انبعاثات الميثان: حلّ واحد في جذور الأرزّ

10 فبراير 2025
حصد الأرز في محافظة الشرقية بمصر، 12 أكتوبر 2024 (دعاء عادل/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- طور الباحثون سلالة أرز LFHE التي تقلل انبعاثات الميثان بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالنوع الأصلي، مع إنتاجية عالية تبلغ 8.96 أطنان لكل هكتار.
- أظهرت الدراسة أن إفرازات جذور الأرز المعدل وراثياً تلعب دوراً مهماً في تقليل انبعاثات الميثان، حيث ينتج الأرز كمية أقل من الفومارات وكمية أكبر من الإيثانول المثبط للانبعاثات.
- يسعى الفريق لتسجيل أرز LFHE في الصين ويدرس إضافة الأوكسانتيل للأسمدة لتقليل الانبعاثات، مؤكداً على أهمية الدعم الحكومي لتطوير وتسويق الأرز منخفض الميثان.

تمكن باحثون من تحديد المركبات الكيميائية في جذور نبات الأرز التي تحدد كمية انبعاثات غاز الميثان ومكنهم هذا الاكتشاف من تطوير سلالة جديدة من الأرز تنتج انبعاثات ميثان أقل بنسبة تصل إلى 70%، مع الحفاظ على إنتاجية عالية.

تقدم الدراسة التي نشرت في 3 فبراير/شباط الحالي في مجلة Molecular Plant، حلاً واعداً لتقليل انبعاثات الميثان الناتجة من زراعة الأرز، وتسهم بنحو 12% من انبعاثات الميثان العالمية. الميثان من الغازات الدفيئة القوية، ومن المتوقع أن تزيد انبعاثاته من حقول الأرز مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، وزيادة عدد سكان العالم.

يُنتَج الميثان في حقول الأرز بواسطة ميكروبات في التربة تُحلِّل المركبات العضوية التي تفرزها جذور نبات الأرز. تعرف هذه المركبات باسم إفرازات الجذور، وهي تغذي الميكروبات في التربة، وتساعد النبات على النمو من خلال إطلاق العناصر الغذائية التي يمكن للنبات امتصاصها.

وعلى الرغم من أن العلماء كانوا على علم بأن إفرازات الجذور والميكروبات في التربة تلعب دوراً في انبعاثات الميثان، إلا أن المركبات الكيميائية المسؤولة عن ذلك ظلت غير معروفة حتى الآن. لتحديد المركبات الرئيسية، قارن الباحثون بين إفرازات الجذور من نوعين من الأرز: الأول نوع معدل وراثياً ينتج انبعاثات منخفضة من الميثان، ويُسمى SUSIBA2. والنوع الثاني نوع غير معدل وراثياً ينتج انبعاثات متوسطة من الميثان يُسمى Nipponbare.

ووجدوا أن جذور نبات الأرز المعدل تنتج كمية أقل بكثير من مركب الفومارات، وهو مركب يرتبط بزيادة انبعاثات الميثان. وعندما أُضيفت الفومارات إلى تربة نباتات الأرز المزروعة في حاويات، زادت انبعاثات الميثان. لكن الفومارات لم تكن العامل الوحيد؛ إذ اكتشف الباحثون أيضاً أن نباتات الأرز المعدل تفرز كمية أكبر من الإيثانول، وهو مركب آخر من إفرازات الجذور.

وعندما أُضيف الإيثانول إلى التربة، انخفضت انبعاثات الميثان، ما يشير إلى أن الإيثانول يعمل مثبطاً، وفقاً للباحثة الرئيسية للدراسة، آنا شنورر، أستاذة الأحياء الدقيقة في الجامعة السويدية للعلوم الزراعية، التي تقول: "كان الأمر مثل حل لغز. أدركنا أن هناك شيئاً في التربة يقلل من انبعاثات الميثان، وتبين أن الإيثانول هو المفتاح".

تضيف الباحثة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أنه باستخدام طرق التربية التقليدية، هجّن الفريق البحثي نوعاً من الأرز عالي الإنتاجية مع نوع آخر يسمى Heijing، الذي ينتِج طبيعياً مستوياتٍ منخفضة من الفومارات ومستويات عالية من الإيثانول. وأدى ذلك إلى إنتاج نباتات تعرف باسم أرز LFHE، وهو أرز منخفض الفومارات، عالي الإيثانول، وأنتجت انبعاثات ميثان أقل بنسبة 70% في المتوسط مقارنة بالنوع الأصلي عالي الإنتاجية.

أظهرت التجارب الميدانية التي أجريت في مواقع متعددة في الصين، أن أرز LFHE لم يقلل فقط من انبعاثات الميثان، بل حافظ أيضاً على إنتاجية عالية، فبلغ متوسط الإنتاج 8.96 أطنان لكل هكتار، أي ما يقارب ضعف المتوسط العالمي المتوقع لعام 2024 البالغ 4.71 أطنان لكل هكتار.

استكشف الباحثون إمكانية استخدام الإيثانول والأوكسانتيل، وهو مركب كيميائي يثبط تحليل الفومارات، لتقليل انبعاثات الميثان على نطاق أوسع. وفي تجربة ميدانية استمرت عامين، في موقعين في الصين، أدى تطبيق هذه العلاجات إلى تقليل انبعاثات الميثان بنحو 60%، من دون التأثير في إنتاجية المحاصيل.

"يعمل الفريق الآن على تسجيل نوع أرز LFHE لدى الحكومة الصينية والجهات الأخرى، ما يمهد الطريق لتسويقه. ونتعاون مع شركات الأسمدة لبحث إمكانية إضافة الأوكسانتيل إلى الأسمدة التجارية"، تقول شنورر. وتضيف أنه على الرغم من أن الاكتشاف يعد خطوة كبيرة إلى الأمام، فإن اعتماد أنواع الأرز منخفضة الميثان على نطاق واسع سيتطلب دعماً حكومياً، وإن تطوير أنواع أرز صديقة للبيئة أمر جيد، لكن الأهم تسويقها وتشجيع المزارعين على استخدامها.

"الأرز غذاء أساسي لأكثر من نصف سكان العالم، وتقليل تأثيره البيئي أمر بالغ الأهمية في مكافحة تغير المناخ. يقدم هذا البحث حلاً عملياً وقابلاً للتطوير يمكن أن يساهم في تقليل انبعاثات الميثان، مع ضمان الأمن الغذائي لسكان العالم. وفي ظل التحديات المزدوجة المتمثلة بتغير المناخ وإنتاج الغذاء، يمكن أن تلعب ابتكارات مثل أرز LFHE دوراً حيوياً في خلق مستقبل أكثر استدامة"، توضح المؤلفة الرئيسية للدراسة.

المساهمون