بلال مرميد: هدف "المواجهة" إغناء النقاش

بلال مرميد: هدف "المواجهة" إغناء النقاش

05 مارس 2022
استمرارية البرنامج دليل على أهمية التمرين النقدي وجديته (ياسين صايبي/فيسبوك)
+ الخط -

تعاني السينما في المغرب غربة حقيقية في التلفزيون الرسمي الذي لم يعد قادراً على متابعة أيّ جديد فني وتعزيزه بقراءات نقدية ومقابلات. فمسار الفيلم لا يكتمل بخروج الناس من الصالة، بل يكبر أكثر في وجدانهم بعد المُشاهدة، خاصة مع الحوار والنقد، إذ يغدو النتاج الفني مُشاعاً للجميع. هذا غير حاصلٍ في السينما المغربية. لا غرابة في أن يبتعد الفن عن المجتمع، ويخرج من التفكير التلفزيوني، في غيابٍ تامّ لـ"الصحافة الفنية" ودورها في إظهار نتوءات هذا الوسط.

في البرنامج الفني "FBM المواجهة" الذي تعرضه أسبوعياً قناة "ميدي 1" المغربيّة، ويُقدّمه الإعلامي بلال مرميد، يتحرّر الخطاب الإعلامي من كليشيهاته، ويلتحم أكثر بالسيرة الفنية للمخرج أو الممثّل أو المغنّي أو المسرحي، مع تركيز على بعض الخلل والأفكار غير المفهومة في مساره، وأساليب إنتاجه وإخراجه مُنتَجاً فنياً. وعلى الرغم من أنّ للبرنامج طابعاً فنياً عاماً، تحتلّ السينما مكانة بارزة فيه.

عن البرنامج وخصوصياته وعوالمه الفنية، حاورت "العربي الجديد" الإعلامي بلال مرميد:

ما الذي جعل قناة "ميدي 1" تُنجز برنامجاً فنياً عن المَشهد الفني المغربيّ، وإعطاء قيمة مُضاعفة للسينما ومُتخيّلها؟ 

أصلاً، هناك ركن إذاعي ثابت في "إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية"، بلغ عامه الـ12، بوتيرة خمس مرّات أسبوعياً. هذا الركن فسح المجال للّقاء بـ FBM، بتمهيده الطريق لإثارة نقاشات عن سينمانا ومسرحنا، مع انفتاحٍ أحياناً على أشكال تعبيرية أخرى. السينما حضرت وتحضر بشكل أكبر، لأنّ الأمر مرتبط أساساً بمجال تخصّصي وتكويني واهتمامي منذ البداية.

في برنامج "FBM المواجهة"، تلتقي أسبوعياً بأحد صنّاع السينما المغربيّة. هل تعتقد أنّ هذه الحوارات قادرة على إثارة الدهشة في راهن السينما المغربيّة؟

أمور كثيرة أفكّر فيها، أتركها حبيسة في داخلي. لكنّ استمرارية الموعد ونجاحه، مرتبطان بعدم تحميل FBM ما لا يحتمل. الهدف منه مساهمة في إثارة نقاشٍ، يفترض فيه خلق مواعيد أخرى في وسائل إعلام مختلفة، يُعدّها مُتخصّصون في المجال. عندما تزداد هذه المواعيد المهنية، يُمكن التحدّث حينها عن خلق الدهشة، أو عن شيءٍ منها.

يغلب على الأسئلة الطابع النقدي السجالي، ما يجعلها ممتعة، وتضع الضيف دائماً تحت ضوء التحقيق. هل تعتقد أنّ للمخرج المغربيّ صبراً يجعله يفهم طبيعة البرنامج، وأفقه النقدي؟ 

إذا بلغ البرنامج عامه السابع، فلأنّ معظم المشتغلين في السينما باتوا يعرفون طبيعته ومراميه. هناك من حاول التشكيك في الأمر لأسباب لا أرغب في تناولها، لكنّ الاستمرارية وعودة أبرز الأسماء الوازنة إليه دليل على استيعاب أهمية التمرين النقدي وجدّيته.

هناك أمرٌ أسجّله شخصياً على البرنامج، يتمثّل بغياب النقّاد، علماً أنّ الناقد السينمائي يُعتَبر من ضمن صنّاع السينما، وليس هامشاً. ما سبب غيابه؟

سابقاً، حضر نقّادٌ، والبرنامج مفتوحٌ أمام آخرين جادّين وراغبين في إغناء النقاش. في الموسم الأول مثلاً، حضر ثلاثة نقّاد، وفي الثاني أربعة. لاحقاً، قَلّ ظهورهم، لكنّ البرنامج مفتوح أمام من يُقدِّم إضافة. 

كيف ترى وتُقيّم وظيفة النقد في السينما المغربيّة؟ هل يُمكن إدراج كلّ مقالةٍ عن فيلمٍ في إطار النقد السينمائي؟

FBM برنامج حواري. أحياناً، يتخلّل النقاش مقاطع مُصوّرة. لكنّ التمرين النقدي، بمفهومه الشامل، يحتاج إلى موعدٍ ثانٍ ونوعٍ آخر، كما في الركن الإذاعي على "ميدي 1". أنا بصدد إعداد برنامج آخر، قد أختار شخصاً غيري لتقديمه، وظيفته الممارسة النقدية، وتقريب أسُسها إلى المُشاهد. بالنسبة إلى سؤال المقالة والنقد السينمائي، أجيبُ بالنفي من دون ارتياب. رغم أنّي أرحبّ بكل التجارب والكتابات، لأنّ هناك حاجة إلى هذا الزخم الذي يُعفينا من الفراغ القاتل.

في أعوامٍ عدّة، ظلّ البرنامج يُحقّق مشاهدات عالية، ويحظى باحترام عشّاق السينما. لكنْ، لماذا تظلّ هذه التجربة حصريّة على قناة "ميدي 1"، من دون أنْ تُفكّر قناة أخرى في إعداد برنامج سينمائي كامل؟

شخصياً، لا يمكنني تقديم إجابة عن الآخرين، لأنّي لا أعرف ما لديهم. كنتُ وسأبقى من دعاة تقريب السينما من المغاربة، وجعلهم يُحبّونها، وينخرطون في النقاش حولها. قريباً، سأعمل على تجربة أخرى، تُحاول تقريب السينما من الجمهور أيضاً. هناك عنصر آخر: دفع إعلاميين إلى التخصّص في المجال، ومشاركتهم في تكوين متين، يجعلهم قادرين على صُنعِ جديدٍ في القطاع. أعتقد أنّ المسألة تتعلّق بمن يُقدّم، لأنّ البرامج ترتبط عادة بأسماء أصحابها. وبالتالي، إذا لم نُكوِّن أناساً في المجال، ونجعلهم يمتلكون أسلوباً خاصاً بهم، فلن يهتمّ الجمهور بهم.

المساهمون