تزايد إقبال الروس على "العلوم الباطنية"

24 مايو 2025
تحول إقبال الروس على العلوم الباطنية إلى مصدر رزق لكثيرين (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت روسيا زيادة في الإقبال على العلوم الباطنية، حيث يلجأ 14% من الروس لهذه الخدمات، خاصة في الأوقات الصعبة، رغم افتقارها للواقعية.
- يشير المعالج النفسي يفغيني إدزيكوفسكي إلى أن التعليم لا يضمن الذكاء في التصرف، حيث يلجأ البعض للدجالين في مواجهة ظروف صعبة، ويقترح الحد منها عبر قوانين صارمة.
- أصبحت العلوم الباطنية مصدراً كبيراً للدخل في روسيا، حيث تفوق عائداتها سوق العلاج النفسي، مع ارتفاع الطلب على أدوات السحر بنسبة 34%.

 

تشهد روسيا في السنوات الأخيرة زيادة مطردة في إقبال السكان على العلوم الباطنية أو الخفية، المعروفة أيضاً باسم الروحيات (الإيزوتيريك)، بما في ذلك الزيارات إلى العرافين والمنجمين وغيرهم من "المتخصصين" المشكوك في أمرهم، إذ أظهر استطلاع أجراه صندوق الرأي العام أن 14% من المستطلعة آراؤهم لجأوا إلى مثل هذه الخدمات مرة واحدة على الأقل، مع ارتفاع هذه النسبة إلى 16% ضمن الشريحة العمرية بين 31 و45 عاماً، وإلى 18% للشريحة بين 46 و60 عاماً. وأظهر الاستطلاع نفسه أن 11% من الروس لا يستبعدون احتمال لجوئهم إلى خدمات السحر والعرافين في المستقبل، كما بلغت النسبة بين سكان المناطق الحضرية 16% (للمدن البالغ عدد سكانها ما بين 250 ألفاً ومليون نسمة)، وهي نسب تبدو منطقية في ظل اعتقاد 23% من الروس أن السحر قد يكون له تأثير على مصير الإنسان وصحته.

ويعزو المعالج النفسي يفغيني إدزيكوفسكي إقبال الروس على العلوم الباطنية إلى سعي من عامة البشر في أي مكان في العالم للبحث عن حلول سهلة لمشكلاتهم، ما يحول دون استئصال ظاهرة تقديم مثل هذه الخدمات المشكوك في أمرها، جازماً أنها لا تمت بصلة لا إلى الواقع ولا إلى خدمات العلاج النفسي الحقيقي المحترف. ويقول إدزيكوفسكي في حديث لـ"العربي الجديد": "هناك زيادة مطردة للإقبال على العلوم الباطنية نظراً إلى بحث البشر عن حلول سهلة، ولا مجال لاستئصال هذه الظاهرة، وهي تتفاقم في كل مرة تمر فيها البلاد بظروف صعبة. لكن المثير للدهشة هو أن أشخاصاً من أصحاب المؤهلات العليا باتوا من رواد مثل هذه الخدمات رغم أنها خدعة بحتة". وحول دوافع هؤلاء الأشخاص المتعلمين للجوء إلى خدمات مشكوك في أمرها، يضيف: "التعليم عبارة عن إدخال المعلومات إلى رأس المتلقي، ولكنه لا يجعل البشر يتصرفون بذكاء دائماً، بل يذهبون إلى دجالين في حالات الشعور بانعدام الحيلة في ظروف حياتية صعبة مثل الانفصال عن الزوج أو الإصابة بمرض لا شفاء منه. من المستحيل استئصال هذا التفكير، ولكن يمكن الحد من الظاهرة عبر استحداث قوانين صارمة مثل تلك المنظمة للقطاعات الحساسة مثل الكحول وألعاب القمار". ويؤكد أن عدداً لا بأس به من زبائنه قد أقروا بلجوئهم إلى خدمات العلوم الباطنية قائلاً: "ما بين ثلث عملائي ونصفهم اعترفوا بأنهم لجأوا إلى العلوم الباطنية ظناً منهم أن انتشار الظاهرة على نطاق واسع يدل على فاعليتها، وإن كان التفكير بهذا المنطق غير سليم، فيصبح الوضع أشبه بتناول دواء وهمي. أما نحن، المعالجين النفسيين، فلا نقدم نصائح بقدر ما نساعد المرء في تدارك سلوكياته ومعالجة آثار صدماته النفسية".

وفي تلك الأثناء، تحول إقبال الروس على العلوم الباطنية إلى مصدر رزق لـ"المتخصصين" يفوق خدمات العلاج النفسي أضعافاً مضاعفة، إذ أظهرت دراسة تحليلية أجرتها وكالة موديفايرز للاتصال، العام الماضي، أن حجم أعمال سوق خدمات العلوم الباطنية يبلغ تريليوني روبل (نحو 25 مليار دولار وفقا لسعر الصرف الحالي)، ما يفوق سوق العلاج النفسي بمقدار 20 ضعفاً. ومع ذلك، ولّد عدم الكشف عن منهجية إجراء الدراسة شكوكاً في صحتها، إذ قدر مدير عام شركة إنفولاين للتحليل ميخائيل بورغوميستروف قيمة هذه السوق بنصف المبلغ المذكور بواقع تريليون روبل شاملة بيع الخدمات والسلع المصاحبة لها.

ومن بين المؤشرات التي تؤكد زيادة إقبال الروس على العلوم الباطنية، ارتفاع الطلب على "أدوات السحر" بنسبة 34% في العام الماضي مقارنة مع عام 2023، وفق بيانات خدمة "أتول أونلاين" للمدفوعات الإلكترونية، وسط تزايد عدد الإعلانات حول مختلف خدمات العلوم الباطنية في المواقع المعنية، ويصل أسعار بعضها إلى 10 آلاف روبل (أكثر من 120 دولاراً) مقابل "التحليل المدقق" لحياة الإنسان حسب وضع النجوم.

دلالات
المساهمون