اليوم العربي للمسرح... لا خشبة حيّة في سورية

اليوم العربي للمسرح... لا خشبة حيّة في سورية

17 يناير 2021
مسرحية "عفواً أميركا" عرِضَت في دمشق عام 2005 لهمام حوت (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

مرّ منذ أيام اليوم العربي للمسرح، ولطالما كانت هذه الخشبة أم الفنون التي أطلقت نحو عالم النجومية كثيراً من الفنانين الذين نشاهدهم اليوم على الشاشات. وكانت سورية من أوائل الدول التي أسست للمسرح العربي على يد أبي خليل القباني، وأطلقت للعالم العربي مسرحيين مهمين، كتاباً وفنانين، أبرزهم الكبير محمد الماغوط، والثنائية التي لعبها دريد ونهاد وفرقة "مسرح الشوك" للفنان عمر حجو، فضلاً عن الكتاب الذين أثروا المكتبة المسرحية العربية بنصوص، بعضها أبصر النور، والبعض الآخر هدمت فرص إنتاجه عقلية الاستبداد.

قبل الثورة
كان المسرح السوري، رغم قلة أماكن العرض، يعيش حالة من النشاط نسبياً، لا سيما حين اختيرت دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008، حيث تنشطت الحياة الثقافية في العاصمة السورية وامتلأت صالات مسرح "القباني" و"الحمراء" والمراكز الثقافية بعروض دسمة. وكان هناك كتّاب مرموقون ومخرجون يعملون بجد لتصدير صورة المسرح السوري بأبهى حلة، رغم تضييق مساحة الحريات. فقدمت الممثلة والمخرجة رغداء شعراني مثلاً عدداً من المسرحيات التي استطاعت أن تترك طابعاً خاصاً لدى الجمهور السوري، بالإضافة لمسرح همام حوت، الذي كان حديث الناس دائماً ومتابَعاً دوماً لما يقدمه من رسائل سياسية كوميدية ونقدية لاذعة مع فرقة "المهندسين" التي أنشأها مع مجموعة من زملائه الفنانين وجالت محافظات سورية عدة. فضلاً عن عروض منفردة عمل عليها أساتذة المعهد العالي للفنون المسرحية، بعضها قدّم في المسارح العامة وهناك من اختار مساحات أكثر حرية للتعبير، حتى ساقت الأفكار الفنان محمد آل رشي لتقديم عرض "المهاجران" في قبو بمنطقة شارع بغداد في دمشق. 

لا تصرف وزارة الثقافة السورية ليرة واحدة لدعم المسرح 

بعد الثورة
بسبب التهجير والتضييق بشكل أكبر على مساحة الحريات التي فرضها النظام السوري على الواقع الفني والمسرحي بعد الثورة، هاجر من هاجر من الفنانين المعارضين، أمثال جمال سليمان وفارس الحلو ويارا صبري ومكسيم خليل وهمام حوت، وبعضهم التزموا الصمت وتوقفوا عن العمل بسبب ظروف المسرح الصعبة، أمثال رغداء شعراني. وبقي المسرح رهينة بيد الفنانين الذين يقدمون أفكاراً تتماشى مع النظام، كما دخلت على الخط مجموعة من الهواة المسرحيين، مثل لوتس ابنة الفنان غسان مسعود، والتي قدمت مسرحيتين نجحتا حضوراً لكن ليس مضموناً. ليصبح المسرح السوري العريق مساحة لكل من هبّ ودَبّ ليقدّم أفكاره حتى لو كانت غير محترفة، بل يكفي أن لا تقرب السياسة لتكون ناجحاً.

الآن
بعد هجرة المسرحيين السوريين للخارج من كتّاب وممثلين ومخرجين كما أسلفنا، ودخول أقلام وأسماء غير ناضجة على هذه الخشبة، بات واقع المسرح السوري اليوم سيئاً، خصوصاً أن وزارة الثقافة لا تصرف ليرة واحدة على الواقع الثقافي اليوم في سورية، وتحديداً المسرح الذي تتآكل صالاته وجدرانه. ففي دمشق لم يتم تجديد أثاث المسرحَيْن الوحيدَيْن أصلاً وهما "القباني" و"الحمراء" منذ عقود. ولا يتم قبول أي عرض بسهولة إلا بعد موافقات أمنية. أما الفنانين، فيتقاضون أجوراً زهيدة جداً ومضحكة، فالبطاقات تباع بمبلغ بسيط جداً يمكن لأي شخص الحصول عليها. ورغم أن ذلك يعتبر تشجيعاً على حضور العروض، لكنه في الوقت نفسه يقلل من هيبة المسرح وأهميته. في المقابل، نجح مسرحيون سوريون بكسر جدار النظام الأمني والانتقال إلى خشبات أكثر اتساعاً في المنطقة العربية والعالم، فلمعت أسماء الفنانين نوار بلبل ومجد فضّة وشادي مقرش ونوار يوسف ومروى الأطرش في عروض مسرحية انتقلت بين لبنان ومصر. في حين جال الأخوان ملص بمسرحهما في أكثر من بلد. ووقفت أستاذة المعهد العالي نائلة الأطرش على خشبات في الولايات المتحدة الأميركية لتقديم عروض عدة.
 

المساهمون