تحقيق يكشف ثغرات بالجملة في "فيسبوك"... كيف يتضرّر المستخدمون؟

تحقيق يكشف ثغرات وعيوباً بالجملة في "فيسبوك"... ما أضرارها على المستخدمين؟

21 سبتمبر 2021
دق موظفو زوكربيرغ ناقوس الخطر (Getty)
+ الخط -

توصّلت تحقيقات متسلسلة أجرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أنّ شركة "فيسبوك" تعرف، بتفاصيل دقيقة، أن منصاتها مليئة بالعيوب التي تسبب الضرر، غالباً بطرق لا تفهمها تماماً سوى الشركة. واستند التحقيق إلى وثائق "فيسبوك" الداخلية، بما في ذلك التقارير البحثية ومناقشات الموظفين عبر الإنترنت ومسودات العروض التقديمية للإدارة العليا.

وتظهر الوثائق مراراً وتكراراً أن باحثي "فيسبوك" قد رصدوا الآثار السيئة للمنصة، وعلى الرغم من جلسات الاستماع في الكونغرس وتعهداتها الخاصة لم تقم الشركة بإصلاحها. 

وأدت التقارير التي نشرتها الصحيفة، حول ما يعرفه "فيسبوك" عن التأثيرات النفسية لمنصة "إنستغرام" التابعة له على الفتيات المراهقات، إلى غضب ودعوات لزيادة القيود على المنصة. وذكرت الصحيفة أيضاً أن مراجعة محتوى "فيسبوك" تتساهل مع السياسيين والمشاهير حتى عندما ينتهكون قواعد المنصة، وقالت إن تجار البشر وعصابات المخدرات يستفيدون من تأثير "فيسبوك" ونموه في البلدان النامية.

في المقابل، انتقد نائب رئيس "فيسبوك" للشؤون العالمية، نيك كليغ، صحيفة "وول ستريت جورنال" بسبب تحقيقها، قائلاً إن عمل الصحيفة احتوى على "توصيفات خاطئة متعمدة لما نحاول القيام به، وحديث عن دوافع كاذبة بشكل فاضح لقيادة وموظفي "فيسبوك"".

إليكم تفاصيل التحقيق حول أضرار فيسبوك وأسراره الداخلية:

"لا مساواة في فيسبوك"

يقول مارك زوكربيرغ إن "فيسبوك" يسمح لمستخدميه بالتحدث على قدم المساواة مع نخب السياسة والثقافة والصحافة، وإن معاييره تنطبق على الجميع. 

لكن بحسب الصحيفة، أنشأت الشركة نظاماً أعفى المستخدمين البارزين من بعض أو كل قواعدها. كان الهدف من البرنامج، المعروف باسم XCheck (الفحص المتقاطع)، هو أن يكون مقياساً لمراقبة الجودة للحسابات البارزة. وتظهر الوثائق أن النظام يحمي اليوم ملايين الشخصيات المهمة من معايير الشركة السارية على الناس العاديين. 

ويسيء الكثيرون استخدام هذا الامتياز، وينشرون مواد تشمل المضايقة والتحريض على العنف الذي كان ليؤدي عادةً إلى فرض عقوبات لو كان المستخدم عادياً. وتقول "فيسبوك" إن انتقاد البرنامج عادل، وإنه مصمم لغرض جيد وإن الشركة تعمل على إصلاحه.

إنستغرام والمراهقون

ويدرس الباحثون داخل "إنستغرام"، المملوك لـ"فيسبوك"، كيف يؤثر تطبيق مشاركة الصور على ملايين المستخدمين المراهقين. وبحسب الصحيفة، وجدت الشركة مراراً وتكراراً أن "إنستغرام" أضرّ بنسبة كبيرة من المراهقين، لا سيما الفتيات المراهقات، أكثر من منصات التواصل الاجتماعي الأخرى. 

في العلن، قللت "فيسبوك" باستمرار من أهمية الآثار السلبية للتطبيق، بما في ذلك التعليقات المرفوعة إلى الكونغرس، ولم تجعل أبحاثها متاحة للعامة أو للأكاديميين أو المشرعين الذين طلبوا ذلك.

رداً على ذلك، تقول "فيسبوك" إن الآثار السلبية ليست منتشرة، وأن أبحاث الصحة النفسية ذات قيمة وأن بعض الجوانب الضارة ليس من السهل معالجتها.

خوارزميات "فيسبوك" والإصلاحات

أجرت شركة "فيسبوك" تغييراً مبشراً في خوارزميته عام 2018 بهدف تحسين المنصة ووقف تراجع تفاعل المستخدم. وأعلن مديرها التنفيذي مارك زوكربيرغ أن هدفه تقوية الروابط بين المستخدمين وتحسين راحتهم من خلال تعزيز التفاعلات بين الأصدقاء والعائلة. لكن الوثائق تظهر أن الموظفين داخل الشركة حذروا من أن التغيير كان له تأثير معاكس، إذ صار يجعل المستخدمين أكثر غضباً.

وأظهرت الوثائق أن زوكربيرغ قاوم بعض الإصلاحات التي اقترحها فريقه، لأنه كان يخشى أن يؤدي ذلك إلى تقليل تفاعل الأشخاص مع "فيسبوك". رداً على ذلك، قال "فيسبوك" إن أي خوارزمية يمكن أن تروج لمحتوى مرفوض أو ضار وإن الشركة تبذل قصارى جهدها للتخفيف من المشكلة.

استغلال "فيسبوك" للاتجار بالبشر

وتُظهر العشرات من مستندات "فيسبوك" التي استندت إليها صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الموظفين يدقون إنذارات حول كيفية استخدام منصاتها في البلدان النامية، حيث قاعدة مستخدميها ضخمة وتتوسع. 

وأشار الموظفون إلى أن المتاجرين بالبشر في الشرق الأوسط استخدموا الموقع لإغراء النساء في مواقف توظيف مسيئة، وحذروا من أن الجماعات المسلحة في إثيوبيا استخدمت الموقع للتحريض على العنف ضد الأقليات العرقية.

المتاجرون بالبشر في الشرق الأوسط استخدموا فيسبوك لإغراء النساء في مواقف توظيف مسيئة، والجماعات المسلحة في إثيوبيا استخدمت الموقع للتحريض على العنف ضد الأقليات العرقية

ووفقاً للوثائق، فقد أرسل الموظفون تنبيهات إلى رؤسائهم بشأن بيع الأعضاء والمواد الإباحية والإجراءات الحكومية ضد المعارضة السياسية. لكن بحسب الصحيفة، تظهر الوثائق أن استجابة الشركة تكون في كثير من الحالات غير كافية أو لا شيء على الإطلاق. 

في المقابل، قال متحدث باسم "فيسبوك" إن الشركة نشرت فِرَقاً عالمية وشراكات محلية ومدققين للحقائق تابعين لجهات خارجية للحفاظ على سلامة المستخدمين.

كورونا واللقاحات على "فيسبوك"

صار الترويج للقاحات أولوية قصوى لشركة "فيسبوك"، لكن المذكرات الداخلية أظهرت أن الناشطين أغرقوا الشبكة بما يسميه "فيسبوك" محتوى "يشكل حاجزاً ضد التطعيم". وأوضحت أنهم استخدموا أدوات "فيسبوك" لبث الشكوك حول شدة تهديد الوباء وسلامة اللقاح. وخلُصت الصحيفة إلى أن الشركة وضعت الترويج للقاح كهدف، لكن لم يتمكن الرئيس التنفيذي من توجيه المنصة كما يريد. 

من جهته، قال متحدث باسم "فيسبوك" في بيان إن البيانات تظهر أن التردد في استخدام اللقاحات للأشخاص في الولايات المتحدة على "فيسبوك" قد انخفض بنحو 50 في المائة منذ يناير/ كانون الثاني، وأن الوثائق تظهر "العملية الروتينية للشركة للتعامل مع التحديات الصعبة".

"فيسبوك" ترد على التحقيق

في بيان نُشر على موقع شركة "فيسبوك" يوم السبت تحت عنوان "أخطاء وول ستريت جورنال"، قال كليغ إن الصحيفة لم تقدم الصورة الكاملة عن "أصعب المشكلات التي نتعامل معها كشركة، من مراجعة المحتوى والمعلومات المضللة عن اللقاح إلى الخوارزمية وصحة المراهقين".

وقال أيضاً إن التقارير استندت إلى اقتباسات انتقائية من التقارير الداخلية المصممة "لتكون مرآة أمام أنفسنا وطرح الأسئلة الصعبة حول كيفية تفاعل الناس الكبير مع وسائل التواصل الاجتماعي". وكتب كليغ: "هذه قضايا خطيرة ومعقدة ومن المشروع تماماً أن نحاسب أنفسنا على كيفية تعاملنا معها".  وأضاف أنه "في قلب هذه السلسلة هناك ادعاء خاطئ تماماً: أن "فيسبوك" يجري بحثاً ثم يتجاهله بشكل منهجي ومتعمد إذا كانت النتائج غير ملائمة للشركة".

وأشار كليغ إلى أن "فيسبوك" "يتفهم المسؤولية الكبيرة التي تأتي مع تشغيل منصة عالمية. نحن نأخذ الأمر على محمل الجد، ولا نخجل من التدقيق والنقد"، "أتمنى لو كانت هناك إجابات سهلة لهذه القضايا، وأن الخيارات التي قد نتخذها لن تأتي بمقايضات صعبة"، لكن "هذا ليس العالم الذي نعيش فيه".

المساهمون