جرش 2021: الرابحون والخاسرون في المهرجان

جرش 2021: الرابحون والخاسرون في المهرجان

14 أكتوبر 2021
لم يلتزم الجمهور مراراً بالإجراءات الاحترازية في جرش (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

كان جرش، المهرجان العربي الوحيد هذا العام، الذي صمد بوجه وباء كورونا. فبعدما غاب العام الماضي، كغيره من المهرجانات العربية، تلقف الجمهور الأردني فعاليات المهرجان بفرح غامر، ما ساعد على الصمود، رغم الهنات التي تعرضت لها التظاهرة التي امتدت على مدار 11 يوماً.

وسمح قرار الحكومة الأردنية، بالعودة تدريجاً للحياة الطبيعية، بعد تلقي أكثر من سبعة ملايين شخص لجرعتي لقاح كورونا، بإقامة فعاليات المهرجان في المدينة الأثرية العتيقة في جرش، إضافة إلى فعاليات البرنامج الثقافي الذي أطلق عليه "دورة الشاعر الراحل جريس سماوي" تكريماً لمدير المهرجان الأسبق الذي شغل أيضاً منصب وزير الثقافة، التي أقيمت في عمّان وبعض المحافظات الأردنية.

ويحسب لـ"جرش" انتظام برنامجه الثقافي والفني الحافل بمشاركة عربية وعالمية، في ظل إقرار مصفوفة احترازية تضمن إجراءات التباعد الاجتماعي، في وقت سجلت مهرجانات عربية كبرى غيابها للعام الثاني على التوالي، ومنها: مهرجانات بيت الدين وبعلبك في لبنان، وموازين في المغرب، وسوق واقف في قطر، وفبراير في الكويت، وقرطاج والحمامات في تونس.

تعامل مرن

يقول الصحافي غيث التل، عن قرار إقامة مهرجان جرش: "يُحسب للحكومة الأردنية مرونة تعاملها مع الوضع الوبائي المحلي، حيث تعاطت مع انخفاض نسبة الفحوصات الإيجابية لفيروس كورونا، وثباتها عند نسبة 4 في المائة لأكثر من خمسة أشهر، فضلاً عن وصول نسبة متلقي جرعتي لقاح كورونا إلى 70 في المائة من عدد السكان، ما دفعها إلى تخفيف الإجراءات الاحترازية، وتسهيل قرار عودة التعليم الوجاهي في المدارس والجامعات، وتخفيف القيود على التجمعات في الفنادق والأماكن العامة".

يشير التل إلى أن المعطيات السابقة سمحت بإقامة الفعاليات الجماهيرية، بشروط التزام ارتداء الكمامات، والتباعد الاجتماعي، وحضور ما نسبته 50 بالمائة من سعة المكان، ما انعكس إيجابياً على إقامة الدورة الثانية من مهرجان عمّان السينمائي في الثلث الأخير من أغسطس/آب، وإقامة الدورة العشرين من معرض عمّان الدولي للكتاب نهاية سبتمبر/أيلول، وإقامة الدورة الرابعة من مهرجان الأردن للإعلام العربي، وإقامة الدورة التاسعة من مهرجان الأردن الدولي للأفلام في أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، فضلاً عن مهرجان جرش.

لكن التل يعيب عدم امتثال الجمهور في مرات عدة للإجراءات الاحترازية المقررة، والتدافع لحضور الفعاليات الجماهيرية بأكثر من السعة المقدرة: "لا يتوقف الأمر على المهرجانات الرسمية، بل انتقل إلى الحفلات التي نظمتها شركات أردنية لفنانين مثل حمزة نمرة، تامر حسني، عمرو دياب، محمود العسيلي، أيمن زبيب، فضلاً عن ازدحام الأسواق التجارية ومعظم الأماكن السياحية".

يلفت التل إلى "القرار الغريب بإقالة مدير مهرجان جرش الأسبق، أيمن سماوي، الذي قدم لجمهور المهرجان برنامجاً ثقافياً وفنياً تفاعلياً مهماً، بحجة عدم التزام الجمهور التباعد في أثناء حضور الحفلات الجماهيرية، الأمر الذي تكرر في عهد مدير المهرجان الجديد مازن قعوار الذي لا يملك خبرة في الشأن الثقافي والفني، إذ لم يضبط حضور الجمهور في الأيام الخمسة التي تولى فيها إدارة المهرجان".

يؤكد التل أنّه "كسب الجمهور الأردني بأطيافه كافة عودة مهرجان جرش، واستفاد المجتمع المحلي من إقامة المهرجان، عبر منح أكثر من 400 عائلة جرشية حق عرض المعروضات الفلكلورية والمنتجات اليدوية المحلية لزوار المهرجان، الذي خسر بقرار إقالة المدير السابق الذي أعاد لـ"جرش" هيبته التي افتقدها لسنوات طويلة".

يتفق الصحافي غازي بني نصر، مع زميله التل في رأيه، فيقول: "أتاح المهرجان هذا العام فرصة المشاركة أمام جميع الفنانين الأردنيين، إذ دعم جرش أكثر من 95 في المائة من المغنين، وقدم لهم فرصة إعادة تقديم أنفسهم للجمهور العربي، كذلك رفع مخصصاتهم المالية إلى الضعف، كما هو معتاد سابقاً، إذ بلغت نسبة الدعم المالي المقدم إلى ما يقارب 200 ألف دينار أردني (280 ألف دولار تقريباً)، ما حرك ركود الساحة الفنية، إذ بلغت نسبة مشاركة الفنانين الأردنيين من مغنين وممثلين وعاملين في الحقل الفني أكثر من 80 في المائة من نسبة المشاركين في المهرجان". 


المغامرة

تجد الصحافية رنا حداد في مهرجان جرش متنفساً لعودة الحياة، مؤكدة أن شعار المهرجان "جرش... مزينة بالفرح" كان صادقاً في التعبير عن برنامجه الكبير: "لا شك أن مغامرة المهرجان في تثبيت أول مسامير الحياة الطبيعية في أذهان الناس نجحت، خاصة بحضور أسماء كبيرة لها وزنها في دنيا الفن والثقافة مثل: ماجدة الرومي، جورج وسوف، نجوى كرم، فضلاً عن الفرق الفولكلورية العالمية، وكان نجاح هذه الفعاليات بمثابة تحدٍّ حقيقي لحاجة الناس للفرح بعدما جمد فيروس كورونا كل أوجه الاحتفال والفعاليات الفنية والثقافية عموماً".

وتشير الصحافية سوسن مكحل، إلى بعض الأخطاء التي واكبت دورة المهرجان، موضحة أن "زيادة أعداد الجماهير لم تكن لها علاقة بإدارة المهرجان بنظري، فهو أمر شائع واكب مرحلة الخلاص، ولو جزئياً من الجائحة وآثارها، فالتزام التدابير لم يكن مقتصراً على مهرجان جرش، حتى الأماكن العامة والتجمعات في أغلب مناطق الأردن لم تشهد على التزام شديد، خصوصاً بعد تراجع أعداد الإصابات بالفيروس".

وترى مكحل أن مهرجان جرش أعاد مواسم الفرح للأردن وللمنطقة العربية، ومشاركة بعض الفنانين الكبار كانت بمثابة سعادة لجمهور متعطش لوجودهم في المهرجان. تضيف: "بودي أن يظل مهرجان جرش بصمة في تاريخ الفن ووجهة الفنانين العرب، وأن يبقى مميزاً بكادر يضمن نجاحاته كل عام".

المساهمون