الصحافيون في غزة... رحلة البحث عن الكهرباء والإنترنت

04 مارس 2025
صحافيان فلسطينيان في دير البلح، ديسمبر 2023 (سعيد الخطيب/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الصحافيون الفلسطينيون في غزة تحديات كبيرة بسبب العدوان الإسرائيلي، حيث دُمرت مقار المؤسسات الإعلامية، مما أجبرهم على العمل من المنازل والمقاهي رغم انقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت.
- تسببت الهجمات في استشهاد صحافيين وتدمير مقرات، مما جعل الوصول إلى الإنترنت والكهرباء صعباً، وأثر نقص المعدات على جودة المحتوى الإعلامي.
- يعمل الصحافيون بشكل فردي أو تطوعي لضمان التغطية، لكن غياب الدعم المالي وتدمير البنية التحتية يزيدان من تعقيد التغطية الميدانية والتنقل بين الأنقاض.

لم يعد عمل الصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة يقتصر على نقل الحقيقة وسط العدوان الإسرائيلي المستمر، بل باتت معركتهم مزدوجة تجمع بين تحديات المهنة وصراع البقاء في بيئة مدمرة. تسببت الغارات الإسرائيلية في تدمير معظم مقار المؤسسات الإعلامية والمكاتب الصحافية، ما أجبر الصحافيين على البحث عن بدائل تمكنهم من الاستمرار في التغطية وسط إمكانيات شبه معدومة.  
بعد تدمير المكاتب، اضطر العديد من الصحافيين إلى الاعتماد على منازلهم بصفتها مقرات عمل بديلة، رغم انقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت، بينما لجأ آخرون إلى المقاهي أو حتى الشوارع والنقاط العشوائية ضعيفة الإمكانيات. ورغم محاولاتهم إيجاد حلول عملية، إلا أن العقبات تزداد يوماً بعد يوم، في ظل غياب بيئة عمل مناسبة وأدوات ضرورية لإنجاز العمل الإعلامي.  
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد استشهد 205 صحافيين وعاملين في وسائل الإعلام منذ بدء العدوان، فيما دُمرت عشرات المقرات الإعلامية، ما جعل الوصول إلى الإنترنت والحصول على الكهرباء الرسمية ضرباً من المستحيل، الأمر الذي يضاعف معاناة الصحافيين ويجعل أداء مهامهم أكثر صعوبة.  
أجبر نقص المعدات وعدم القدرة على تعويضها الصحافيين على اللجوء إلى حلول بديلة، ما أثر بشكل مباشر على جودة المحتوى الإعلامي. باتت الكاميرات، الحواسيب، وحدات البث، وحتى الأوراق والأقلام موارد نادرة بفعل القصف، بينما تمنع القيود المفروضة على القطاع إدخال الأجهزة الإلكترونية، ما يعقد الأمور أكثر.  
فضلاً عن ذلك، فإن تدمير البنية التحتية وانقطاع الطرق ساهما في جعل التغطية الميدانية أكثر تعقيداً، إذ يجد الصحافيون أنفسهم مضطرين إلى التنقل بين الأنقاض وسط نقص حاد في الوقود اللازم لتشغيل العربات أو تشغيل المولدات الكهربائية.  
إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية وتعليق رواتب العاملين فيها دفع بعض الصحافيين إلى العمل بشكل فردي أو التطوع لضمان استمرار التغطية الإعلامية. لكن غياب الدعم المالي يجعل تأمين الحد الأدنى من متطلبات العمل تحدياً يومياً.  
الصحافية رهف عزيز، التي كانت تعمل في وكالة إنتاج إعلامي قبل أن يُقصف مقرها في شارع الوحدة، تقول لـ"العربي الجديد"، إنها وجدت نفسها من دون عمل أو مصدر دخل لفترة طويلة. وتوضح أنها تعمل حالياً على إعداد وتصوير قصص إنسانية بجهودها الخاصة، لكنها تعاني في تأمين الكهرباء والإنترنت. وتضيف: "أضطر إلى قطع مسافات طويلة للحصول على الإنترنت، ما يكلفني الكثير من الجهد والمال، وغالباً ما أعود إلى المنزل في وقت متأخر بسبب ضعف الشبكة".  
أما الصحافي عبد الله يونس، من صحيفة "فلسطين" وموقع "فلسطين أونلاين"، فيشير إلى أن قصف الاحتلال مقر الصحيفة في شارع الثورة فاقم صعوبة عمله وسط انعدام الإمكانيات. يقول يونس: "نزحت عدة مرات خلال العدوان، وعملت باستخدام الطاقة البديلة عبر ألواح الطاقة الشمسية، لكن البطاريات تتعرض لأعطال متكررة، ما يجعلني في بحث دائم عن مصدر طاقة يمكنني من إتمام عملي".

ويضيف: "نقطع مسافات طويلة لشحن الهواتف والحواسيب وتأمين الإنترنت، وهو ما يزداد صعوبة خلال الشتاء، حيث تتأثر الطاقة الشمسية بالعوامل الجوية".  
في ظل فقدان المقرات الإعلامية، بات البحث عن نقاط بديلة لإنجاز العمل جزءاً من يوميات الصحافيين، لكن هذه النقاط تفتقر إلى أدنى مقومات العمل الإعلامي. يقول الصحافي أحمد جودة، من مرصد "كاشف" للتحقق، لـ"العربي الجديد"، إن العثور على نقطة توفر الكهرباء والإنترنت يتطلب ساعات من البحث والجهد، إلى جانب الكلفة المالية المرتفعة.  
ويشير جودة إلى أن تغير بيئة العمل باستمرار يؤثر سلباً على تركيز الصحافيين، بينما يستغرق رفع المواد الإعلامية ساعات طويلة بسبب ضعف الإنترنت، ما يتسبب في تأخير تسليم التقارير أو حتى تلفها قبل نشرها.  
المصور هاشم زمو، الذي اضطر للنزوح إلى جنوب قطاع غزة خلال العدوان، يشير إلى أن الإنترنت كان متاحاً بشكل متقطع في بعض المناطق، لكن مع العودة إلى مدينة غزة، واجه مشكلة أكبر بفقدان مقر وكالته وتدمير البنية التحتية بالكامل.  
يقول زمو لـ"العربي الجديد": "عدم وجود مكاتب أجبرنا على نصب خيام أمام المستشفيات والعمل منها، كما نحاول توفير الإنترنت عبر الشرائح الإلكترونية أو البحث عن نقاط لم يدخلها الاحتلال".  
ويضيف: "العمل الإعلامي أصبح أكثر صعوبة بسبب انعدام المستلزمات الأساسية، بينما تضعف الطاقة البديلة بسبب الأحوال الجوية والاستخدام المستمر للأجهزة، لكننا نحاول العمل بأبسط الإمكانيات".

المساهمون