بيلاروسيا تلاحق قناة "نيكستا" ومشاهديها

بيلاروسيا تلاحق قناة "نيكستا" ومشاهديها

28 أكتوبر 2020
ستيبان بوتيلو كان مراهقاً عند افتتاحه القناة (فرانس برس)
+ الخط -

في خطوة لتضييق الحريات ومنع تغطية التظاهرات والاحتجاجات في بيلاروسيا من وجهة نظر لا تروق للسلطات، صنفت المحكمة العليا في البلاد قناة NEXTA (أو Nehta) المعارضة وشعارها، ضمن قائمة "المواد المتطرفة"، معتبرةً الفيديوهات المنشورة على قناة "تيليغرام" وحساب "يوتيوب" التابعين للقناة بمثابة "دعوات عامة لتنفيذ أعمال شغب جماعية"، ما يوسع دائرة الملاحقة والمسؤولية لتطاول متابعي منصات "نكستا" ومن يشاركون محتواها أو يعلقون عليه. فبات أكثر من مليوني مواطن من سكان بيلاروسيا مهددين بالملاحقة الجنائية تحت طائلة قوانين مكافحة التطرف بمقتضى الحكم الصادر منذ أيام.  

واستباقاً لدعوات المعارضة لمرحلة جديدة من الاضراب والاحتجاجات الواسعة منذ الأحد 25 أكتوبر، أدرجت وزارة الإعلام NEXTA في قائمة المنصات الإخبارية المتطرفة، وقيّدت الوصول إلى القنوات "التي تحتوي على أسماء متشابهة". بعد بت المحكمة بدعوى تقدمت بها المديرية الرئيسية لمكافحة الجريمة المنظمة والفساد بوزارة الداخلية البيلاروسية.
ومن أجل ثني المواطنين عن متابعة القناة وشرح المخاطر في حال لم يلتزموا بالقرار، نقلت وسائل الإعلام الرسمية عن مصدر في المحكمة العليا قوله إن إرسال الرسائل من القناة وإعادة الإرسال يندرجان تحت تعريف "النشاط المتطرف". و"إذا كان هناك اشتراك في قناة نكستا على هاتفكم، أو ترسلون المواد لبعضكم الآخر، فنعم، أنتم مروجون لمواد متطرفة. لذلك، كونوا حذرين بشأن ما تعيدون نشره". 

أطلقت "نكستا" (تلفظ نختا) كمدونة على يوتيوب في عام 2015 من قبل الصحافيين رومان بروتاسيفيتش وستيبان سفيلتوف المعروف باسم ستيبان بوتيلو. وكان أول منشور لها عبارة عن تسجيل فيديو لأغنية معارضة تحمل اسم "لا يوجد خيار" دعت، حينها، لمقاطعة الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا. وفي عام 2017، انتقل المشروع إلى تطبيق "تيليغرام"، ثم بدأت قناة "نكستا" على التطبيق بالنمو بسرعة في شعبيتها في صيف عام 2020، وفي مطلع شهر أغسطس/ آب كان لدى قناة نكستا لايف 315 ألف مشترك، وبعد أسبوع تجاوز عدد جمهور القناة مليوني مشترك، بعد تحولها إلى مصدر رئيس لتغطية التظاهرات والاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية.

في سبتمبر/ أيلول، أعلن رئيس تحرير نكستا رومان بروتاسيفيتش رحيله عن المشروع. يوجد مكتب تحرير نكستا في بولندا، كما مؤسس القناة، ستيبان بوتيلو، المطلوب في بيلاروسيا، وهو مهدد بعقوبة قد تصل إلى السجن 15 عامًا.
عقب صدور قرار المحكمة، غيرت القناة اسمها وشعارها لتضيف إليهما اللون الأسود وتبدّل حرفها الأول لتصبح Hexta، بهدف تجنيب متابعيها ملاحقة السلطات لهم. وقال بوتيلو، تعليقا على قرار المحكمة: "لقد تجاهلنا قرارات المحاكم البيلاروسية منذ أكثر من عام، لأنه من حيث المبدأ لا يمكن الحديث عن أي نوع من العدالة... ومع ذلك، علينا مرة أخرى أن نشكر السلطات البيلاروسية على الدعاية الممتازة لقنواتنا".

تغطي قناة "نكستا لايف" على تيليغرام أحداث الاحتجاج في بيلاروسيا، بعد انتخابات رئاسية نظمت في 9 أغسطس/ آب الماضي، وأعلنت السلطات حينها فوز لوكاشينكو وحصوله على أكثر من 80 في المائة من الأصوات وفقًا للجنة الانتخابات المركزية، في حين رفضت المعارضة والمتظاهرون هذه النتائج، وخرجوا بتظاهرات مطالبة باستقالة الرئيس وإعادة الانتخابات. 

ولعبت القناة دوراً مهماً في تغطية التظاهرات، وإعادة نشر دعوات التظاهر وأماكن التجمع، كما طلبت أيضًا مشاركة المعلومات حول إساءة استخدام السلطة من قبل قوات الأمن. بالإضافة إلى ذلك، نشرت القناة بشكل متكرر بيانات خاصة لرجال الأمن والقوات الخاصة والاستخبارات ممن تورطوا في أعمال عنف ضد المتظاهرين أو في التزوير الانتخابي. وفي هذا الصدد، تم رفع دعوى جنائية ضد ستيبان بوتيلو في بيلاروسيا بموجب القانون الخاص بأعمال الشغب الجماعية، وفي روسيا تم وضعه أيضًا على قائمة المطلوبين. 

في عام 2018، حاولت السلطات البيلاروسية رفع دعوى جنائية ضد بوتيلو بتهمة إهانة الرئيس، على خلفية نشر المدونة فيلمًا وثائقيًا بعنوان "لوكاشينكو: المواد الإجرامية"، اعتبرته السلطات لاحقا متطرفا. وأثارت "نكستا" حفيظة السلطات أكثر من مرة قبل الاحتجاجات الأخيرة، وفي 2018 أطلقت القناة في عدد من تسجيلاتها لقب "لوكاشيرلوك" (مزج بين لوكاشينكو وشارلوك هولمز) على لوكاشينكو، ساخرةً من "مواهبه" في كشف أسرار أوروبا "التي يتدافع الناس فيها من الزحام، ولا هواء هناك ليتنفسوه، بل دخان ورائحة سيئة" مقارنة مع بيلاروسيا "البرحة ذات الهواء العليل"، وفي إحدى الحلقات، سخرت "نكستا" من تصريحات لوكاشينكو أثناء اجتماعه مع المدعي العام الجديد في البلاد، قال فيها الرئيس إنه "اكشف جريمة مروعة كان القضاء برأ فيها المجرمين"، وأوضح أن "والد فتاة قتلت بجريمة مروعة لجأ إليه من أجل إظهار الحق وفضح المجرمين"، وقال إنه طالب بإحضار التحقيقات، وحيثيات الحكم، وراجعها لعدة أيام، وبعد بحثه المضني اكتشف حقيقة وجود جريمة، وطالب القضاء بإعادة المحاكمة بعد إحضار المجرمين من روسيا، وأظهرت القناة ردة فعل المدعي العام أمام تفاخر "لوكاشيرلوك" العالم بأصول التحقيقات الجنائية.

وفي حلقة أخرى، يظهر لوكاشينكو وهو يدعو خصومه إلى مواجهته وجهاً لوجه "في ملعب كرة القدم أو الهوكي، أو الجري والقفز، وإذا اقتضى الأمر أن نتعارك بالأيدي أو نتواجه بالسلاح"، مطالباً خصومه بالظهور علناً. وسخرت القناة من استعراض القنوات الحكومية لمهارات "القائد الفذ" المتنوعة من الزراعة إلى الرسم، وأظهرت مقطع فيديو يظهر فيه الحس الفني للوكاشينكو وهو يعرض ألبوما لرسوماته وهو يتأسف أن مشاغل السياسة حرمته من التقدم في مجال الفن. 

ونكستا ليست وسيلة الإعلام الوحيدة التي يتم التضييق عليها وملاحقة القائمين عليها في بيلاروسيا. فمنذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة كان رد السلطات الجديد على التظاهرات هو حجب مواقع منصتي "غولوس" و"زوبير" اللتين نشرتا نتائج انتخابات بديلة. كما قيدت الوصول إلى نحو 70 موقعاً مستقلاً، من أهمها Tut.by وBelsat وEuroradio. 
واتهم رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو مراراً قنوات تيليغرام ووسائل الإعلام المستقلة بالتحريض على أعمال شغب. وقال: "لقد فعلوا كل شيء لتدمير ثقة الناس بالدولة". وفي مقابلة سابقة مع قناة RT، أقر لوكاشينكو بأنه من المستحيل مقاومة تأثير قنوات تيليغرام. مشيراً إلى أنه "حتى إذا تم قطع الإنترنت اليوم، فإن قنوات تيليغرام هذه من بولندا ستعمل، وحتى "روسيا الغنية لا يمكنها التعامل معها".

المساهمون