اليوم العالمي لحرية الصحافة.. كل هذه التحديات في لبنان

05 مايو 2025   |  آخر تحديث: 15:18 (توقيت القدس)
جانب من الندوة التي أقامتها "يونسكو" في بيروت، 5 مايو 2025 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة، تواجه الصحافة تحديات تقليدية وحديثة مثل العنف والذكاء الاصطناعي والتضليل الإعلامي، مما دفع يونسكو لتنظيم ندوة في بيروت لمناقشة هذه القضايا.
- تعمل وزارة الإعلام اللبنانية على مشروع قانون جديد لحماية الصحافيين وتحديث قطاع الإعلام، يهدف إلى تعزيز حرية الصحافة ورفع العقوبات عن الصحافيين، وهو قيد المناقشة في اللجنة النيابية.
- تدعم يونسكو حرية الصحافة عبر تدريب الصحافيين ومكافحة التضليل الإعلامي، وتسعى لإعداد استراتيجية لقوانين الإعلام تتماشى مع تحديات المستقبل في لبنان.

حلّ اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو/ أيار الحالي، في عالم لم يعد يهدد الصحافيين بالرصاص فقط، بل بالذكاء الاصطناعي، والتضليل، وانهيار المنظومات الأخلاقية التي كانت تحمي الكلمة وتحفظ المعنى.

واحتضن مكتب يونسكو الإقليمي في بيروت، الاثنين، ندوة خاصة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بعنوان: "التغطية الإعلامية في عالم مليء بالتحديات: أثر الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام"، برعاية وزير الإعلام اللبناني بول مرقص، وبمشاركة عدد من الشخصيات الرسمية والإعلامية، أبرزهم الوزيرة السابقة مي شدياق، والوزير السابق زياد مكاري.

مشروع قانون جديد للإعلام في لبنان

"الأوطان لا تُحمى بالصمت، بل بالحقيقة"… قالها الصحافي غسان تويني ذات يوم، وكرّرها وزير الإعلام بول مرقص خلال الندوة اليوم، مشدداً على أهمية التمسّك بحرية الصحافة "كحق لا بدّ من الحفاظ عليه بوعي ومسؤولية". وأكد مرقص أن التطور التكنولوجي، وعلى رأسه الذكاء الاصطناعي، يطرح تحديات جديدة تتطلب مقاربات إعلامية متقدمة ومهنية.

وفي ظل ما يعيشه لبنان من تضييق على الصحافيين، واستدعائهم إلى النيابة العامة، لفت مرقص، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إلى أن وزارة الإعلام أعدّت مشروع قانون لحرية الإعلام يهدف إلى "تحديث القطاع وتأطيره ومأسسته، من خلال رفع العقوبات الجزائية عن الصحافيين، وعدم إخضاعهم للضابطة العدلية"، مشيراً إلى أن هذا المشروع يُناقش حالياً في اللجنة المنبثقة عن لجنة الإدارة والعدل النيابية.

يونسكو تدعم حرية الصحافة

وتطرق ممثلو "يونسكو" إلى دعمهم العملي لـ"حرية الصحافة"، فقبل فترة، درّبت المؤسسة عدداً من صحافيي تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للإعلام على آليات التحقق من المعلومات. واليوم، دعمت مشروع تقصي الحقائق ضمن الوكالة الرسمية، في خطوة تهدف إلى ترسيخ ثقافة الصحافة المستندة إلى التدقيق والبحث. كما سلّمت "يونسكو" عدداً من الكاميرات والمعدات للعاملين في التلفزيون الرسمي والوكالة.

وقالت مديرة مكتب "يونسكو" الإقليمي في بيروت كوستانزا فارينا، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الخطوة ليست سوى بداية قوية، والمزيد قادم. نحن نركّز حالياً على مكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية، ونعمل أيضاً على أرشفة المحتوى الإعلامي، بالإضافة إلى إعداد مسودة استراتيجية لقوانين الإعلام تناسب تحديات المستقبل في لبنان".

"حريات كثيرة... وديمقراطية قليلة"

من جهتها، عبّرت الوزيرة السابقة مي شدياق، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن مفارقة صارخة يعيشها لبنان، قائلة: "نقول دائماً إن في لبنان تراجعاً في الحريات، لكن الواقع أن لدينا الكثير من الحريات، والقليل من الديمقراطية. يمكنكِ أن تعبّري عن رأيك، لكنهم قد يفعلون بكِ ما يشاؤون بعد ذلك".

وأضافت شدياق أن "استقرار الوضع الأمني يخفّف الضغط على الصحافيين"، معتبرةً أن "محاسبة الإعلامي إذا أخطأ يجب أن تتم بطريقة راقية، بعيداً عن الاعتقال وبظروف غير لائقة"، وشدّدت على أن حماية الصحافي لا يجب أن تكون خاضعة لمزاج السلطات، بل محمية بقوانين واضحة تحترم حرية التعبير وتضمن سلامة المهنة.

يبقى اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو مناسبة لتكريم الأصوات التي سقطت في الميدان، والكلمات التي لم تُكتب بعد، يوماً لتذكير العالم بأن حرية الصحافة ليست رفاهية، بل شرط وجود لأي مجتمع حر. فغياب الصحافة يعني غياب الحقيقة، وحين تُشوّه الحقيقة، تفقد الشعوب قدرتها على الفهم، والمحاسبة، والمطالبة.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي قد يكون التحدي الجديد، إلا أن الخطر الحقيقي يكمن في تواطؤ الأنظمة مع الصمت، وفي انهيار الأخلاقيات الإعلامية، وفي تحوّل الصحافي إلى مجرّد موظف في ماكينة تضليل. وهنا، فقط، يصبح الدفاع عن حرية الصحافة واجباً يومياً، لا مناسبة سنوية.

المساهمون