باسل الخطيب... كاميرا تدور في فلك النظام

باسل الخطيب... كاميرا تدور في فلك النظام

04 نوفمبر 2020
سبق أن أخرج مسلسلاً بعنوان "الغالبون" يحتفي بحزب الله (فيسبوك)
+ الخط -

يبدو أن "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي" في سورية، قد فتحت باب خزينة المؤسسة لتمويل أعمال المخرج باسل الخطيب دون سواها من مئات الأعمال والنصوص القابعة في أدراج المؤسسة العامة للإنتاج، إذ دارت كاميرا الخطيب منتصف الشهر الماضي بتصوير فيلمه الجديد من إنتاج المؤسسة، ونص لسامر إسماعيل.  

بدأ الخطيب بتصوير مشاهد فيلم "لآخر العمر" الذي سيتناول ما يصفها "بطولات" قوات النظام السوري خلال حربها المستمرة على المدن السورية والمدنيين المنتفضين بوجه النظام، حيث سيسلط الفيلم الضوء على "تضحيات" تلك القوات خلال الحرب، بحسب مواقع فنية موالية للنظام، من خلال قصة صحافية تتعرض للاختطاف في أثناء ممارستها لعملها من قبل مسلحين، ثم تخلصها قوات النظام وتعيدها إلى أهلها. 

ويلعب بطولة العمل كل من رنا شميس، ووائل رمضان، وزيناتي قدسية، عارف الطويل، باسل حيدر، ترف التقي، ومجموعة أخرى من الفنانين.

تبنّي "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي" لهذا النص، وإسناد إخراجه إلى باسل الخطيب، الذي تتعاقد معه المؤسسة للعام الثاني على التوالي لإنتاج عمل سينمائي أو تلفزيوني، يؤكدان أن الخطيب بات المخرج الخاص لنظرية النظام السوري، بل و"محور الممانعة والمقاومة" بالعموم، إذ يعرف عن الخطيب تأييده الأعمى للنظام، إلى جانب زوجته ديانا جبور، المديرة السابقة لـ "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي"، وهي التي أعطت الموافقة لزوجها خلال فترة إدارتها على إخراج مسلسل "حارس القدس"، الذي عرض الموسم الماضي، وذلك بالترتيب بينها وبينه، وكذلك مع كاتب العمل حسن يوسف، المؤيد للنظام على أساس طائفي، حيث أسندت إليه جبور كتابة السيناريو بعد أن نبعت فكرة إنتاج المسلسل في رأس زوجها باسل الخطيب.  

ووجهت الكثير من الانتقادات إلى الخطيب في أثناء تصوير المسلسل وأثناء عرضه، أولها اتهامه بإفراغ ميزانية المؤسسة التي ذهبت كلها لإنتاج المسلسل (حارس القدس) الذي يروي ويتناول حياة رجل الدين المسيحي إيلاريون كابوجي، مطران القدس للروم الكاثوليك خلال الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، والمعروف بمواقفه المساندة للنظام خلال الحرب السورية، ولا سيما جلوسه مع وفد النظام خلال مفاوضات جنيف. دافع الخطيب حينها عن نفسه بالقول إن "ميزانية المسلسل الفعلية كانت بحدود الـ 400 مليون ليرة سورية (تعادل 311 ألف دولار على سعر المبيع الحالي)، وهذا الرقم يقارب نصف موازنة عمل اجتماعي معاصر في القطاع الخاص، في حين أن موازنة المؤسسة، كما أُعلِن في أكثر من مناسبة، تتجاوز المليار".

سينما ودراما
التحديثات الحية

إلا أن إنفاق هذا الرقم على مسلسل جاء بالتزامن مع أكبر ضائقة اقتصادية تشهدها البلاد، ولا سيما المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، مع تفشي البطالة والفقر، حيث وصلت نسبة السوريين القابعين تحت خطه إلى أكثر من 80 بالمئة، فيما لا يجد الكثير قوت يومهم نتيجة الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية.  

يصرّ الخطيب والمؤسسة العامة، والنظام أيضاً، على أن يطعموا السوريين "بطولات" و"تضحيات" عوضاً عن الخبز الآخذ بارتفاع سعره وندرته هذه الأيام، للاحتفاء بالجيش الذي كان سبباً في مأساة أكثر من 70 بالمئة من السوريين، الذين باتوا لاجئين ونازحين ومشردين، فيما قتلت نيران ذلك الجيش قرابة نصف مليون إنسان، واعتقلت الأجهزة الأمنية المرتبطة به نصف مليون آخر، مصير معظمهم مجهولاً.  

للخطيب تجارب عدة في تلميع محور المقاومة الذي يضم النظام وحلفاء له، إذ أخرج بعد اندلاع الحراك في سورية المسلسل اللبناني "الغالبون" الذي يركز على تمجيد مليشيا "حزب الله" وأمينها العام، فيما كان عناصر المليشيا يتجهزون للذهاب إلى سورية لغزو المدن والبلدات السورية المنتفضة في وجه النظام وتدميرها، وقتل العشرات من المدنيين رجالاً ونساءً وشيوخاً وأطفالاً.

عموماً، يستمر الخطيب في تصوير عمله الجديد "لآخر العمر"، في وقت يفتك فيه وباء كورونا بعشرات السوريين شهرياً، من دون أن تقدم الحكومة لهم أدنى مستلزمات العناية في المستشفيات للتعافي، فيما تزيد الأعباء المعيشية مع الغلاء اليومي للأسعار إثر فقدان الليرة السورية لقيمتها الشرائية أمام العملات الأجنبية، وتحول البلاد مشاهد من الطوابير الممتدة لمئات الكيلومترات على الخبز والمحروقات والغاز وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية نتيجة ندرة السلع الرئيسية، وكل ذلك مع نقص أو انعدام لفرص العمل. فيما يخصص النظام ميزانية ضخمة لإنتاج فيلم يتغنى ببطولات جيشه من إخراج باسل الخطيب، الذي قد يعرض في وقت تكون فيه أحوال السوريين قد زادت سوءاً نتيجة التدهور اليومي للحالة العامة للبلاد. 

المساهمون