تقليص ترامب ميزانية البحث العلمي يهدّد خطة تطوير الذكاء الاصطناعي
استمع إلى الملخص
- يشير الخبراء إلى أن الأبحاث الممولة حكومياً كانت حاسمة في تطوير تقنيات مثل الرؤية الحاسوبية، وأن التعاون بين التخصصات يمكن أن يؤدي إلى إنجازات كبيرة.
- تخفيض التمويل قد يؤثر سلباً على أمان الذكاء الاصطناعي وتدريب المواهب، مما يهدد بتقليل تدفق الكفاءات إلى الشركات التقنية.
أطلقت إدارة دونالد ترامب، الشهر الماضي، خطة العمل الأميركية لتطوير الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز سيطرة الولايات المتحدة على القطاع في وجه الصين، لكن نجاحها مهدد بالتخفيضات الكبيرة التي فرضها الرئيس الأميركي نفسه على تمويل الأبحاث العلمية عبر الوكالات الحكومية، ومنها المعهد الوطني للصحة والمؤسسة الوطنية للعلوم ووكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة ووكالة ناسا، بحسب تقرير نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية، الجمعة.
ورأى رئيس وحدة الحوسبة العصبية والسلوك في المعهد الوطني للصحة، مارك هيستد، أنّ "تأثير التخفيضات على الذكاء الاصطناعي قد لا يكون واضحاً في العام أو العامين القادمين"، لكنّها تهدد "النظام البيئي الكامل الذي بنيناه حول الذكاء الاصطناعي، والذي أنشأته المساعدات الحكومية".
وهو رأي وافقت عليه أستاذة علوم الحاسوب في جامعة شيكاغو والمديرة الأكاديمية للذكاء الاصطناعي في معهد علوم البيانات، ريبيكا ويليت، بقولها: "أنا أرى الأمر نظاماً بيئياً، حيث تساهم تخصصات مختلفة بجوانب متنوعة في هذه العملية. أرى دوراً رئيسياً للأوساط الأكاديمية وللصناعة أيضاً. وعندما ننظر إلى المستقبل ونفكر في دفع عجلة الذكاء الاصطناعي، علينا أن ندعم هذا النظام البيئي بأكمله".
بحسب هيستد وويليت، فإن الذكاء الاصطناعي لم يكن ليصل إلى هيئته الحالية، لولا الأبحاث الممولة من الحكومة الأميركية، مشيرين إلى أمثلة عدة لتقنيات وشركات في المجال وجدت نتيجة الدعم الحكومي. إذ حظي تطوير تقنية الرؤية الحاسوبية بدعم حكومي منذ ثمانينيات القرن العشرين، وصارت اليوم الأساس لمعظم تقنيات التعرف على الوجه والصور. كذلك الحال مع برنامج ألفافولد الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي للمساعدة في اكتشاف أدوية جديدة، وشركة أنثروبيك التي تعمل على تحسين أمان الذكاء الاصطناعي لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية.
وأشار هيستد إلى أن تخفيض التمويل في مجالات أخرى سيبطئ من تطور أبحاث الذكاء الاصطناعي، التي كثيراً ما تستلهم من مجالات علمية أخرى. وأعطى مثالاً بيّناً على العلاقة بين مجال تخصّصه أي علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، موضحاً: "نحن في بداية فهم كيفية إنشاء الشبكات العصبية المتصلة لوظائف مثل الذاكرة والإدراك. وإذا نظرت إلى شبكة تعلم آلي أو شبكة ذكاء اصطناعي، فالأمر مشابه". ونبّه إلى أن الأبحاث الممولة من الحكومة التي تجمع بين هذه التخصصات أدت إلى أعمال حازت جائزة نوبل. فقد فاز جيفري هينتون وجون هوفيلد بجائزة نوبل في الفيزياء عام 2024 عن عملهما في تقاطع علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، بعدما تلقيا دعماً من المؤسسة الوطنية للعلوم.
وبحسب "ذا غارديان"، من الممكن أن تشكل خطة ترامب أيضاً تهديداً لأمان الذكاء الاصطناعي، وهو أمر أساسي لضمان فعالية برامج الذكاء الاصطناعي وامتثاله للمعايير القانونية. إذ تضمنت خطته بنوداً تدعو لإزالة الإشارات للمعلومات المضللة ولقيم التنوع والشمول، وكذلك لتغير المناخ، في الوقت الذي ثبت فيه أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تظهر تحيزاً على أساس الجنس والعرق. ورأى هيستد أن مجال أمان الذكاء الاصطناعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم الأعصاب، لأن فهم كيفية نشوء التحيز في الشبكات العصبية البشرية يمكن أن يساعد على فهم كيفية نشوء التحيز في شبكات الذكاء الاصطناعي.
واتفق ويليت وهيستد على أن قطاع الذكاء الاصطناعي سيكون بخطر خلال السنوات المقبلة، في حال توقفت الحكومة عن تمويل الأبحاث والتدريب في الجامعات.
وأشار هيستد إلى أن "خط الإمداد بالمواهب" الممول حكومياً "مهمٌ للغاية"، مضيفاً: "نحن ندرب أعداداً كبيرة جداً من الأشخاص في علم الأعصاب والمجالات ذات الصلة، الذين ينتقلون مباشرة للعمل في هذه الشركات التقنية. هناك الكثير من التداخل. جميع الأشخاص الذين يقودون الجانب التقني من ثورة الذكاء الاصطناعي كانت لهم صلة بالعالم الأكاديمي الذي دربهم وحصل على دعم من التمويل الحكومي الأميركي".
بدورها، قالت ويليت: "إحدى الطرق الكبيرة التي تستفيد بها شركات التكنولوجيا من الجامعات هي أننا ندرب الطلاب، أليس كذلك؟ وهؤلاء يدخلون هذه الشركات بمهارات متطورة تحتاجها هذه الشركات. وبالتالي، منذ البداية، أعتقد أن الجامعات تلعب دوراً أساسياً مهماً للصناعة".