الفساتين التقليدية لقبيلة هيريرو في ناميبيا صامدة بفضل عصرنتها

29 ديسمبر 2024
عارضات أزياء لمجموعة من تصميم الناميبي ماك برايت كافاري (سيمون ماينا /فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الزي التقليدي لقبيلة هيريرو: الفستان التقليدي "أوهوروكوفا" للنساء في ناميبيا، مستوحى من الأزياء الفيكتورية، يعكس الهوية الثقافية للهيريرو بغطاء رأس يشبه القرنين، رغم الإبادة الجماعية في أوائل القرن العشرين.

- تحديث مكبرايت كافاري للزي: المصمم مكبرايت كافاري يعمل على تحديث الفستان التقليدي ليكون أكثر جاذبية للشباب، مع الحفاظ على جوهره الثقافي، ويشارك بفساتينه في عروض أزياء دولية لنشر ثقافة الهيريرو.

- التحديات الثقافية والتكيف: يواجه كافاري انتقادات من المجتمع بسبب التحديثات، لكن صمود الفستان التقليدي يعكس حيوية ثقافة الهيريرو، ويسعى كافاري لتعزيز الوعي العالمي بقبيلته رغم قلة عددهم.

لا يزال الفستان التقليدي لنساء جماعة هيريرو العرقية، والمرفق بغطاء للرأس على شكل قرنين، صامداً في ناميبيا رغم الزمن ورغم الإبادة الجماعية التي حصلت، ويستمر هذا الزي المستوحى من السكان الألمان الأوائل بفضل مصممين عملوا على عصرنتها لإحياء هذه الثقافة.

في منزل مكبرايت كافاري في شارع كاتوتورا الذي تسكنه قبيلة هيريرو، وهو أبرز مناطق ويندهوك، عاصمة هذا البلد الواقع في جنوب قارة أفريقيا، تنتشر ست صور لوالدته الراحلة وهي ترتدي في كل منها أحد الفساتين الفيروزية التي كان يخيطها لها.

في إحدى زوايا المنزل، تقع ورشة عمله التي لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار مربعة، كدّس فيها أكواما من القماش الذي يصنع منه هذه الفساتين التقليدية المسمّاة "أوهوروكوفا" Ohorokova.

ويقول لوكالة فرانس برس: "نظراً إلى كوني منتميا إلى قبيلة هيريرو، أدركت أن الحفاظ على هذا الفستان يتطلب إدخال تعديلات عليه لجعله جذاباً للشابات".

سبق لكافاري، وهو المصمم الأكثر شهرة في ناميبيا، أن شارك بفساتينه في عروض أزياء في الصين وإثيوبيا وغانا وألمانيا، القوة الاستعمارية السابقة التي يُجمِع المؤرخون على أن الإبادة التي ارتكبتها في حق قبيلة هيريرو كانت أول إبادة جماعية في القرن العشرين.

فقد قُتِل ما بين عامَي 1904 و1908 في هذه المنطقة الواقعة في الجنوب الأفريقي ما لا يقل عن 60 ألفا من الهيريرو وعشرة آلاف من الناما، بواسطة الأسلحة أو معسكرات الاعتقال، أي ما نسبته 80 في المائة من قبيلة هيريرو في ذلك الوقت، بحسب بعض المؤرخين.

أينما ذهب لعرض تشكيلاته، يأخذ مكبرايت كافاري دائماً واحداً أو اثنين من هذه الفساتين التقليدية. ويقول: "أريد أن أريها للعالم أجمع للتعريف بشعب هيريرو. وبمجرد ظهورها على المنصة، ينبهر الجميع ويسعى إلى أن يعرف المزيد عنها".

ويكتنف الغموض تاريخ "أوهوروكوفا". ويُعتَقَد أن هذه الفساتين المستوحاة من موضة العصر الفيكتوري انتقلت إلى نساء الهيريرو من خلال التواصل مع المبشرين الأُوَل في مطلع القرن التاسع عشر، بعدما كنّ قبل ذلك يرتدين مآزر جلدية طويلة. لكنّ المُحاضِرة في مجال الموضة في جامعة ناميبيا ماريا كالي أشارت لوكالة فرانس برس إلى أنه "من غير المعروف ما إذا كان اعتماد هذا الفستان اختيارياً أم أنه حصل بالقوة، إذ ثمة روايتان في هذا الشأن".

ويُسجّل تناقض أيضاً في كون هذا الزي المرتبط بهوية قبيلة هيريرو متأتيا من أولئك الذين أصبحوا مضطهديها. لكنّ الخبيرة كالي تؤكد أن الفساتين أصبحت الآن "مختلفة تماماً" عن تلك التي كانت ترتديها زوجات المبشرين الأوائل.

يقوم المصمم الناميبي ماك برايت كافاري بتعديل قبعة عارضة أزياء داخل ورشته في ويندهوك، 30 نوفمبر 2024(سيمون ماينا / فرانس برس)
يقوم المصمم الناميبي ماك برايت كافاري بتعديل قبعة عارضة أزياء داخل ورشته في ويندهوك (سيمون ماينا / فرانس برس)

بين التحديث والمواصفات التقليدية

وتضيف: "عندما يعتمد المرء شيئا ما، يكيّفه بطريقته الخاصة لكي يمثّل جزءا من نفسه (...) وحتى التقاليد اختُرِعَت في وقت ما ثم تطورت مع الوقت". وينطبق ذلك على غطاء الرأس التقليدي الضخم المعروف بـ"أوتجيكايفا"، الذي يذكّر بثنائي القرن أو ثلاثي القرن. وتشرح ماريا كالي أنه "كان في الماضي مستديرا وسميكا جدا، ولم يكن عريضا جدا بالنسبة إلى الرأس، لكنه أصبح رقيقا جدا ومنمقا جدا". أما مكبرايت كافاري فيشير إلى أن: "شعبنا معروف بماشيته، وغطاء الرأس هذا يعبّر كثيرا عن هويتنا".

وأدخل المصمم تعديلات على هذه الفساتين التقليدية، فخفف من حجمها الذي كان يمكن أن يصل إلى ست طبقات، ومن الأكمام أيضا إلى درجة الاستغناء عنها كلياً أحياناً. وتجد يميلا فيتارابي كاتجيروا (50 عاما)، وهي زبونة تملك في خزانة ملابسها نحو 30 فستانا من مختلف الألوان، أن ثمة "توازنا جيدا جدا بين التحديث واحترام" المواصفات التقليدية، مع أن "إظهار الجسم" لا يزال مسألة "غير قابلة للمساومة تقريبا".

وبعد تعرضه "لانتقادات عدة" لوضعه مثلا ثعبانا على غطاء رأس ممثلة ناميبيا في مسابقة ملكة جمال الكون، يلاحظ مكبرايت كافاري أن "الناس لا يتقبلون التغيير بسهولة". وتعتبر ماريا كالي أن صمود هذه الفساتين دليل على أن ثقافة الهيريرو "حية"، مع أن عددهم لم يكن يتعدى 179 ألفا في ناميبيا في تعداد عام 2023، أي أقل من 6% من مجمل السكان. ويؤكد مكبرايت كافاري أنه "مع الوقت، سيفهمون أنني شخص يسعى إلى أن يعرف الناس أن ثمة قبيلة في ناميبيا تنطق بلغة الهيريرو".

(فرانس برس)

المساهمون