الصحافيون في ليبيا... كلّ يوم جريمة

الصحافيون في ليبيا... كلّ يوم جريمة

29 نوفمبر 2021
شهد العقد الأخير هجمات منسقة ضد الصحافيين (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الصحافي الليبي يدفع يومياً ثمن غياب الأمن والاستقرار في البلاد منذ 10 سنوات، فيسقط صحافيون ويهدّد آخرون، بينما تتوالى عمليات الخطف والترهيب من دون أي محاسبة. يحصل ذلك رغم إعلان الحكومة عزمها منذ مايو/أيار الماضي إنشاء هيئة لحماية الصحافيين. 
وفي آخر الحوادث المتعلقة بسلامة الصحافيين، أعلنت وكالة الأنباء الليبية، يوم الجمعة الماضي، إطلاق سراح مراسلها في سرت، محمد الأميل، بعد ساعات من احتجازه لـ"أسباب غير معروفة". كما لم تكشف الوكالة، وهي وكالة الدولة الرسمية، عن اسم الجهة التي احتجزت مراسلها، كما لم تعلن أسباب احتجازه واكتفت بقولها إنّ ذلك حصل لـ"أسباب غير معروفة"، وأنه بصحة جيدة. 
وقبل هذه الحادثة بأيام انشغلت وسائل الإعلام الليبية والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحرية الصحافيين بخبر اختطاف الصحافي الليبي، سراج المقصبي، يوم الإثنين الماضي من مقر عمله في صحيفة "الحياة" الليبية، في بنغازي، من قبل مسلحين مجهولين اقتحموا مقر الصحيفة واقتادوه إلى جهة مجهولة من دون أن يعلم أحد مصيره حتى الآن. وبحسب بيان صادر عن الهيئة العامة للصحافة، فإن المجموعة التي اقتحمت مقر الصحيفة لم توضح هويتها ورفضت تقديم أي استدعاء رسمي أو إظهار أية أوراق ثبوتية، بل اقتادت المقصبي الى مكان مجهول بعدما قامت بترويع وتهديد الموظفين والصحافيين. 
وناشدت الهيئة الأجهزة الأمنية التحرك لمعرفة مصير المقصبي وإطلاق سراحه، والتعهد بعدم تكرار مثل هذه التجاوزات الخطيرة التي تنتهك القوانين والتشريعات التي تحمي الصحافة والصحافيين. 
ولم يعرف للمقصبي أي نشاط مخالف لأهواء ورغبات سلطة اللواء المتقاعد خليفة حفتر الحاكمة في بنغازي ومدن شرق ليبيا، باستثناء تدوينة كتبها على حسابه الخاص على "فيسبوك"، انتقد فيها عمليات بيع وشراء أصوات، في الحملات الانتخابية الحالية.
ورغم مسؤوليتها عن أمن المدينة، لم تصدر الأجهزة الأمنية التابعة لقيادة مليشيات حفتر أي تعليق على الحادثة حتى الآن، علماً أنها ليست الحادثة الأولى المرتبطة بحرية عمل الصحافيين. فقد شهدت طرابلس وبنغازي، والعديد من المدن الليبية، حالات مشابهة وصلت بعضها إلى حدّ العثور على جثث بعض الصحافيين المختطفين ملقاة على الطرقات بعد فترة من اختطافهم. 
وأمام هذا الواقع، سبق لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أن أعلن بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو/أيار الماضي عن عزم حكومته إنشاء مؤسسة إعلامية عليا مستقلة، تتولى حماية الصحافيين وتمنح التصاريح للمشاريع الإعلامية. 

وعدت الحكومة بإنشاء هيئة خاصة لحماية الصحافيين

وقال الدبيبة وقتها إنه طلب من "حكومة الوحدة الوطنية إنشاء مؤسسة وطنية عليا مستقلة، تعنى بحماية حرية الصحافة وتنظم منح التصاريح لإقامة المشاريع الإعلامية"، مضيفاً أن أحد أهداف المؤسسة سيكون متابعة المواد المنشورة في وسائل الإعلام لضمان عدم بثّ خطاب يحضّ على الكراهية أو التحريض، في ما بدا أشبه بدور رقابيّ يناط بعمل هذه المؤسسة. وشدد الدبيبة على عزم حكومته اتخاذ "حزمة من الإجراءات الإصلاحية التي تؤدي لتطوير الإعلام الرسمي وتتناغم مع المتطلبات بتوسيع هامش الحريات وتأمين الصحافيين وأصحاب الرأي في ليبيا".
وفي سياق حديثه عن حماية الصحافيين أكد الدبيبة أنّ الحكومة قامت "باعتماد ونشر منشور توجيهي وملزم لكل المسؤولين في الدولة الليبية، وهذا المنشور يضمن للجميع حماية الصحافيين ودعم جهود كل العاملين في حقل الصحافة والإعلام".
طبعا لم تبصر الهيئة النور، ويتوالى بشكل يوميّ خطف وقتل وتهديد الصحافيين في مختلف المدن الليبية. وهو الواقع الذي يؤكّده الصحافي سالم الورفلي في حديث مع "العربي الجديد"، فيتساءل عن موعد إنشاء هذه الهيئة، مؤكداً ان أياً من وعود الحكومة بتقديم الحماية لصحافيين لم تتحقّق "بل لا تزال حياة الصحافي مهددة، مثلها مثل حقه في نقل الحدث وإبداء رأيه".

وطيلة السنوات الماضية شهدت ليبيا حوادث مروعة طاولت الصحافيين، أولها حادث مقتل الإعلامي في قناة ليبيا الوطنية الرسمية، عز الدين قصاد، عام 2013 أثناء خروجه من أحد مساجد مدينة بنغازي على يد مسلحين مجهولين.
لكنّ عام 2014، يعتبر الأسوأ بالنسبة للإعلاميين والصحافيين، فقد شهد مقتل رئيس تحرير صحيفة "برنيق" مفتاح أبو زيد، في وضح النهار على يد مسلحين مجهولين، والصحافي عبد الله بن نزهة في مدينة سبها، والصحافية نصيب كرناف من سبها أيضاً، وقد عثر على جثتها وعليها آثار التعذيب. وعام 2015 قتل الصحافي مفتاح القطراني في بنغازي في ظروف غامضة أيضاً. 
أما حوادث الاختطاف التي يعقبها إطلاق سراح الصحافي، غالباً ما يكون هدفها تهديد الصحافي نفسه أو مؤسسته، و"هي كثيرة وتخرج عن الحصر وشهدتها أغلب المدن الليبية" بحسب الورفلي، مشيراً إلى أنّها قد تقارب 30 حادثة طيلة العقد الأخير. وذكر على سبيل المثال اعتقال المصور الصحافي صدام الساكت من قبل عناصر أمنية أثناء تغطيته لحدث يتعلق باعتصام مهاجرين غير شرعيين أمام مقر مفوضية اللاجئين الأممية في طرابلس نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 

المساهمون