المؤلف وشخصياته

المؤلف وشخصياته

20 أكتوبر 2021
(Getty)
+ الخط -

مثلما يتبرأ الجميع من مسؤوليتهم إزاء فشل العمل الدرامي، ينشب صراع ينسب فيه كل طرف أسباب النجاح إليه. وأكثر ما يجعل لعاب هذه الأطراف يسيل هو الشخصية، فبعد النجاح؛ ينسب أكثر من طرف صناعتها إليه. في هذا السياق، نتساءل: من هو صانع الشخصية من بين أطراف العمل؟ لنعرف ذلك، لا بد من معرفة مقومات الشخصية، وعندها فقط نعرف من هو صانعها.

تتألف الشخصية، في العمل الدرامي، من مقومات أساسية يمكن اختصارها من خلال النقاط الآتية:

1- كتلة انفعالات: لكل شخصية طبيعة انفعالية تميزها عن باقي الشخصيات، مثل مزاجها وشكل سلوكها؛ كالتهور والخوف والخجل وغير ذلك. وهذه الانفعالات يجب أن تكون منسجمة مع الكتل الانفعالية لباقي الشخصيات. والمؤلف حصراً هو المسؤول عنها، لأنه هو الذي يرى جميع الشخصيات، ولو تركت للممثل فقد لرأينا الشخصية نفسها مكررة في العمل أكثر من مرة، لأنه يعمل ضمن شخصيته بشكل منفصل، وقد تتخلخل أركان هذا الانسجام لأنه ليس هناك "مايسترو" ينظم ذلك، وهذا المايسترو هو المؤلف.

2- جملة أفعال: لكل شخصية فعل، ولا يوجد شخصية من دون فعل. هناك في العمل جملة أفعال مرتبطة بالشخصيات الأساسية، ومجموعة أفعال مدعمة لها. أي شخصية من دون فعل ستتحول إلى مجرد إكسسوار. وهذا الفعل يبنيه المؤلف، لأن أفعال مختلف الشخصيات تشكل ما يشبه قطع الأحجية (Puzzle)، ومن يرسم هذه الأحجية هو المؤلف، ولو ترك الأمر للأطراف الأخرى، لكان من المستحيل تركيب الصورة التي يتألف منها.

3- شبكة علاقات: كل شخصية في العمل مرتبطة بباقي الشخصيات بعلاقات مختلفة، ولا يمكن لشخصية أن تكون بمعزل عن باقي الشخصيات. وإذا كانت الشخصية من دون علاقات؛ فإنها ستكون عبئاً على العمل، ويفضل حذفها، إذ لم يكن لوجودها أي ضرورة درامية، أو أي إضافة، منذ البداية. وهذه العلاقات بين الشخصيات، يبنيها المؤلف حصراً.

4- الحوار: الحوار هو وسيلة إيصال الفكرة التي لدى الشخصية إلى المتفرج أو القارئ، وهي إشارات صوتية، أو إشارات حركية/جسدية يفهمها المتلقي. هذه الإشارات يمكن أن تكون جُملاً منطوقة، أو لغة جسد، كما في الدراما الصامتة، وهذا أمر منوط بالمؤلف أيضاً.

موقف
التحديثات الحية

من هذا المنطلق، يمكن إن نقول إن مخترع الشخصية هو المؤلف حصراً، وليس أي أحد آخر؛ أما ما يفعله باقي الأطراف، فهو ما يمكن أن نطلق عليه تسمية المقومات الإضافية، وهي قائمة تعتمد بشكل كبير على المقومات الأساسية التي وضعها المؤلف، وهذه المقومات أغلبها يتعلق بالشكل الخارجي للشخصية، ويمكن اختصارها بالتالي:

1- المكياج وما في حكمه: ليست مهمة الكاتب الإشارة إلى تفاصيل المكياج في النص، إلا اذا كان هذا المكياج له علاقة بفعل درامي ما، ووجوده يعتبر من ضمن الفعل. مثلا، ندبة في رأس الشخص، أو أي اثر على جسده يؤدي للتعرف عليه في مرحلة من مراحل العمل، أو ما شابه ذلك. والكاتب، في هذه الحالة، يشير إلى مثل هذه التفاصيل في مواصفات الشخصية.

2- مصمم اللباس: الكلام نفسه ينطبق، أيضاً، على أزياء الممثل/الشخصية؛ فاذا لم يكن هناك حدث مرتبط به، يترك أمره لمصمم الملابس، الذي يخطط ما سيرتديه الممثل بناءً على رؤية المخرج، وقراءته للشخصية وفقاً لبناء الكاتب لها.

3- الأداء: الممثل مسؤول بشكل كامل عن أداء الدور؛ إذ عليه أن يجعل الحياة تدب فيه، علماً أن هناك تفاصيل يحددها المؤلف، متعلقة بالأداء المرتبط بالحدث بشكل مباشر. وبكافة الأحوال، فإن الأداء، أو ما يسمى عمل الممثل على الدور، مرتبط بشكل مباشر بالنص، وشذوذ الأداء عن جوهر النص سلوك يؤذي العمل. وهنا أيضاً يلعب المخرج دوراً مهمّاً في إدارة الممثلين ومراقبة أدائهم حتى يكون متوافقاً مع ما وضعه المؤلف.

باختصار، يمكن القول إن لكل طرف في العمل الدرامي مساهمته، سواء في النجاح أو في الفشل.

المساهمون