ترامب يجمّد عمل إذاعات موجهة إلى الخارج... والغموض يلف مصير "الحرة"

16 مارس 2025
صحافيون في "أوروبا الحرة" بمكتبها في بيشكيك (فياتشيسلاف أوسيليدكو/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم وضع صحافيي "وكالة صوت أميركا" في إجازة إدارية مفتوحة بأمر رئاسي، مما أدى إلى حل "وكالة الإعلام العالمية الأميركية" وإثارة صدمة بين الموظفين.
- يعود التوتر بين ترامب و"صوت أميركا" إلى انتقاده لتغطيتها لجائحة كوفيد-19، مما أدى إلى إلغاء عقود محطات البحث الدولية وتهديد مستقبل "شبكة بث الشرق الأوسط".
- وصف ترامب "صوت أميركا" بأنها "دعاية متطرفة"، مما أثار انتقادات في الكونغرس حول تأثير القرار على جهود مكافحة الدعاية العالمية.

فوجئ صحافيون يعملون في "وكالة صوت أميركا" بمنعهم من دخول مقر عملهم يوم السبت، بعدما صدر أمر رئاسي متأخر مساء الجمعة الماضي، يقضي بوضعهم في إجازة إدارية جماعية مفتوحة. وجاء القرار تنفيذاً لتوجيه رئاسي يلزم "الوكالة الأميركية للإعلام العالمي" بإنهاء جميع الأنشطة غير المطلوبة قانونياً.

ووصف أحد الموظفين، الذي تحدث إلى "العربي الجديد"، وفضل عدم ذكر اسمه، الأمر بأنه يشبه تفكيك "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" USAID، مشيراً إلى حالة الصدمة والغضب بين أكثر من 1300 موظف في "صوت أميركا"، بعدما وجدوا أنفسهم فجأة خارج الخدمة بقرار رئاسي، يمنعهم من أداء "رسالتهم الصحافية"، وفق تعبيره.

تفكيك إعلامي واسع النطاق

شمل القرار حل "وكالة الإعلام العالمية الأميركية" (USAGM)، التي تدير شبكات إعلامية عدة، منها "إذاعة صوت أميركا" (VOA)، و"مكتب إذاعة كوبا" (OCB)، و"إذاعة آسيا الحرة" (RFA)، و"إذاعة أوروبا/راديو ليبرتي" (RFE/RL)، و"شبكة بث الشرق الأوسط" (MBN) التي تضم قناة "الحرة"، إلى جانب "صندوق التكنولوجيا المفتوحة" (OTF) و"صندوق فرونت لاين ميديا". وتبث الوكالة محتواها إلى نحو 420 مليون شخص في 63 لغة وأكثر من 100 دولة، مستهدفة مناطق في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وكوبا.

توتر بين ترامب و"صوت أميركا"

يعود تاريخ التوتر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب و"صوت أميركا" إلى ولايته الأولى، إذ انتقد تغطيتها لجائحة كوفيد ــ 19، واعتبر مواقفها "راديكالية". وخلال لقاء مع رئيس الوزراء الأيرلندي قبل أيام، سألته صحافية من "صوت أميركا" عن خطة طرد الفلسطينيين من غزة، فرد قائلاً: "لن يطرد أحد من غزة"، وحين أخبرته الصحافية بانتمائها إلى المؤسسة الإعلامية، رد قائلاً: "آه، لا عجب"، في إشارة إلى موقفه المسبق منها.

مصير غامض لموظفي شبكة الشرق الأوسط

بالتزامن مع القرارات، ألغت الوكالة جميع عقود محطات البحث الدولية الممولة منها، مثل "إذاعة أوروبا الحرة" و"راديو آسيا الحرة". أما موظفو "شبكة بث الشرق الأوسط" (MBN)، التي تدير قناتي "الحرة" و"الحرة - العراق"، وإذاعتي "سوا" و"سوا - العراق"، إضافة إلى مواقعها الرقمية مثل "ارفع صوتك" و"أصوات مغاربية" و"الساحة"، فينتظرون قراراً نهائياً خلال الأيام المقبلة، وفق ما أكدت مصادر من داخل الشبكة لـ"العربي الجديد".

وتوضح المصادر أن MBN مؤسسة غير ربحية يمولها الكونغرس الأميركي عبر "مجلس أمناء البث الإذاعي والتلفزيوني الأميركي"، ولا ينطبق عليها وضع الإجازة الإدارية المفتوحة. لكنها تواجه احتمالين: إما استمرار التمويل بشكل طبيعي، وإما خفضه، ما قد يؤدي إلى تقليص أعداد العاملين، بعدما شهدت الشبكة ترحيل 180 موظفاً قبل بضعة أشهر. أما السيناريو الأكثر خطورة، فيكمن في الإغلاق الكامل، وهو ما سيؤثر على مئات الموظفين الذين ترك بعضهم وظائف مستقرة ولم يحصلوا بعد على إقامات دائمة في الولايات المتحدة، ما يعرضهم لخطر الترحيل.

اتهامات بـ"الدعاية المتطرفة" وتداعيات الإغلاق

كان ترامب قد وصف "صوت أميركا" سابقاً بأنها "صدى للدعاية المتطرفة"، فيما أصدر البيت الأبيض بياناً يبرر التخفيضات المالية بأنها تهدف إلى عدم تحميل دافعي الضرائب تكاليف "دعاية راديكالية". وتوظف الوكالة 3500 موظف، وبلغت ميزانيتها لعام 2024 نحو 950 مليون دولار، وفق ما علمت "العربي الجديد".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن بعض ترددات "صوت أميركا" في الشرق الأوسط وآسيا بدأت ببث الموسيقى فقط، بعد توقف البرامج القادمة من واشنطن. وعلى الرغم من إصدار الكونغرس قانوناً عام 2020 يحد من سلطات الرئيس التنفيذي للوكالة، فإن ترامب استمر في اتخاذ قرارات اعتبرتها الصحافة الأميركية "اختباراً لحدود سلطته".

"سبت دموي" وإدانات واسعة

عاشت الوكالة أجواءً غير عادية يوم السبت، حيث كتب مايكل آبراموفيتز، مدير الشبكة، على مواقع التواصل الاجتماعي: "تم وضع جميع الموظفين تقريباً في إجازة مفتوحة"، مضيفاً: "من بين 1300 صحافي ومنتج وموظف دعم، تم فصلهم جميعاً... أشعر بحزن عميق، لأنها المرة الأولى منذ 83 عاماً التي يتم فيها إسكات 'صوت أميركا'".

من جانبه، وصف غرانت تيرنر، المدير المالي لوكالة الإعلام العالمي الأميركية، ما حدث بأنه "سبت دموي". فيما قال ستيف كابوس، رئيس "إذاعة أوروبا الحرة"، في بيان رسمي: "هذا القرار هدية كبيرة لأعداء أميركا، وسيحتفل به الإيرانيون والقادة الشيوعيون في الصين والمستبدون في موسكو بعد 75 عاماً من العمل".

جدل قانوني حول القرار

حملت إشعارات القرارات توقيع كاري ليك، مستشارة ترامب الخاصة في USAGM، لكن شبكة "إن بي آر" الأميركية شككت في تمتعها بالسلطة التنفيذية لاتخاذ هذه القرارات وتنفيذها، خاصة أن الكونغرس لم يعقد حتى الآن جلسة استماع لتأكيد تعيين الإعلامي مايكل باك، الذي اختاره ترامب لرئاسة الوكالة.

وأثارت القرارات انتقادات واسعة داخل الكونغرس، حيث أكد النائب غريغوري دبليو ميكس، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ولويس فرانكل، العضو البارز في اللجنة الفرعية لمخصصات الأمن القومي ووزارة الخارجية، أن هذه الخطوة ستلحق ضرراً دائماً بجهود الولايات المتحدة في مكافحة الدعاية حول العالم. وأشارا إلى أن هذه الوكالات لعبت دوراً مهماً في مواجهة الدعاية الصينية والروسية، وأسهمت في الحرب الباردة وفي نقل المعلومات خلال العدوان الروسي على أوكرانيا.

المساهمون