تدمير الإذاعات المحلية يفاقم التعتيم الإعلامي في غزة

15 يناير 2025
في مخيم للنازحين في رفح، 17 ديسمبر 2023 (محمد عابد/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ السابع من أكتوبر 2023، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الإذاعات المحلية في غزة، مما أدى إلى توقف 24 إذاعة عن البث، وحرمان السكان من المعلومات في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت.
- لجأ الفلسطينيون إلى استخدام أجهزة الراديو المحمولة والقنوات الفضائية لمتابعة الأخبار، مع تدمير مقار الإذاعات المحلية والنقص في الكهرباء والوقود، مما زاد من صعوبة إيصال الأخبار.
- أكد الفلسطينيون على أهمية الإذاعات المحلية كمصدر موثوق، ومع تدميرها، شعر السكان بالضياع، مما دفع بعض الإذاعات في الضفة الغربية إلى تقوية بثها ليصل إلى غزة.

دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي الإذاعات المحلية في قطاع غزة، خلال عدوانها المتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فتوقفت عن البث، وأعيقت قدرتها على متابعة التطورات ومواكبة الأخبار. هذا الاستهداف الممنهج لنحو 24 إذاعة محلية حرم أهالي القطاع من مصدر رئيسي للمعلومات، خاصة في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت، ما استدعى لفتح بث قنوات عربية موجات محلية مثل "التلفزيون العربي" وقناة الجزيرة، إلى جانب بعض الإذاعات المحلية في الضفة الغربية، مثل راديو عروبة ومنبر الحرية وبسمة، التي بثت برامج موجهة لغزة لتعويض النقص في المعلومات والأخبار.

يلجأ الفلسطينيون في غزة إلى أجهزة الراديو المحمولة التي تعمل بالبطاريات أو الشحن لمتابعة بعض الإذاعات الإسرائيلية التي يصل بثها إليهم، أو لتبادل المعلومات شفهياً وعبر تطبيقات المراسلة، كما اعتمدوا على القنوات الفضائية التي تغطي الشأن الفلسطيني لمتابعة المستجدات.

وتعددت أسباب توقف أثير الإذاعات المحلية، إذ قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مقار العديد منها ما أدى إلى تدميرها بشكل كامل أو جزئي، كما أن النقص الحاد في الكهرباء والوقود يمنع تشغيل الأجهزة والمعدات اللازمة للبث، والانقطاع المتكرر للإنترنت زاد من صعوبة إيصال الأخبار للمتابعين عبر الوسائل الرقمية. ولم تسلم أي من الإذاعات المحلية من الاستهداف الإسرائيلي والتدمير؛ تعرض مقر إذاعة صوت الشعب إلى التدمير وتوقف عن البث، كذلك إذاعة البراق، ودمرت إذاعة صوت الأقصى التي تعد من أبرز الإذاعات المحلية في غزة، واستهدف مقر إذاعة القدس مما أدى إلى انقطاع بثها. الاستهداف الإسرائيلي طاول أيضاً مقر إذاعة الرأي الحكومية ومقار عدد من الإذاعات المحلية الأخرى.

ويقول الفلسطيني محمد عليوة إن الإذاعات المحلية "كانت النافذة الأولى" له لمعرفة ما يجري، خاصة في اللحظات الحرجة. ويضيف عليوة: "عندما دمرت الإذاعات، شعرنا بحالة من التيه، وكأننا فقدنا عيننا على الأحداث خلال الحرب. الاطلاع على الأخبار الدقيقة والمباشرة أمر ضروري لمعرفة أماكن القصف والمناطق الخطرة أو أوقات فتح المعابر لدخول المساعدات والبضائع". ويوضح، لـ"العربي الجديد"، أنه اضطر بعد توقف بث الإذاعات للبحث عن بدائل، مثل متابعة القنوات الفضائية الإخبارية أو استخدام الراديو المحمول إذا توفرت بطاريات لمتابعة بث بعض القنوات الدولية، إلى جانب الاعتماد على المجموعات في "واتساب" أو "تليغرام"، إلا أن هذه الوسائل "ليست بنفس دقة الإذاعات المحلية التي كنا نثق بها".

أما الفلسطينية ريما سعد، وهي نازحة من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، فتؤكد أن الإذاعات كانت بالنسبة لها ولعائلتها "الملجأ الأول" لمعرفة الأخبار في ظل انقطاع الإنترنت والكهرباء، فيما باتوا "يشعرون بالقلق بعد فقدان مصدر مهم لتزويدهم بالتحديثات الدقيقة عن المناطق المستهدفة". وتقول سعد: "لم نكن نعرف إلى أين نذهب أو كيف نحمي أنفسنا في ظل انعدام المعلومات". وتوضح، لـ"العربي الجديد"، أنها باتت تعتمد على الأخبار المتناقلة شفهياً لمعرفة آخر المستجدات على الرغم من حالة الفوضى وعدم الانضباط والكم الهائل من الشائعات التي يتم تداولها. وترى أن استهداف الإذاعات المحلية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الإذاعات "محاولة لخنق الشعب الفلسطيني في غزة وعزله عن العالم ومستجدات الأحداث، ومع ذلك فإننا مستمرون في التمسك بأي وسيلة للحصول على الأخبار، لأننا نعرف أن الاحتلال يريد كسر إرادتنا، لكننا أقوى من ذلك".

في السياق نفسه، يفيد أمين سر نقابة الصحافيين الفلسطينيين، عاهد فروانة، بأن الاحتلال الإسرائيلي تعمد تدمير كل المؤسسات الإعلامية ومقارها في قطاع غزة منذ الأيام الأولى للحرب من أجل منع الصوت الفلسطيني من الوصول إلى العالم. ويلفت فروانة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإذاعات كانت خلال الجولات والحروب السابقة المصدر الأساسي لتلقي الأخبار في ظل انقطاع الكهرباء والإنترنت لفترات طويلة، وقد كان الفلسطينيون يعتمدون عليها بشكل أساسي مصدرا للأخبار منذ ما قبل الحرب. ويبين أن أهمية الإذاعات تنبع من سهولة الوصول إليها نظراً لعدم الحاجة سوى لجهاز راديو بسيط أو هاتف نقال، وقد "بات المواطن في غزة يعاني لمعرفة ما يدور حوله، ما اضطره إلى الاستعانة بإذاعات ذات خلفية إسرائيلية (إذاعة مكان الرسمية يصل بثها للقطاع بوضوح تام)، الأمر الذي دفع بعض الإذاعات في الضفة الغربية إلى تقوية بثها ليصل إلى القطاع، وتصبح مصدراً بديلاً لمعرفة الأخبار، إلى جانب فتح الموجات الإذاعية وإفساح المجال للحديث وشرح معاناتهم وظروفهم الصعبة".

وفقاً للحصيلة الأخيرة التي أعلن عنها المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أمس الثلاثاء، فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي 204 صحافيين منذ السابع من أكتوبر 2023، وتعتقل 43 صحافياً ممن عرفت أسماؤهم. ووفقاً لنقابة الصحافيين الفلسطينيين، فإن الخسائر المادية في القطاع الإعلامي بلغت نحو 400 مليون دولار أميركي.

المساهمون