الغابات وتاريخها بمحاذاة البحر في يالوفا التركية

الغابات وتاريخها بمحاذاة البحر في يالوفا التركية

28 مايو 2022
الحياة الطبيعية المتنوعة في يالوفا مستغلة أفضل استغلال (Getty)
+ الخط -


بعد شتاء طويل محمَّل بالثلوج الكثيفة، تفتح مدينة يالوفا التركية أحضانها لاستقبال أفواج كبيرة من زائريها، خاصة من السائحين العرب، محبّي منتجعاتها القريبة من إسطنبول. في المقابل، تسعى يالوفا لتعويض المواسم السابقة التي تأثرت بانتشار فيروس كورونا، لمقاومة الأزمة الاقتصادية الحالية، بعد أن حلّ الربيع، وازداد شكل المدينة الخضراء جمالاً وحيوية.

تقع ولاية يالوفا شمال غرب تركيا في الجانب الآسيوي، وتمتد داخل بحر مرمرة على هيئة لسان يحيط به الماء من ثلاث جهات، وتبلغ مساحتها 839 كلم مربع، بينما يصل تعداد سكانها إلى قرابة 204 آلاف نسمة. وتمتد سواحلها بطول 123 كم، وهو ما يجعلها قبلة محببة للسياحة الشاطئية.

يعود أقدم ظهور للمدينة إلى سنة 2000 قبل الميلاد، حين احتلها الحيثيون، ثم توالت عليها سيطرة الدول التي بسطت سلطانها على الأناضول، مروراً بالرومان والبيزنطيين، وصولاً إلى العثمانيين الذين دخلوها سنة 1303م.

الينابيع الساخنة

طوال تاريخها المعروف، كانت يالوفا قبلة للباحثين عن الاستشفاء حين تفجّرت ينابيعها المعدنية الساخنة؛ فانتقل إليها كل من أراد أن يتخلص من أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية وأمراض العظام والأمراض التنفسية. ويقال إن تلك الينابيع الساخنة قد نشأت نتيجة زلزال كبير وقع منذ 4000 سنة في عهد الحكم الروماني.

توجد هذه الينابيع في منطقة تيرمال في قلب الغابات، على بعد 12 كم من مركز المدينة، وهي ترتفع عن سطح البحر بـ 10 أمتار. وتمتاز المياه فيها بالصفاء، وتراوح درجة حرارتها بين 55 ـ 65 درجة مئوية. تتدفق المياه من بين الصخور بمقدار 12 لتر/ثانية، وهي غنية بكثير من المعادن، مثل: كلوريد الصوديوم وكبريتات الكالسيوم وفلوريد الكالسيوم، ويرى الخبراء الصحيون أن نسب المعادن المتوافرة فيها تجعلها مناسبة للشرب والاستحمام أيضاً.

في الوقت الحالي، تدير وزارة الصحة التركية ينابيع تيرمال مباشرةً، وبفضل العناية الكبيرة، فقد أصبحت منطقة الينابيع الوحيدة الحاصلة على الميدالية الذهبية في الجودة في تركيا. توجد ثلاثة حمامات تاريخية مشهورة تتوسط الغابة الجميلة في تيرمال، هي "حمام قورشونلو" الذي يمتاز بالقباب المغطاة بالرصاص، وهو مختلط للنساء والرجال مع جاكوزي وساونا، وفيه مسبح مكشوف في الهواء الطلق. كذلك توجد فيه غرف عائلية خاصة. أما "حمام والدة السلطان"، فيتكون من قسم عام مخصص للنساء، وقسم آخر عام للرجال، وفيه مسبح مغطى وغرفة ساونا وبخار. بينما يضمّ "حمام السلطان" غرفاً عائلية خاصة تحتوي على مغطس صغير.

علوم وآثار
التحديثات الحية

طبيعة خلابة

الحياة الطبيعية المتنوعة في يالوفا مستغلة أفضل استغلال، وتُعَدّ "غابة تشويقية" أفضل مثال على ذلك، وهي غابة تقع على بعد 29 كلم من مركز المدينة، مجهزة لاستقبال من أراد التخييم وهواة التصوير وعشاق الرياضات المختلفة، كذلك يوجد فيها طريق ترابي لرياضة المشي بطول 2 كلم، ومناطق مخصصة لألعاب الأطفال والرياضة والتنزه. أنشئت الغابة سنة 2005 على مساحة 95 هكتاراً، ومن أبرز الأشجار التي تغطيها: الزيزفون والكستناء والبلوط والزان والصنوبر والتين. أما هضبة "إريكلي" الواقعة في منطقة تشارنجيك، والتي يبلغ ارتفاعها نحو 600 متر عن سطح البحر تقريباً، فهي أيضاً ذات كثافة نباتية مرتفعة، وتتميز في وسطها ببحيرة "ديبسيز" التي تُعَدّ من أروع البحيرات الطبيعية. وهناك شلال "صودوشان" الرائع الذي يتدفق من أعلى قمة جبلية تقع على طريق يبعد 8 كم عن قرية "أوفاز بنالر".

متحف مفتوح

المباني الأثرية الممتدة عبر عصور التاريخ في يالوفا، تجعل منها متحفاً تاريخياً مفتوحاً، منها: جامع رستم باشا، وقد شيده الوزير الأعظم لسليمان القانوني، وقلعة تشوبان (قلعة الراعي) التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر، وجسر تاشكوبرو الذي يعود إلى العصر العثماني، والكنيسة السوداء التي بُنيت في العصر الروماني في أول الأمر لتكون مستودعاً للمياه، ثم حولها البيزنطيون لاحقاً إلى كنيسة. وتضم المدينة العديد من المتاحف، مثل "المتحف المفتوح" الذي يحتوي على آثار جمعت من المناطق المجاورة ليالوفا. ومتحف "إبراهيم موتيفيريك كايت" الذي يروي تاريخ الورق والطباعة، وفيه عدد من المخطوطات القديمة النادرة. ومتحف "قصر كمال أتاتورك" الذي بُني عام 1929، و"متحف كينت" للفن المعاصر الذي افتُتح عام 2013، ويضم لوحات وقطعاً أثرية نادرة.

دلالات

المساهمون