المغرب: خطوات أولى لمحاربة الأخبار الكاذبة

المغرب: خطوات أولى لمحاربة الأخبار الكاذبة

27 يونيو 2022
تنتشر الأخبار الكاذبة بشكل كبير على مواقع التواصل (Getty)
+ الخط -

فتحت السلطات المغربية أخيراً جبهة جديدة في حربها ضد الأخبار الزائفة، لتشمل هذه المرة إطلاق مبادرة هي الأولى من نوعها في العالم العربي، من خلال إصدار دليل لمحاربة التضليل الإعلامي والاستعانة بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدا لافتاً في خضم الحرب التي يخوضها المغرب ضد الأخبار الزائفة إصدار الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) دليلاً يحمل عنوان "دليل محاربة التضليل الإعلامي: مرجعيات وأدوات وممارسات"، يقدم قوائم لتعلم كيفية تفكيك الخبر الزائف، ومعجماً موجزاً حول التضليل الإعلامي يساعد على الإلمام بما هو كاذب، ويزوّد المواطن بالمهارات اللازمة للعثور على الخبر الخادع، وتمييز الصحيح من الخاطئ، واعتماد التدابير الاحترازية عند مواجهة الأخبار المضللة.
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع اتخاذ الحكومة المغربية تدابير أخرى تراهن عليها لمواجهة الأخبار الكاذبة، من أبرزها توجه وزارة الثقافة والشباب للاستعانة بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج للتراث المغربي، ومحاربة الشائعات والتضليل اللذين ينتشران على منصات مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعكف الوزارة حالياً على صياغة استراتيجية للتعريف بالتراث المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر وضع خطة تواصلية تنخرط فيها الصحافة الوطنية والصحافيون المغاربة العاملون في المؤسسات الغربية، و"المؤثرون والشبان والشابات المغاربة الذين سيتم تدريب ألف منهم سنوياً".
وكان ملفتاً للانتباه سعي الحكومة المغربية من خلال المباحثات التي جمعت في الثامن من يونيو/ حزيران الحالي بين وزير الثقافة والشباب المهدي بنسعيد والمدير العام المساعد للاتصالات والمعلومات في منظمة "يونيسكو" توفيق الجلاصي، إلى وضع برنامج عمل يهتم بمحاربة الأخبار الزائفة والتربية الإعلامية "في ظل ما يعيشه العالم اليوم، من تطور تكنولوجي ملحوظ، وطفرة في مجال الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي"، و"من دون المساس بحرية الرأي والتعبير المكفولة بمقتضى الدستور والاتفاقيات والمعاهدات الدولية".
وفي ظل توالي مبادرات الحكومة للتصدي للأخبار الكاذبة، يلفت رئيس منظمة "حريات الإعلام والتعبير" (غير حكومية) محمد العوني إلى أنه لا يمكن الحديث عن خطط من أجل محاربة تلك الأخبار وإنما يتعلق الأمر بمجموعة من الإجراءات ذات الطابع الأمني، وأخرى ذات طبيعة تربوية وتوعوية من قبيل الدليل الذي أصدرته "الهاكا". 
ويقول في حديث لـ "العربي الجديد" إن مبادرة تدريب الشباب والمؤثرين مسألة إيجابية، لكنها تظهر أن هناك غياباً لاستراتيجية للإعلام والتواصل لدى الوزارة، مؤكداً أن التدريب والتوعية ضروريان لكن الأهم هو تقديم المعلومات للجميع.
ويعتقد العوني أن محاربة الأخبار الكاذبة تتطلّب استراتيجية متكاملة وعملاً بمبدأ "المعلومة الصحيحة تطرد المعلومة الزائفة"، مشيراً إلى أن تقليص مجال حرية الإعلام والتضييق عليها وعلى حرية الإعلاميين يؤثر على المجال الإعلامي وعلى ساحة تداول الأخبار والمعلومات، ويزيد من إمكانية انتشار الأخبار المستندة إلى السرية وغياب هوية صاحبها والمعتمدة على آليات نشر الشائعات.
ويسجل وجود تأخر في حق الحصول على المعلومات في المغرب، والعمل بقانون مليء بالعيوب يتضمن جوانب عدة لا تشجع على ترويج المعلومات الصحيحة وتمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومات التي لهم الحق فيها، فضلاً عن غياب ثقافة الشفافية وتقديم المعلومات، معتبراً أن هذا الوضع يقتضي عمليات وخططاً حكومية من أجل ترسيخ الحق في الحصول على المعلومات.

وفضلاً عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة، يراهن المغرب في معركته ضد الأخبار الكاذبة على قانون محاربة الإشاعة ونشر الأخبار الزائفة الصادر في عام 2018، وينص على أن "كل من قام عمداً وبكل وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بنشر إشاعة أو أخبار مغلوطة من دون وسائل إثبات صحتها، أو التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها، سيعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، وغرامة مالية من ألفين إلى 20 ألف درهم (نحو ألفي دولار)".
غير أنه بالرغم من ترتيب القانون الجنائي وكذلك قانون الصحافة والنشر عقوبات على نشر الأخبار الزائفة، تلفت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية حنان رحاب إلى عطب المدونة القانونية المتمثل في أنها "موروثة عن سياق طغت عليه تقنيات الأخبار التقليدية، حيث يلاحظ كثيرون قصورها عن الإحاطة بالجريمة الإلكترونية في الشق المتعلق بترويج الأخبار الزائفة".
وتوضح المسؤولة النقابية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "سرعة تداول الأخبار الزائفة تصعب عمليات الملاحقة القانونية، كما لا يتم التمييز في بعض الأحيان بين الترويج الذي يتم من طرف المنشئ الأصلي للمحتوى المضلل، وبين المروج له عن حسن نية باعتباره هو الآخر ضحية لهذا التضليل. فلا يتبين بوضوح هل مروج ذلك الخبر هو مرتكب لجريمة أو ضحية لها".

المساهمون