالمدرسة الابتدائية لأمسي قائداً لفريق الموسيقى فيها، وامتد ذلك إلى الإعدادية. في المرحلة الثانوية، كونت فرقتي الخاصة، وكان هذا في الكويت حيث كنت أعيش مع أسرتي. حاولت بعدها الالتحاق بمعهد الموسيقى الكويتي، لكن صدر مرسوم أميري وقتها لا يتيح الالتحاق بالمعهد لغير المواطنين؛ فعدت إلى مصر لألتحق بكلية التربية الموسيقية التي حظيت في ذلك العهد بعدد من الأساتذة على أعلى مستوى، خبراء في تخصصاتهم، وكان لواحدة منهم، وهي سهير عبد العظيم، الفضل في توجيهي عندما سألتها كيف يمكن لي أن أصبح ملحناً؟ نصحتني بأن أعيد تلحين ما يعجبني من أغان، وهو ما فعلته؛ إذ أعدت تلحين كلمات أغان لسيد درويش وزكريا أحمد، ومن هنا نمت لدي تلك الملكة. في تلك الفترة أيضاً عملت عازفاً للأورغ مع مغنين مثل صادق قليني ومحمد رؤوف وعلاء عبد الخالق ومحمد فؤاد، ومع الأخير دخلت الاستوديو لأول مرة، وفيه تعرفت إلى موزعين مثل فتحي سلامة وهاني شنودة، والراحل محمد هلال، وشاهدت كيف يعملون. أما عن بداية عملي في التوزيع؛ فقادتها الصدفة البحتة، إذ رشحني رئيس فرقة محمد فؤاد التي كنت أعمل بها، إلى مونولوغيست اسمه فيصل خورشيد حتى أوزع ألبومه. وعدني المنتج إذا ما انتهيت من توزيع الألبوم في 40 ساعة فقط سيهديني عشر ساعات مجاناً في الاستوديو أفعل خلالها ما أشاء. أنهيت الألبوم في المدة المحددة، واستغللت الفرصة بأن سجلت أول أعمالي "لولاش" في هذه الساعات المجانية. كان مخططاً أن يغنيها محمد محيي، ففي هذا الوقت توافقنا أنا وهو والشاعر عنتر هلال على تقديم صوت محيي، ولم يدر في خلدي أن أغني أبداً، غير أن محيي وجد أن الأغنية ليست مناسبة له، واقترح أن تغنيها الفرقة الأكثر شهرة وقتها "4 إم"، لكن لم نستطع التواصل مع مؤسسها الراحل عزت أبو عوف، فما كان مني إلا أن عرضتها على المنتج طارق عبد الله حتى يغنيها واحد من مغنّي شركته، لكنه فاجأني حين استمع إلى الشريط الذي سجلته بصوتي، بعرض يضم سبع أغان أخرى أسجلها بصوتي، لأقدم أول ألبوماتي. استلهمت في هذا الإصدار فنانين مثل سيد درويش وزكريا أحمد، فمثلاً أغنية "لولاش قلبي ما يوعاش، طول عمره أهو عاش عيشة الدراويش"، جاءت على غرار "هتجن يا ريت يا أخونا مروحتش لندن ولا باريس.."، وهو ما أوحت لي به أستاذتي بالكلية، بجانب ارتباطي أيضاً منذ الصغر بغناء المشايخ.
عملت ملحناً وموزعاً مع أهم نجوم التسعينيات، مثل عمرو دياب وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد وعلاء عبد الخالق ومحمد محيي وغيرهم، كما كانت لك تجارب أيضاً مع أسماء مثل كارم محمود وليلى نظمي، وأخيراً تعاونت مع أمير عيد وويجز. ما الذي يميز كل جيل فنياً؟
الجيل القديم يمثل بالنسبة لي الصوت الجميل والأصالة، ودائماً ما أقول إن الفن يعكس الظروف الاجتماعية والاقتصادية. انظر إلى قيمة العملة وقتها، وإلى المنظومة الأخلاقية، وإلى الثقافة. أظن أن جيلنا جاء امتداداً لهذا الجيل، لم يقع بيننا وبينه فجوة، بدليل أننا عملنا معهم كما تعلمنا منهم. استغللنا الإمكانات التكنولوجية لنغير، لا نطور، في شكل الموسيقى، لأنه لا يمكن الادعاء بأي حال من الأحوال، أن ما نقدمه متطور عما قدمته أسماء مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم. أما الجيل الحالي، فيستلهم في موسيقاه الثقافة الغربية، وهو ما سميته في رسالتي للدكتوراه "القومية المستعارة"، ليقدموا ألواناً موسيقية مثل الراب والتراب، وحتى الشعبي استعار التكنو، فأصبح هناك التكنو شعبياً، وهذا يطمس هويتنا الموسيقية، لذلك "هو مش قابلني وأنا مش شايفه"؛ لأنه يمثل ثقافة غريبة عني، فمثلاً عندما سجلت مع ويجز في برنامج من إنتاج ريد بول في 2020، لم أكن أعرف من هو، وعدم معرفتي هذا ليس تعالياً، لكن لأنه يقدم منتجاً يمثل ثقافة أخرى. وبالمثل هو لا يسمعني، رغم أننا في مرحلة الشباب كنا نسمع الأجيال السابقة. مع ذلك، أرى أن ما يقدمه أمير عيد أو فرق الأندرغراوند بصفة عامة هو الأقرب إلى موسيقى جيلنا.
ما الذي أضافه حسام حسني لأغنية الفرانكو آراب؟
لم أقدم جديداً، إنما أعدت إحياء الفرانكو آراب، الممتد منذ أيام سيد درويش، فهو من ابتدعه في "حلمك يا شيخ فقاعة" وغيرها، ثم جاء عبد الوهاب ليقدمه لكن بصورة مختلفة، إذ استدعى إيقاعات وموسيقى غربية ليغني عليها، مثل "لا مش أنا اللي أبكي"، وكذلك فريد الأطرش الذي أدخل التانغو والفالس في أغانيه، ومن أشهر من قدم هذا اللون في الخمسينيات محمد فوزي، في "يا مصطفى يا مصطفى" و"فطومة"، كما قدمه في السبيعنيات كل من سمير الإسكندراني وسمير صبري، وما أصدرته به في التسعينيات، مثل "نو بادي" و"تتش وود"، هو إحياء فقط لهذا اللون الموسيقي.
هناك رأي يقول إن كل من ارتبطت أعماله باسم حميد الشاعري من جيل التسعينيات اختفى، في حين من تحرّروا من رؤيته الفنية، مثل عمرو دياب ومحمد منير، ما زال لهم حضور على الساحة. ما رأيك؟
أعتقد أن أغلبهم ما زال يتمتع بحضور على الساحة الفنية، لكن كل جيل ينتخب أبطاله، فالشباب الصغير السن لا يرغب في أبطال الجيل السابق، بل في أبطال "بيلبسوا وبياكلوا وبيعملوا تسريحة شعر زيه". جيلنا بالنسبة لهم أصبح كلاسيكياً، مع ذلك أتصور أن المنتج الجيد يعيش في كل زمن.
ساهمت بموسيقاك في فيلمين من أهم أفلام التسعينيات، وهما "آيس كريم في جليم" و"أمريكا شيكا بيكا". ما الذي تضيفه السينما إلى خبرة الموسيقي؟
تضيف رؤية المخرج بُعداً مهماً، تجعل الموسيقى "تتشاف" (بتعبير خيري بشارة). الموسيقى في الفيلم ترتبط بحركة الممثل وإحساسه، فالموسيقى في العمل السينمائي مطالبة بترجمة الصورة.
في رسالتك للدكتوراه، تناولت الألوان الموسيقية الأحدث، مثل المهرجانات والراب والتراب. ما رأيك الفني فيها؟ وهل لديها القدرة على الاستمرار؟
في عام 2020، سجلت أغنية مع ويجز عبر برنامج أنتجته ريد بول اسمه "مزيكا صالونات". أثناء تسجيلنا للأغنية، قلت له أنا أقف بجانبك في الاستوديو ولا أفهم شيئاً، فما بالك بالجمهور؟ وكانت إجابته أن جمهورنا معتاد على هذا الكلام غير المباشر، فهل المطلوب مني كمستمع أن أخمن معاني الأغنية؟ وجهة نظر، ليس لدي اعتراض عليها، لكني أرى أنه من المهم الحفاظ على الهوية الثقافية، وألّا نطمسها.
إذن أنت ترى أنهم يطمسونها؟
عندما يأتي مغني الراب أو التراب بمزيكا غربية يصاحبها كلام "غير مباشر"، فأين ما يدل على ثقافتنا بها؟ هو لا يشتغل حتى على الإيقاع أو الموسيقى، فأغلبهم يحمّلها من الإنترنت، مستفيداً من التزام الموسيقيين الأجانب برفع الأغنية مجزأة، فيستعير هؤلاء الإيقاع الذي يعجبهم، ويستخدمونه كما هو، لهذا أتصور أن مثل هذه الأغنية لا تصلح لأن توجد في المكتبة العربية.
كيف تنظر إلى توأمتك مع الشاعر عنتر هلال؟ ما الذي وجدته لدى هلال وجعل تعاونكما مستمرّاً حتى اليوم؟
حققت مع عنتر هلال نجاحاً كبيراً كما فعل معه غيري. أشبهه دائماً بأنه مثل بديع خيري أو أبو السعود الإبياري أو صلاح جاهين، فهو إلى جانب الشعر الغنائي، شاعر فصحى ورسام كاريكاتير، لذلك تجده يرسم كلماته أيضاً حتى تُرى، لا تُسمع فقط، وهو ما توافق مع أفكاري وطموحاتي في الأغنية.
ما جديدك؟
هناك أغنية ربما أطلقها في رأس السنة اسمها "حبيت قوي". أحاول منذ مدة طويلة إذاعتها، لكن الظروف لم تسنح.