استمع إلى الملخص
- انتشار حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل حسابات لحافظ وأسماء الأسد، يساهم في نشر أخبار زائفة عن العائلة، مما يعكس رغبة في معرفة مصيرها وتأثيرها.
- تظل عائلة الأسد رمزًا للقمع المستمر في سوريا، حيث تُكتشف المقابر الجماعية ويظل آلاف السوريين مختفين، مما يثير تساؤلات حول استمرار الفظائع.
كثرت المقالات و"الحقائق" التي تتناول الليلة الأخيرة لبشار الأسد في دمشق، قبل فراره إلى موسكو. تزامن ذلك مع نشر الصور الشخصية للأسد وأسرته، لتتحول صور العائلة إلى منبع للنكات بين السوريين. لكن، في الوقت نفسه، ما زال هناك رغبة بمعرفة المزيد عن العائلة التي حكمت سورية لأكثر من خمسين عاماً.
بهذا، ظهرت بعض الشخصيات المقربة من العائلة للحديث عنها، كمجد جدعان، شقيقة زوجة ماهر الأسد، وظهرت خزامى الأسد، ابنة عم بشار، لتتحدث عن الرجل الهارب.
التعليق على تاريخ الأسرة ومحاولة تبرئتها يبدوان نوعاً من العبث، خصوصاً عند الحديث عن الدائرة الصغيرة، المتمثلة ببشار وماهر وأسماء. محاولة خلق مسافة بين "الرئيس" وبين "الجلادين" والتأكيد على وطنيّة الأسد هي المفارقة، من يكسب مِن ذلك؟ ما الذي تحاول الأسرة قوله؟
هناك فرضية النجاة الفردية، خصوصاً أن كثيرين ممن يحملون كنية الأسد إما مختبئون، أو خارج سورية، ولا يمكن الحكم عليهم جميعاً بأنهم مجرمون. لكن هنا المفارقة، نحن لا نستمع إلى محاولات للدفاع عن النفس فقط، بل الدفاع عن بشار الأسد نفسه كما في كلام خزامى. وهذا بالضبط ميراث الفكر الوطني ربما، الذي يبرّر كل الفظائع التي ارتكبها الأسد بأنها محاولة للحفاظ على سورية، لكن ممن؟
اللافت هو هذه الرغبة بمعرفة الأسرة، التي وصلت إلى حد إنشاء حسابات وهمية، كان أولها لحافظ بشار الأسد، أو حافظ جونيور كما يحلو للسوريين تسميته، عبر حساب على "إكس" و"تليغرام"، لم نعرف بعد مدى مصداقيتهما ونسبتهما للأسد، لنراه يقدم رواية "مغادرة" والده لسورية، ويعلق على الأحداث المختلفة. تؤخذ هذه التعليقات على محمل الجد، ليس بوصفها من حساب حقيقي، بل جزء من الأخبار الزائفة. بصورة ما، هي تُتداول، كحال الفيديو الذي ظهر فيه حافظ نفسه يؤكد هويته، من دون أن نتأكد أيضاً إن كان تزييفاً عميقاً أم لا، على الرغم من تحديد مكان وجوده.
تكاثرت الأخبار الزائفة مع ظهور حساب لأسماء الأسد، ثم نعي حافظ الأسد لوالدته. أشار تحقيق لمنصة "تأكد" إلى أن قناة "روسيا اليوم" ساهمت في هذا التضليل، لترويج حكايات عن عائلة الأسد، التي إلى الآن ما من شيء مؤكد عن مصير أفرادها ومكان وجودهم، إلا ما يخرج من روسيا نفسها.
لكن، يمكن أيضاً الافتراض أن حسابات آل الأسد ليست إلا أعمال هواة، أو ساخرين، أو جزءاً من دعاية زائفة. وفي كلتا الحالتين، هناك تركيز على حضور آل الأسد، وكأن فرارهم من سورية لا يكفي لطي الصفحة. حضورهم على اختلاف أشكال التعامل معه يلبي رغبة بمعرفة إجابات بسيطة عن أسئلة مثل "كيف يمكن لما كان يحصل في سجن صيدنايا أن يستمر تحت أعين آل الأسد؟". هناك محاولة لفهم الظاهرة الإنسانية نفسها بسبب فظاعة ما كان يحدث في السجون الأسدية. هي محاولة لإيجاد تبرير للحفاظ على إنسانية السوريين أنفسهم، وربما العالم. بصورة أدق، لمعرفة مصدر هذا الشرّ أو القدرة على العيش معه.
يتمثّل هذا الحضور المستمر لآل الأسد بتركة قمعية عمرها نصف قرن، ليس من السهل التخلص منها بأيام أو أشهر. ما زالت المقابر الجماعية تُكتشف. آلاف السوريين المختفين ما زال مصيرهم مجهولاً. وبما أن السوريين ورثة نظام الشخص الواحد، فالمفترض بهذا الشخص نفسه أن يجيب عن تلك الأسئلة التي ما زالت إلى الآن معلقة. ربما هذا الحضور الرقمي شبه الزائف لعائلة الأسد يشير إلى رغبة معرفة مصير سورية نفسها التي ما زالت تتعافى من مقتلة الأسد.