بزشكيان يحقق وعده "جزئياً": "واتساب" متاح للإيرانيين

26 ديسمبر 2024
في طهران، 10 سبتمبر 2023 (عطا كناري/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رفعت إيران الحظر عن واتساب وغوغل بلاي بعد 27 شهراً، في خطوة جزئية نحو وعود الرئيس بزشكيان برفع الحظر عن شبكات التواصل الاجتماعي، لكن تليغرام وإنستغرام لا تزال محظورة.
- يعاني الإنترنت في إيران من بطء شديد، مما يثير مخاوف من احتجاجات جديدة. بعض الإيرانيين متفائلون بالخطوة، بينما يعتبرها آخرون محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الاقتصادية.
- رغم رفع الحظر الجزئي، يلجأ الإيرانيون لبرامج فك الحجب للوصول للمنصات المحظورة، مما يزيد تكاليف الإنترنت، وتظل التطبيقات المحلية أقل شعبية من البدائل الدولية.

رفعت السلطات الإيرانية، اعتباراً من صباح أمس الأربعاء، الحظر عن منصة واتساب للتراسل الفوري وخدمة غوغل بلاي، بعد قرار بهذا الشأن اتُّخذ الثلاثاء في اجتماع للمجلس الأعلى للعالم الافتراضي العابر للحكومة الإيرانية والمعني بإدارة شبكة الإنترنت والعالم الافتراضي في البلاد. ولقي هذا القرار ردات فعل وتعليقات مختلفة بين ترحيب وإشادة وبين عتاب وانتقادات لعدم شمولها جميع المنصات الاجتماعية المحجوبة في البلاد.

وباتت المنصتان في متناول الإيرانيين من دون الحاجة إلى استخدام برامج فك التشفير، وذلك بعد 27 شهراً من حظرهما، عقب الاحتجاجات التي تلت وفاة الشابة مهسا أميني عن 22 عاماً أواخر عام 2022، بعد أيام من احتجازها من قبل شرطة الآداب، لعدم الالتزام بقواعد الحجاب في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن رفع طهران الحجب عن "غوغل بلاي" لا يعني أنها باتت متاحة للإيرانيين، لأن الشركة نفسها تحجب الخدمة في سياق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وتأتي الخطوة في أيام يشهد الإنترنت في إيران بطئاً شديداً، يعزوه البعض إلى تقييد الشبكة، في ظل مخاوف باحتمال اندلاع احتجاجات جديدة من جراء أزمة الطاقة في البلاد، والتطورات التي شهدتها سورية أخيراً، وأدت إلى إسقاط نظام الأسد. وكان رئيس السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إيجئي، قد قال، في 9 ديسمبر/كانون الأول الحالي، إن "العدو يمكن أن يسعى لخلق اضطرابات، ويمكن أن تزداد الشيطنة هذه الأيام، والمتآمرون يقصدون إحداث اضطرابات ومشاكل من خلال عملية نفسية ونشر الأكاذيب عبر الفضاء الافتراضي ومختلف المنابر"، وفقاً لما نقلته وكالة فارس المحلية المحافظة.

ويعد رفع الحظر عن "واتساب" و"غوغل بلاي" تطبيقاً جزئياً لوعود الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان التي أطلقها خلال حملته الانتخابية في الصيف الماضي، إذ إن بقية منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية ما زالت محظورة، ومنها ما هي الأكثر انتشاراً في إيران (تليغرام، وإنستغرام، وإكس، وفيسبوك)، رغم أن معظم مسؤولي البلاد يستخدمونها. وأكد رئيس المجلس الإعلامي الحكومي، إلياس حضرتي، أن رفع الحظر عن المنصتين "خطوة أولى" لتحقيق وعد بزشكيان بإنهاء حظر شبكات التواصل الأجنبية. وأشار، عبر منصة إكس، إلى أن الخطوة اتخذت بتعاون بين رؤساء السلطات الثلاث، ومعظم أعضاء المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي، وشدد على أن "هذه المسيرة ستستمر لأجل إيران".

كانت أوساط محافظة متشددة قد مارست ضغوطها القصوى حتى آخر اللحظات لمنع رفع الحظر عن المنصتين، وبعث 136 برلمانياً محافظاً رسالة إلى المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي قبل ساعات من قراره، أعلنوا فيها رفضهم إنهاء هذا الحظر، واعتبروا مثل هذه الخطوة "هدية عجيبة للأعداء في الحرب الناعمة"، ودعوا المجلس إلى عدم التأثر بـ"الأجواء النفسية الإحساسية"، وفقاً لوكالة دانشجو المحافظة.

الإيرانيون يعلقون على رفع الحجب عن "واتساب"

وفي السياق، قال الشاب أمير علي رضويان من غرب طهران، لـ"العربي الجديد"، إن بزشكيان أول رئيس إيراني خلال أكثر من عقدين اتخذ خطوات باتجاه رفع الحظر عن شبكات التواصل، ورأى أن الخطوة "تستحق التقدير والشكر"، وعبّر عن أمله في أن تلحقها خطوات أخرى لإنهاء الحظر عن بقية المنصات المحظورة. وأضاف رضويان أنه بات اليوم "أكثر سعادة" بالصوت الذي منحه لبزشكيان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

غير أن العشرينية إلسا متشائمة تجاه الخطوة، إذ رأت أن الهدف منها "صرف الأنظار عن انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار السلع والدولار والذهب". وأضافت في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "رفعاً جزئياً للحجب، من دون إنهائه بالكامل، غير نافع"، وتحديداً في ظل سوء خدمة الإنترنت.

الثلاثيني ياسين إيزدي أبدى استغرابه من "التناقض" بين تصريحات المسؤولين الإيرانيين المعنيين بالإنترنت وشبكات التواصل وأفعالهم، وأوضح قائلاً لـ"العربي الجديد" أن "أعضاء المجلس الأعلى للفضاء الافتراضي يتحدثون عن رفضهم سياسة الحجب ويتسابقون بينهم في ذلك". وتساءل: "إذن، من يقوم بالحجب؟"، وتطرق إلى "أخطار" انتشار برامج فك التشفير (في بي إن) في إيران بالنسبة للأطفال واليافعين، لأنها تسهل الوصول إلى مواقع "غير أخلاقية".

أما فاطمة رفئتي فوصفت الخطوة بأنها "جيدة لكنها غير كافية"، ودعت في حديثها مع "العربي الجديد" إلى إنهاء الحظر عن جميع منصات التواصل وتحسين الإنترنت في البلاد جودة وسرعة، وأضافت أن "أي تأخير في ذلك يعود بالضرر على نظام الحكم؛ إذا كان يريد إيقاف خسارة الرصيد الاجتماعي وثقة المواطنين، فعليه اتخاذ خطوة القرار النهائي بهذا الشأن".

وتمنى الشاب الثلاثيني، أميد قادريان، أن يتبع القرار قرارات جدية قريبة برفع الحجب عن منصات أخرى، خاصة "إنستغرام"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن هذه المنصة لها أهمية تجارية في إيران، فكثير من الإيرانيين يرتزقون من خلالها، خاصة في ظل ظروف الأزمة الاقتصادية الراهنة. وأشار إلى أنه قبل ثلاثة أعوام فتح صفحة لتدريس دورات في التسويق والتجارة الإلكترونية، لكنه خسر كثيراً بسبب الحظر، قبل أن تعود صفحته إلى نشاطها الجزئي خلال العام الأخير، في ظل انتشار برامج فك التشفير في البلاد، لكنه فقد كثيراً من زبائنه خلال الأشهر التي أعقبت احتجاجات مهسا أميني، بسبب المشاكل التي كانت تواجهها أيضاً هذه البرامج التي كانت تحظر واحدة تلو أخرى.

إلا أن الأربعينية، زينب السادات، ترفض رفع الحظر عن "إنستغرام" في إيران، وتخوّفت من "أضراره على الأسرة الإيرانية وعلى الشباب والشابات".

إلى ذلك، دعا الناشط المحافظ المعتدل، محمد مهاجري، عبر "إكس"، إلى عدم الاكتفاء بهذه الخطوة، ورفع الحجب عن جميع شبكات التواصل، قائلاً إنه "ما زلنا مضطرين لاستخدام في بي إن (شبكة خاصة افتراضية لتجاوز الحجب)..."، ومشيراً إلى أن "الحوكمة في الفضاء الافتراضي ما زالت بيد بائعي برامج في بي إن".

حضور الإيرانيين على الشبكة

في السياق، اعتبرت صحيفة هم ميهن الإيرانية الإصلاحية، الأربعاء، أن رفع الحظر عن منصتين من دون تسمية برنامج شامل لإجراء مماثل بشأن بقية المنصات الأكثر شعبية، مثل "يوتيوب" و"إنستغرام" و"تليغرام" و"إكس"، "دليل على غياب استراتيجية واضحة لإنهاء هذه القيود"، مشيرة إلى أن القرار الأخير "لا يلقى الرضا العام".

وكان الرئيس الإيراني الإصلاحي الحالي قد وجه انتقادات شديدة خلال حملته الانتخابية، في يوليو/تموز الماضي، لسياسة حظر شبكات التواصل الاجتماعية الأجنبية، وتقييد الإنترنت في البلاد، قائلاً إن تشديد هذا الإجراء خلال العامين الأخيرين أطاح الكثير من المشاغل، وتسبب ببطالة كثير من العاملين في الفضاء الافتراضي.

وكشف أحدث تقرير لمركز إيسبا الإيراني لقياس الأفكار والاستطلاعات، خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن 82.2% من سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي. وأفاد التقرير نفسه بأن "تليغرام" هي المنصة الأكثر شعبية في البلاد، إذ يستخدمها 89.5% من إجمالي مستخدمي الشبكات الاجتماعية، ثم "إنستغرام" بـ85.7%، فـ"واتساب" بـ66.7%.

ويلجأ الإيرانيون إلى برامج فك الحجب والتشفير للوصول إلى جميع المنصات الدولية الاجتماعية المحظورة، الأمر الذي زاد من تكاليف إنفاقهم على الإنترنت. وعليه فإن خدمة "في بي إن" تحولت إلى تجارة رابحة لمقدميها في إيران. وللمفارقة، فإنه على الرغم من حظر مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، فإن كبار المسؤولين الإيرانيين ظلوا يستخدمونها ويوجّهون رسائل من خلالها إلى الجمهور في الداخل والخارج.

سيرة مختصرة للحجب

حجبت طهران منذ عام 2009 العديد من المواقع الاجتماعية، أبرزها "فيسبوك" و"تويتر" (إكس حالياً) و"يوتيوب"، وما زال الحظر عليها سارياً إلى حينه. وفي سبتمبر/أيلول 2022، أضيف تطبيقا "واتساب" و"إنستغرام" إلى القائمة، بعيد اندلاع الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني، بعد توقيفها، على خلفية عدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس في إيران. وفي مارس/آذار الماضي، أعلن وزير إيراني أن الحكومة ستسمح بمواصلة تشغيل منصات دولية في البلاد إذا وافقت على فتح مكاتب تمثيلية فيها. وذكرت مجموعة ميتا الأميركية العملاقة، المالكة لـ"فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، أن لا نية لديها لفتح مكاتب في الجمهورية الإسلامية التي ما زالت خاضعة لعقوبات أميركية.  كما حظر تطبيق المراسلة الفورية تليغرام بموجب حكم قضائي في إبريل/نيسان 2018. وفي ظل الحظر المفروض على التطبيقات الغربية، لم يعد أمام الإيرانيين خيارات كثيرة غير الاعتماد على التطبيقات المدعومة من الدولة، لكن تطبيقات شبكات اجتماعية وللرسائل النصيّة طورت في إيران، مثل "بايل" و"إيتا" و"روبيكا" و"سوروش"، فشلت في كسب شعبية كبيرة مقارنة بالبدائل الدولية. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كتبت منظمة فريدوم هاوس الأميركية، في تقريرها حول حرية الإنترنت في العالم، أن إيران تتذيل جدول حرية الإنترنت بعد الصين وميانمار.
المساهمون