استمع إلى الملخص
- حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية انتقد الإزالة، معتبرًا إياها محاولة لطمس الرموز الأمازيغية، بينما أشار الكاتب محمد ايوانوغان إلى تضارب القرارات الرسمية كدليل على تفكك الدولة.
- دعا المحامي هاشم ساسي والفنان نور الدين تابرحة إلى معالجة المسألة بحكمة لتجنب النزاعات، مؤكدين على أهمية احترام الهوية الوطنية المتعددة وعدم المتاجرة بعواطف الشعب.
أثار تثبيت وإزالة نصب تذكاري يمثل القائد الأمازيغي أكسل في بلدة شرقي الجزائر جدلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي، الأربعاء، ودفع أحزاباً سياسية إلى التعبير عن قلقها من تضارب القرارات الرسمية. وقررت السلطات الجزائرية مساء أمس إزالة نصب تذكاري للقائد الأمازيغي أكسل كانت سلطات بلدية بوحمامة بولاية خنشلة شرقي الجزائر، قد سمحت بتثبيته في محور دائري وسط المدينة، تكريماً لهذا القائد الأمازيغي، لكن جدلاً كبيراً حول مواقف ملتبسة في فترة الفتح الإسلامي، ومعاركه ضد الفاتح الإسلامي عقبة بن نافع وقتله له، واعتراضات حادة ضد إقامة هذا النصب التذكاري، دفعت السلطات إلى اتخاذ قرار برفعه.
وكان الفنان عبد الرزاق بوسكار قد قام بنحت فني جميل لفارس على صهوة جواده يمثل القائد الأمازيغي أكسل المعروف في التاريخ العربي باسم كسيلة، والذي تزامنت فترة قيادته للأمازيغ مع فترة الفتح الإسلامي لمنطقة شمال أفريقيا بقيادة عقبة بن نافع وأبي المهاجر دينار، وتكفلت جمعية محلية (جمعية تاشرشارت للسياحة ببوحمامة) بتكاليف تشكيل النصب التذكاري، ومباشرة الإجراءات مع السلطات المحلية، حيث حصلت على موافقة رسمية موثقة من رئيس البلدية.
اللافت في الطلب الذي تقدمت به الجمعية أنها لم تذكر هوية واسم الفارس المعني بالنصب التذكاري، وقدمت الطلب على أساس أنه "نصب تمثال لفارس وحصان بالمحور الشرقي لمدخل البلدية"، من دون الإشارة إلى شخصية معينة. لكن الإعلان لاحقاً عن أن النصب يمثل أكسل دفع السلطات على ما يبدو للتحفظ على تثبيت التمثال.
وفي وقت لاحق من الليلة الماضية، أصدر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يتبنى الدفاع عن الثقافة الأمازيغية بياناً شجب فيه قرار السلطات إزالة التمثال، واعتبره قراراً يسعى إلى طمس رموز في التاريخ الأمازيغي.
وظهر جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن مواقف القائد الأمازيغي أكسل الذي يرى بعض المؤرخين أنه قاوم الفتح الإسلامي وتصادم مع الفاتح عقبة بن نافع وقتله وقام بأسر قادة آخرين في جيش الفتح، لكن مؤرخين آخرين يشيرون إلى أنّه أسلم وأن اصطدامه بعقبة بن نافع كان نتيجة سوء معاملته للسكان المحليين الأمازيغ.
واعتبر الكاتب والصحافي محمد ايوانوغان أن "نزع تمثال أكسل في بوحمامة في اليوم الذي كان مقرراً تدشينه الرسمي، يؤكد شيئاً واحداً هو أن الدولة الجزائرية تفسخت، والمستقبل مخيف جداً"، في إشارة منه إلى وجود تضارب في القرارات بين قرار السلطات المحلية التي رخصت بتثبيته، وبين القرار اللاحق الذي أعلن رفعه.
من جهته، كتب المحامي المعروف هاشم ساسي: "بعدما صح خبر نزع تمثال أكسل بعد تنصيبه (وخاصة بعد الموافقة والمصادقة الرسمية) فإن القرار هو من أغبى القرارات التي اتخذت في السنوات الأخيرة وهو قرار خطير لا يعلم متخذه أن له أبعاداً خطيرة لما له من مساس بالوحدة الوطنية وخدمة (بدون علم مصدره) لأجندات ومخططات أجنبية تهدف لتقسيم الجزائر".
تابع: "القرار ذكرني بقرار رئيس بلدية خنشلة بتعليق صورة بوتفليقة على مبنى البلدية (عشية الحراك الشعبي في فبراير/ شباط 2019) وما ترتب عنه من تغيير في تاريخ الجمهورية الجزائرية".
أما الفنان نور الدين تابرحة فدعا إلى التعقل في معالجة المسألة تجنباً لإثارة الحساسيات، وقال: "في مثل هذه المواقف تتطلب منا التعقل وأن نكون أكثر سلاسة وأكثر دبلوماسية وأكثر تحضراً، وأن نستحضر سيادة العقل ونتصرف بحكمة لكيلا نتهم بأننا خارجون عن القانون وأننا أعداء الوطن"، واعتبر أن "ما حدث في بوحمامة يترجم حالة من التعفن والمرض اللذين أصابا طبقة من مجتمعنا هذه الفئة التي ترفض التصالح مع الذات".
وأضاف: "أعتقد أن ديباجة الدستور واضحة والعناصر المشكلة للهوية مذكورة ومسلم بها، ولا داعي للمتاجرة بعواطف شعبنا وإثارة نزعات عدائية"، متسائلاً: "ترى من المستفيد من إثارة الضغينة؟ من هو خلف إزالة عمل فني من مكان عام ومن لديه الرغبة في مصادرة حرية التعبير الفني".