النجم الثنائي... هل نعيد تعريف النجوم والثقوب السوداء؟

27 ديسمبر 2024
الثقب الأسود في درب التبانة (إكس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اكتشف فريق دولي نظاماً نجمياً ثنائياً يُدعى D9 قرب الثقب الأسود في مركز مجرتنا، مما يوضح بقاء النجوم الثنائية في بيئات جاذبية شديدة ويفتح آفاقاً لفهم تفاعلها مع الثقوب السوداء.
- يعتمد الاكتشاف على بيانات من التلسكوب العملاق الأوروبي، ويشير إلى أن الثقوب السوداء ليست مدمرة كما كان يُعتقد، حيث قد يندمج النجم D9 في نجم واحد خلال مليون سنة.
- يغير النجم D9 التصورات حول تكوّن النجوم قرب الثقوب السوداء، ويثير تساؤلات حول بيئاتها، مما يعزز أهمية البحث المستقبلي لفهم تشكّل النجوم والكواكب.

اكتشف فريق دولي من الباحثين نجماً ثنائياً (نظام يتكون من نجمين يدوران حول بعضهما) يدور بالقرب من منطقة الرامي أ، الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا. وفقاً للدراسة التي نشرت يوم 17 ديسمبر/كانون الاول في مجلة Nature Communications لقّب العلماء هذا النجم الثنائي باسم D9، وهذه هي المرة الأولى التي يُعثَر فيها على زوج نجمي في محيط ثقب أسود هائل.

اكتشاف كواكب جديدة؟

يساعد هذا الاكتشاف، الذي يستند إلى البيانات التي جُمعَت بواسطة التلسكوب العملاق جداً التابع للمرصد الجنوبي الأوروبي (ESO's VLT)، على فهم كيفية بقاء النجوم في بيئات ذات جاذبية شديدة، وقد يمهد الطريق لاكتشاف كواكب قريبة من منطقة الرامي أ. وأثبت هذا الاكتشاف أن النجم الثنائي يمكنه أن يتحمل لفترة وجيزة قوى الجاذبية الشديدة التي تولدها الثقوب السوداء ذات الكتل الكبيرة. يقول المؤلف الرئيسي للدراسة فلوريان بيسكر، الباحث في الفيزياء الفلكية في جامعة كولونيا في ألمانيا، إن الثقوب السوداء ليست مدمرة كما كنا نعتقد. إذ في العادة، تعمل قوة الجاذبية التي يفرضها ثقب أسود فائق الكتلة على تمزيق النجوم التي تقترب منه أكثر مما ينبغي، ما يؤدي إلى حدوث اضطراب مدّي. "وهنا، تخضع النجوم لعملية التمدد، ورغم أن هذه العملية قد لا تبدو مهدِّدة تماماً، إلا أنها تشير إلى زوال النجم، الذي يتمدد عمودياً بينما يلتهمه الثقب الأسود. وفي الوقت نفسه، يتجمع الحطام بالقرب من الثقب الأسود ويبدأ في الدوران حوله، ويتشكّل في قرص تراكم ساطع شديد الحرارة" يوضح بيسكر في تصريحات لـ"العربي الجديد".

وتكشف الدراسة الجديدة أنه يمكن لبعض النجوم الثنائية البقاء على قيد الحياة في هذه الظروف، وإن كان ذلك لفترة وجيزة فقط. ووفقاً لبيسكر، فإن الباحثين اكتشفوا النجم D9 في اللحظة المناسبة تماماً، إذ يقدر عمر النجم الثنائي بنحو 2.7 مليون سنة، وهو ما يجعله صغيراً جداً بالنسبة إلى نظام نجمي، وفي غضون مليون سنة، من المرجح أن يندمج في نجم واحد بسبب قوى الجاذبية.

تصورات سبقت النجم الثنائي

في السابق، اعتقد العلماء أن النجوم غير قادرة على التكوّن بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة، لكن هذه الفكرة تغيّرت عندما عُثِر على مجموعات من النجوم الشابة على مقربة من منطقة الرامي أ، إذ يضيف النجم D9 إلى فكرة أن الأنظمة النجمية قادرة على الوجود بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة، ويثير تساؤلات عن بيئات هذه الثقوب السوداء. وعُثر على النجم D9 في مجموعة من النجوم والأجسام الأخرى التي تدور حول منطقة الرامي أ، ويعمل الباحثون على فك رموز الشذوذ داخل هذه المجموعة، التي تسمى أجسام G، والتي تتصرف مثل النجوم، ولكنها تبدو مثل سحب الغاز والغبار. في أثناء دراسة الأجسام المحيطة بمنطقة الرامي، وجد الباحثون أن D9 عبارة عن نجمين يدوران حول بعضهما.

"قد يساعد هذا الاكتشاف الفريق في تحديد الهوية الحقيقية لأجسام G، ونعتقد أن هذه الأجسام قد تكون مزيجاً من النجوم الثنائية التي لم تندمج بعد والمواد المتبقية من النجوم التي اندمجت بالفعل. لا تزال أصول الأجسام المحيطة بمنطقة الرامي أ غير واضحة، رغم الأهمية العلمية الكبيرة لفهم كيفية تشكّل هذه الأجسام بالقرب من الثقب الأسود الهائل"، يوضح المؤلف الرئيسي للدراسة.

وتصدرت منطقة الرامي أ عناوين الأخبار في عام 2022 وفي وقت سابق من عام 2024 عند التقاطها في صور أظهرت مجالاتها المغناطيسية الدوامة. ويرى بيسكر أن النتائج التي عُرضَت باستخدام النجم D9 تحمل إمكانيات مثيرة لمستقبل البحث في النجوم، وربما حتى الكواكب، بالقرب من الثقوب السوداء الهائلة. ويوضح: "يسمح لنا اكتشافنا بالتكهن بوجود الكواكب، لأنها غالباً ما تتشكل حول النجوم الصغيرة. يبدو من المعقول أن اكتشاف الكواكب في مركز المجرة هو مجرد مسألة وقت".

المساهمون