جسر التنين الذهبي: الأسطورة تصل ضفتي نهر هان

28 نوفمبر 2024
يمثل التبجيل الثقافي وطموح المدينة في أن تكون مركزاً حديثا، 26 يناير 2019 (لينه فام/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جسر التنين الذهبي في دا نانغ: يمتد على 666 مترًا عبر نهر هان، ويُعتبر رمزًا للحداثة والتقاليد، وجذبًا سياحيًا رئيسيًا بفضل عروضه الليلية الساحرة التي تُقام كل سبت وأحد.

- التجربة الثقافية والسياحية: يُحيط بالجسر سوق ليلي نابض بالحياة يقدم تجربة تسوق فريدة وأطعمة شعبية، ويُنصح بالوصول مبكرًا لمشاهدة العروض التي تجمع بين المتعة البصرية والأساطير الفيتنامية.

- الرمزية الثقافية والتطور العمراني: يُجسد الجسر رمزية التنين في الثقافة الفيتنامية، ويعكس طموح المدينة في التطور باستخدام مواد صديقة للبيئة، مما يعزز مكانتها كوجهة سياحية عالمية.

يعانق جسر التنين الذهبي نهر هان في قلب مدينة دا نانغ الفيتنامية. يتميز هذا الجسر بتصميمه الفريد الذي يمزج بين الأسطورة والحداثة، ويتحول من مجرّد معبر حيوي إلى أيقونة تعكس روح المدينة النابضة بالحياة. فمع كل غروب شمس، تتجه الأنظار نحو الجسر الذي يضيء سماء دا نانغ بعروضه الساحرة، بدءاً من الساعة التاسعة مساءً، إذ يتجمع الآلاف لمشاهدة هذا الحدث الفريد.

يمتد الجسر على مسافة 666 متراً عبر نهر هان، ليشكل حلقة وصل حيوية بين الضفتين الشرقية والغربية للمدينة، ويلعب دوراً استراتيجياً يربط مطار دا نانغ الدولي بالطرق الرئيسية، ما يسهل وصول المسافرين الذين يسعون إلى استكشاف العجائب الثقافية والطبيعية في دا نانغ، إلى هذا الموقع الاستراتيجي للجسر.

على جسر التنين الذهبي

خلال زيارتي إلى مدينة دا نانغ، توجّهت إلى منطقة جسر التنين لاستكشاف السوق الليلي القريب، الذي ينبض بالحياة بزواره وباعته. تجولت بين الأكشاك التي تزخر بتشكيلة متنوعة من البضائع، بدءاً من الملابس المطرزة يدوياً واللباس الفيتنامي التقليدي، إلى المكسرات والحلويات والهدايا التذكارية التي تحمل طابع المدينة.

اشتريت بعض الهدايا المميزة، ولم أستطع مقاومة تجربة عشاء شعبي هناك، رغم تخوفي من غياب الرقابة على جودة الطعام. ومع أني توخيت الحذر في اختيار طبق الطعام، كانت النتيجة قضاء ليلة مرهقة عانيت فيها من التسمم الغذائي.

قبل دقائق من بدء العرض، توجّهت إلى الجسر بين الحشود المتحمسة، بحثاً عن موقع جيد يتيح لي الاستمتاع بالمشهد. ومع انطلاق العرض، بدا مشهد التنين وهو ينفث النار والماء في تناغم، وكأنه يستعيد الحياة أمام أعيننا. كانت تجربة مليئة بالمفارقات، جمعت بين جمال المكان وتحدّيات المواقف غير المتوقعة. أيضاً، كانت الأجواء المحيطة بالجسر تأخذ طابعاً احتفالياً، فتوجّه بعض الزوار إلى جسر الحب المجاور، المزخرف بالأضواء وأقفال الحب، للاستمتاع بجو رومانسي مختلف.

يقام هذا العرض أسبوعياً يومي السبت والأحد عند الساعة التاسعة مساءً، وتستمر العروض عادةً لمدة خمس دقائق، يتخلّلها مقطع نفث النار لمدة دقيقتين ثمّ رش الماء لمدة ثلاث دقائق. ويُنصح بالوصول مبكراً لتأمين مكان جيد للمشاهدة.

مع انطلاق العرض، علت شهقات إعجاب الحشود المتجمعة، بينما تراقصت ألسنة اللهب في الهواء، ما أضفى لمسة من السحر على سماء دا نانغ. توافد المزيد من الزوار إلى المواقع المحيطة بالجسر للحصول على زاوية مشاهدة أفضل، فيما كان المحظوظون الذين يقفون على الجسر نفسه يعيشون تجربة فريدة، إذ لامسهم رذاذ الماء الذي يرشّه التنين في ختام العرض.

ورغم أنّ العرض يستمر لبضع دقائق فقط، بيد أنّه تجربة لا تُنسى، تجمع بين المتعة البصرية والأساطير. تجذب هذه العروض السيّاح والسكان المحليين على حد سواء. وترمز إلى ارتباط أسطورة التنين بالمطر والنار، وهما عنصران أساسيان للحياة والازدهار في رموز الفولكلور الفيتنامي. ولأفضل مشاهدة لعرض جسر التنين، يُنصح بالوقوف على الجسر نفسه على طول شارع باخ دانغ، أو شارع تران هونغ داو، أو في المقاهي القريبة المطلة على النهر.

يتحوّل جسر التنين إلى مركز جذب دولي خلال مهرجان دا نانغ الدولي السنوي للألعاب النارية الذي يقام في الصيف، ويستقطب فرقاً من مختلف البلدان، بما في ذلك إنكلترا وإيطاليا وبولندا وفرنسا وأستراليا وكندا وفنلندا، حيث يقدّم عروضاً رائعة. وهو ما ساهم في ظهوره في العديد من الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية التي تسلط الضوء على التطوّر العمراني في فيتنام، وبات يتصدر لائحة الوجهات السياحية في العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والمجلات العالمية، ما يجعله أحد رموز الهوية الحديثة لمدينة دا نانغ.

التنين في الثقافة الفيتنامية

التنين في الثقافة الفيتنامية من الرموز المهمة التي تحمل دلالات ثقافية وروحية عميقة. يمثل التنين الإمبراطور وازدهار الأمة وقوتها، ما يجعله رمزاً للسلطة والحماية. هذه الرمزية ليست مقتصرة على القوة الجسدية فقط، بل تشمل أيضاً الحماية الروحية والقدرة على جلب الحظ والنجاح للأمة.

تحظى التنانين بالتبجيل في الثقافة الفيتنامية منذ عدة قرون، فتمثل النبل والارتباط بالمياه والأمطار. غالباً ما ترتبط بالأصل الأسطوري للبلاد، إذ يقال إن اتحاد سيد التنين لاك لونج كوان والأميرة الخيالية أو كو، أنجبا الشعب الفيتنامي.

واليوم يمثل جسر التنين في دا نانغ التبجيل الثقافي وطموح المدينة في أن تكون مركزاً حديثاً تسعى إلى التطوّر وتتطلّع إلى مستقبل أفضل. صمّمت جسر التنين شركة "مجموعة لويس بيرجيه"، ومقرها الولايات المتحدة، ليحاكي شكل التنين الذهبي المهيب، وافتتح في 29 مارس/ آذار 2013، تزامناً مع الذكرى الـ38 لتحرير المدينة في عام 1975.

في كلّ مرّة يضاء فيها الجسر وينفث التنين النار، يذكّر الزوّار بأساطير الماضي، ويجسّد المزيج المتناغم بين التقاليد والحداثة في المدينة. وقد صُمم ليتماشى مع رؤية المدينة المستقبلية لتصبح "مدينة خضراء" بحلول عام 2030، فتضمّن التصميم استخدام مواد صديقة للبيئة ونظام إضاءة LED موفر للطاقة.

الجسر، أيضاً، هو جزء من خطة أوسع لتطوير الواجهة النهرية لدا نانغ، إذ تعمل السلطات المحلية على تعزيز المناطق المحيطة بالنهر من خلال إنشاء حدائق عامة ومسارات مخصّصة للمشاة والدراجات الهوائية، ما يحول المدينة إلى وجهة عالمية للسياحة.

المساهمون