Skip to main content
حجْر مع المعنِّف: أجهزة ذكية تفاقم المعاناة
العربي الجديد ــ لندن
الأجهزة تحت سيطرة الذكور (Getty)

بالتزامن مع حالة الإغلاق والحجر الصحي في محاولة للحد من فيروس كورونا، سجّل العالم تصاعداً في حالات العنف الأسري، تحديداً ضدّ النساء. وبينما ساعدت التكنولوجيا في عام 2020 على تخطي صعوبات الحجر، ساعدت أيضاً في تعزيز العنف المنزلي وزيادة الاضطهاد الذي تعرّض له ضحايا العنف. 

فقد كانت مكبرات الصوت الذكية وتطبيقات التتبع وبرامج تسجيل المفاتيح من بين المنتجات التي سهلت على الجناة السيطرة على الضحايا ومواصلة الإساءة. وتقول منظمة Refuge، وهي جمعية خيرية في بريطانيا معنية بالعنف المنزلي، إن أكثر من 70 في المائة ممن تقدم لهم الدعم أبلغوا عن انتهاكات متعلقة بالتكنولوجيا نفسها. 

وتنقل "بي بي سي" عن سيدتين قصتهما مع العنف الأسري، وكيف سهلت التكنولوجيا عمل الجناة. إذ تقول كيت (اسم مستعار): "عندما غادر المنزل، بدأت أرى أنه يستخدم كاميرا جرس الباب من أجل تتبعي". كانت كيت تشير إلى جهاز أمان "أمازون" المتصل بالإنترنت، والذي يطلق التنبيهات عندما يكتشف الحركة أمام المنزل ويسمح بمشاهدة لقطات أو تسجيلات حية من بعيد. وتضيف "كان بإمكاني إخراج البطارية منها إذا أردت ذلك، لكنني لم أشعر أنني أستطيع ذلك لأنه كان يقول لي أنتِ تعرضين سلامة أطفالنا للخطر. كنتُ قلقة من أنه سيذهب إلى الشرطة ويحاول أن يقنعهم بأنني أمٌّ سيئة".

وتوضح "سو" (اسم مستعار أيضاً) كيف استخدم شريكها المساعد الافتراضي من "أمازون" لمراقبتها عبر وظيفة تتيح للمستخدمين الاتصال عن بعد بمكبرات الصوت الذكية والاستماع/التحدث عبر أداة تشبه الاتصال الداخلي. وتقول: "كانت هناك أجهزة مختلفة من "أليكسا" في جميع أنحاء العقار. يمكنه النزول أو يمكنه الذهاب إلى منزل شخص ما والاتصال بـ"أليكسا" عندما  نكون في المنزل".

تقول سو: "نحن جميعاً في هذه الفقاعة في المنزل. حتى عندما أغادر، يمكنه رؤية موقعي من خلال ساعتي الذكية، أو هاتفي أو جهاز "آيباد" أو أي شيء آخر. لقد أدركت للتو مدى ضآلة سيطرتي على حياتي وحياة الأطفال ومقدار ما كان لديه.كان علي الخروج". وتشير إلى أن شريكها أغلق عليها حسابهما المشترك في "أمازون"، الذي كان مرفقاً به تفاصيل بطاقة الائتمان الخاصة بها، مما يمنحه القدرة على إنفاق الأموال التي ستكون ملزمة بتغطيتها بعد ذلك. وتتذكر قائلة: "اتصلت بـ"أمازون" وقلت إنني لا أستطيع سحب بطاقاتي من هذا الحساب. قالوا: آسفون، عليك فقط إلغاء بطاقاتك المصرفية".

يستخدم المعنفون الأجهزة الذكية لمراقبة النساء في منازلهنّ

من جانبها، تقول الدكتورة ليوني تانزر إنها كثيراً ما تصادف مسألة التحكم هذه في دراسة حول الجنس وأجهزة إنترنت الأشياء التي تقودها في كلية لندن الجامعية. وتشرح قائلة: "الجاني، الذي غالباً ما يكون ذكراً، هو الشخص الذي يشتري الجهاز ويحتفظ به. يمنح هذا له قدراً كبيراً من التحكم في كل من البيئة التي يوجد فيها وكذلك إعدادات مسؤول الجهاز".

كما هو الحال مع العديد من مجالات الحياة، يمكن أيضاً استخدام التكنولوجيا لتقديم الحلول والمساعدة لأهداف الإساءة. لكن منظمة Refuge تحذر من أن بعض التطبيقات المعروضة تشكل خطراً إضافياً. وتوضح: "لقد رأينا العديد من الوكالات تطور تطبيقات لغرض وحيد هو حماية ضحايا العنف المنزلي وتقديم الدعم لهم، ولكن غالباً ما يكون لهذه التطبيقات إخفاقات واضحة ويمكن في الواقع أن تعرض سلامة الضحايا للخطر، على سبيل المثال الميزات التي تكشف عن موقع الضحية.

ويقضي العديد من الأشخاص وقتاً أطول في المنزل نتيجة لفيروس كورونا، وهذا يعني مشاركة المزيد من البرامج والخدمات. لذا، الآن أكثر من أي وقت مضى، ترى كيت أنّ مطوروها يحتاجون إلى التفكير فيما يحدث عندما تنفجر العلاقات. وتوضح: "عندما تكونان زوجين، سيتم تسجيل الحساب في عنوان بريد إلكتروني واحد. عندما يحدث خطأ ما، فإن الشخص الذي لا يستطيع استخدامه لا يمكنه فعل أي شيء حيال ذلك. لا يمكنك تصحيح أي شيء أو تغيير التفاصيل". 

درس فريق من خبراء الأمن في شركة IBM كيفية تقليل مخاطر التكنولوجيا التي تمكن من الإساءة المنزلية، وابتكر مجموعة من مبادئ التصميم لتوجيه صانعي الأجهزة والبرمجيات الآخرين. وتقول الشركة: "نعتقد أن عبء الأمان لا ينبغي أن يقع على عاتق المستخدم النهائي، وشعرنا أنه من المهم تحويل بعض هذا العبء على الأقل إلى تصميمات مدروسة".

يستخدم الكثيرون التطبيقات العائلية لمراقبة سلامة الأطفال، لكنهم يتشاركون في الكثير من المعلومات حسب التصميم ويمكن أن يساء استخدامها في علاقة مسيئة. وتشرح IBM أنه يمكن أن تعرض تنبيهات عندما يتم تنشيطها عن بُعد ويكون لها تجاوز يدوي. وتضيف: "تم تصميم الكثير من الأجهزة الذكية على أساس أن جميع الأشخاص في المنزل يسعدون بمشاركة المعلومات مع بعضهم البعض، لكن هذا السيناريو السعيد لا يدرك أن هناك العديد من الاختلافات في الحياة الأسرية".

للتطبيقات إخفاقات واضحة ويمكن أن تعرض سلامة الضحايا للخطر، كالميزات التي تكشف عن موقع الضحية

وتقول ليزلي نوتال من IBM لـ"بي بي سي": "إنهم يتشاركون أجزاء أخرى من المعلومات، مثل مستوى البطارية، الذي يبدو وكأنه قطعة صغيرة غير ضارة من البيانات"، "ولكن في يد المعتدي، لا يمكن للضحية الهروب من وابل الإساءات هذا بمجرد إغلاق هاتفها، قائلة إن البطارية قد نفدت".

وتحذر الشركة أيضاً من أن الجناة غالباً ما يرسلون رسائل مسيئة عبر الأوصاف المرجعية المعطاة للتحويلات المصرفية عبر الإنترنت منخفضة القيمة أو ملاحظات الهدايا المضافة إلى مشتريات التسوق عبر الإنترنت. وتقول نوتال: "يمكن أن تكون هناك مراقبة ذكية لحقول النص الحر هذه لمنع الرسائل المسيئة. ويمكن للمعاملات المصرفية تحديداً تحديد الأنماط المستمرة للمعاملات الصغيرة لإجراء مزيد من التحقيقات".

ويهدف قانون العنف المنزلي في بريطانيا إلى جعل استخدام التكنولوجيا الحديثة لتعقب الشركاء أو الشركاء السابقين أو التجسس عليهم أمراً غير قانوني. ويتضمن التشريع، الذي يغطي إنكلترا وويلز، تعريفاً قانونياً للإساءة المنزلية يعترف بالسلوك القهري أو المسيطر الذي يتضمن التقنيات الذكية. ويمنح الشرطة صلاحيات إضافية للرد على قضايا العنف المنزلي التي تنطوي على التكنولوجيا. ومن المتوقع أن يحصل القانون على الموافقة الملكية في الشهرين المقبلين.