حركة طالبان تستبدل الغناء بالأناشيد الدينية والوطنية

02 يناير 2025
غادر عشرات الفنانين البلاد مع عودة "طالبان" (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ عودة طالبان إلى الحكم في 2021، شهدت أفغانستان هجرة جماعية للفنانين بسبب حظر الموسيقى والفن، مما أجبر من بقي على تغيير مساره المهني أو اعتزال الفن.
- أعلنت طالبان عن بديل يتمثل في إنتاج الأناشيد الدينية والوطنية، داعية الفنانين للمساهمة، لكن لم تقدم إحصائيات حول استجابة الفنانين، مما يثير تساؤلات حول فعالية المبادرة.
- دمرت طالبان وصادرت الآلاف من الآلات الموسيقية، مما زاد من معاناة الفنانين مثل شاه ولي خان، الذي اضطر للعمل في الزراعة بعد تدمير أدواته.

منذ استعادت حركة طالبان الحكم في أفغانستان عام 2021، غادر مئات المطربين والفنانين البلاد. توجّه هؤلاء إلى دول مختلفة في أوروبا أو في باكستان، وإيران، وطاجكستان، هرباً من حظر الحركة لكل أشكال الموسيقى والفن، خصوصاً أن تجربتها السابقة في الحكم قبل الغزو الأميركي، اتسمت باضطهاد وتضييق كبيرَين على كل أنواع الفنون التي منعت تماماً. أما من بقي منهم داخل أفغانستان، فقد اضطر إلى تغيير مسار عمله لتأمين لقمة العيش، أو اعتزال المهنة نهائيًا، مع فقدان الأمل في العودة إلى مجاله الفني.
وفي مواجهة هذا الفراغ، أعلنت وزارة الإعلام والثقافة في حكومة طالبان عن بديل للمطربين والفنانين، يتمثل في إنتاج الأناشيد الدينية والوطنية المتماشية مع الشريعة الإسلامية والتقاليد الأفغانية. وأوضح الناطق باسم الوزارة، خبيب غفران، في تصريح صحافي بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول، أن الحكومة الأفغانية تحترم جميع شرائح المجتمع، وتسعى لتوفير فرص عمل للجميع. وأشار إلى أن الوزارة عرضت على الفنانين والمطربين المساهمة في إنتاج الأناشيد الدينية والوطنية، معتبرًا أن هذا المجال يتيح لهم العمل مع الحفاظ على "تطوير المجتمع".
لكن غفران أكد أن الموسيقى والفن الذي كان يُمارَس في العهد السابق لا ينسجم مع الشريعة الإسلامية والعرف الأفغاني، داعيًا جميع الفنانين إلى الالتزام بالأطر التي حددتها الحكومة. ورغم ذلك، لم يقدم الناطق الرسمي أي إحصائيات عن عدد المطربين الذين لا يزالون في أفغانستان، أو عن أولئك الذين استجابوا لعرض الوزارة.
منذ سيطرتها على البلاد، أقدمت طالبان على تدمير معدات موسيقية في مناسبات عدة، وشددت على منع الأغاني بجميع أشكالها، حتى تلك ذات الطابع الوطني أو الشعبي، كما حظرت استخدامها في الأعراس. ففي أغسطس/ آب الماضي أعلنت الحركة طالبان أنها "صادرت ودمرت" أكثر من 21 ألف آلة موسيقية خلال العام الماضي، في جزء من حملة صارمة ضد ما أسمته بـ"الممارسات المناهضة للإسلام". وقد ناقش مسؤولون في وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما أنجزوه في مؤتمر صحافي في العاصمة الأفغانية معلنين حرق آلاف الآلات في مقاطعة بروان الشمالية القريبة. وقبلها بعام، أي في 2023 أحرقت الحركة عدداً من الآلات الموسيقية  مدعية أن الموسيقى "تسبب الفساد الأخلاقي"، وانتشرت وقتها مشاهد لتصاعد دخان إحراق معدات موسيقية تبلغ قيمتها آلاف الدولارات بعدما أضرمت فيها النيران في مقاطعة هيرات الغربية.

هذه الإجراءات دفعت كثيرين من الفنانين إلى الهروب من البلاد، بينما اضطر آخرون إلى ملازمة منازلهم في ظروف معيشية قاسية. من بين هؤلاء، شاه ولي خان، مطرب شعبي أفغاني، حاول مغادرة البلاد لكنه لم يتمكن من ذلك. يقول شاه ولي لـ"العربي الجديد": "كنت أُحيي حفلات الزفاف والأعراس بالأغاني الشعبية التي يحبها الناس في القرى والأرياف. كانت مصدر رزقي الوحيد، لكن بعد وصول طالبان، دهم رجالها إحدى الحفلات التي شاركت فيها في أواخر 2021، وكسروا آلات الموسيقى. منذ ذلك الحين، لزمت البيت، وأصبحت أعمل في الزراعة أو في بقالة صغيرة يديرها أبنائي الصغار، بينما أعاني أنا وزوجتي من أمراض مختلفة".
وحول عرض طالبان الأخير، يعلّق شاه ولي: "هذا العرض لا يناسبنا. الأناشيد الدينية ينفذها عناصر طالبان الذين يتقاضون رواتب حكومية، بينما نحن لا نحصل على شيء. إذا كانت حركة طالبان جادة في دعمنا، فلتوفر لنا وظائف وفرص عمل حقيقية. ما تقدمه ليس سوى وعود لا تفيدنا بشيء".

المساهمون