الطبّ عبر "إنستغرام": جدل روسي

الطبّ عبر "إنستغرام": جدل روسي

02 ديسمبر 2020
النصائح الطبية لا تغني عن الفحص السريري (سيرغي كاربوخين/Getty)
+ الخط -

أثارت قضية "طبيبة إنستغرام" الروسية فالنتينا ماكسيموفا جدلاً واسعاً في روسيا حول استخدام الأطباء مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تقديم الإستشارات مدفوعة الثمن للمرضى المحتاجين، وتقديم خطة للعلاج من الأمراض المستجدة بالاعتماد على خبرات اكتسبوها أثناء عملهم في المستشفيات الحكومية. 

الطبيبة ماكسيموفا، قدمت منذ أيام عرضا في صفحتها على موقع "إنستغرام" لتقديم خطة علاج متكاملة للشفاء من فيروس كورونا مقابل 950 روبل (أقل من 13 دولاراً أميركياً)، مؤكدة أنها تصلح للعلاج المنزلي للمصابين بأعراض خفيفة، وقالت طبيبة الأمراض الداخلية منذ 25 عاماً، إنها تعمل في الأشهر التسعة الأخيرة في قسم محاربة كورونا داخل "المنطقة الحمراء" لسبع ساعات يومياً، ما مكنها من جمع ملاحظات مهمة حول المرض وطرق علاجه الناجعة. 

تصرف الطبيبة أثار حفيظة وزارة الصحة المحلية في مقاطعة تفير (165 شمال موسكو) التي فتحت تحقيقات رسمية حول تصرفاتها، مشددة على أنه "لا يمكن لفرد القيام بأي أعمال طبية من دون ترخيص"، وبالتالي "يجب أن يخضع منتهك هذا القانون لعقوبة جنائية". ورغم أن ماكسيموفا حذفت بعد ساعات تدوينتها التي عرضت فيها بيع خطة العلاج، وأبقت على عشرات المنشورات حول طرق الوقاية من فيروس كورونا ومنع انتشاره، ونصائح علاجية خفيفة لتقوية المناعة، ورفع معنويات المرضى، إلا أنّ مدير المستشفى رقم 6 في مدينة تفير فلاديمير أودالوف أعلن إيقاف الطبيبة عن العمل بقرار إداري، وعزا الإجراء إلى أن "المحاولة غير القانونية للإثراء من دون ترخيص وإساءة استخدام ثقة المريض، وكذلك اللعب على مشاعر الخوف فيما يتعلق بانتشار عدوى فيروس كورونا المستجد، أمر غير مقبول وغير قانوني". وزاد أن "إدارة المستشفى ستفتح تحقيقا رسميًا، وسيتم إرسال مواد التحقيق إلى السلطات القضائية"، وفق ما ذكره موقع Tverigrad.ru المحلي. 

في المقابل، تصّر ماكسيموفا على أنها لم ترتكب أي مخالفة للقوانين. وأوضحت في تصريحات صحافية مع مواقع محلية أن لديها "مدونة إعلامية وتعليمية"، مضيفةً "أفعل كل هذا بنية حسنة، وأريد تعليم المواطنين كيف يجب أن يتصرفوا أثناء انتشار الوباء... أعرض معلومات عن كيفية تقوية جهاز المناعة، وتجنب الإصابة والوصول إلى حالة حرجة في حال الإصابة". ورغم تأكيدها أنها لم تتمكن من بيع أي وصفة طبية لعلاج كورونا، تدافع ماكسينوفا عن عرضها العلاج مقابل مبلغ مالي، مشيرةً إلى أنه "عندما يتلقى الشخص معلومات مجانية، فإنه لا يدرك قيمتها... وعندما تحصل على شيء مقابل المال، يكون له قيمة". واستهجنت الطبيبة الهجوم الذي تعرضت له مذكرة بأنها اجتهدت لإعداد قائمة إجراءات العلاج لفترة طويلة، واختارت النقاط الأساسية للعلاج المخصصة للأشكال الخفيفة من المرض في العيادات الخارجية، مشددة على أن "من الطبيعي أن يكون أي عمل مدفوعا... أنا مدهوشة فالناس يقصدون العيادات الخاصة، ويدفعون في شكل عادي 900-1000 روبل مقابل الكشف الطبي، يقفون في طابور هناك... إنهم ليسوا ساخطين هناك". ومع تأكيدها أنها "لم تجبر أي شخص على قبول عرضها"، لفتت ماكسيوفا إلى أنها تجيب عن أسئلة المرضى واستفساراتهم خارج ساعات العمل طوال المساء، وخلصت إلى أن "الاستشارات والعمل يجب ألا يكون مجانا بل مدفوع الثمن". 

وقللت الطبيبة من أهمية التحقيقات القضائية، قائلةً: "لا أحتاج إلى أي ترخيص للاستشارات الطبية. لدي شهادة جامعية بالطب. أقدم الاستشارات خارج ساعات العمل. لدي الحق في القيام بذلك، ويحق لي ألا أبلغ إدارة العمل... بعد الساعة 15:00 أنا حرة ويمكنني أن أفعل ما أريد".

وخلصت ماكسيوفا في حوارها مع موقع Tverigrad.ru المحلي إلى أن ما قامت بها  ليس مخجلاً، مضيفةً "أنا أنقذ الأرواح في المنطقة الحمراء لمدة 7 ساعات كل يوم. لدي ما يكفي من المال. هذا ليس من أجل الكسب. في المنزل، في أوقات فراغي، أكتب معلومات لمئات الأشخاص من خلال المدونة حول قواعد السلوك والحماية والوقاية من عدوى فيروس كورونا. في حين أن جميع الموظفين الآخرين يعودون إلى منازلهم ويستريحون مع عائلاتهم. لا أعتقد أن هذا تصرف سيئ من جانبي". 

الطبيب المختص في أمراض الذكورة وجراحة الأطفال البروفيسور أسعد مطر، أوضح في اتصال مع "العربي الجديد" أن "القوانين الروسية تمنع تقاضي أي مبالغ مقابل الاستشارات للمرضى على الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي"، مستدركا أن "الحصول على أتعاب مقابل استشارات بات ظاهرة منتشرة في روسيا، والسلطات تغض النظر عنها". وأوضح مطر أن "الاستشارات عبر سكايب وواتساب ازدادت منذ انتشار كورونا، حتى من قبل أطباء القطاع الطبي الحكومي مع تخصيص معظم الجهد لمحاربة فيروس كورونا. وأكد مطر، الناشط بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي والذي يملك حسابا على "إنستغرام" مع أكثر من 1.8 مليون متابع، أنه يفضل "تقديم نصائح طبية مجانية عامة للمرضى، ويناقش بعض الحالات المرضية والوقاية منها بشكل عام" في صفحاته المتنوعة، مشددا على أن "الفحص السريري للمريض كان ولا يزال جزءا أساسيا من عملية تشخيص المرض ووضع خطة العلاج التي يمكن أن تختلف حسب الحالة". وخلص إلى أن "إنستغرام" وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي "جيدة للترويج للطبيب ولكنها بالتأكيد لا تغني عن الفحص السريري ويجب ألا تتحول إلى منصة لوصف العلاجات مجانية كانت أو مدفوعة الثمن".

المساهمون