استمع إلى الملخص
- في عام 2022، أطلقت مؤسسة "موج" مشروعاً لتعديل قانون اتحاد الصحافيين، بهدف تحديثه وبناء قاعدة مجتمعية من الصحافيين رغم التحديات.
- أكد مصطفى المقداد على أهمية تشكيل نقابة شاملة للصحافيين، بينما شدد علي الرفاعي على ضرورة تنظيم العمل الصحافي وتعزيز حرية التعبير.
سيطر نظام الأسد المخلوع على اتحاد الصحافيين في سورية طيلة عقود. وعلى الرغم من المحاولات المحدودة التي بذلها الاتحاد لحماية الصحافيين، إلا أن دوره كان محدوداً للغاية، إذ لم تكن لديه قدرة فعلية على الدفاع عن أعضائه، وكثيراً ما كان رد الاتحاد على أي استفسار حول اعتقال صحافيين يتسم بالتوبيخ أو التجاهل.
وفي إطار سياسات التضييق على الحريات، أصدر النظام ما يُعرف بـ"قانون الجريمة الإلكترونية"، وهو ما ساهم في تعزيز سياسة قمع الأصوات المعارضة. وبموجب هذا القانون، اعتقل الأمن السوري العديد من الصحافيين ووجّه إليهم تُهماً مثل "وهن عزيمة الدولة" و"التشهير"، ما جعل ممارسة الصحافة في سورية مغامرة محفوفة بالمخاطر.
في عام 2022، أطلقت مؤسسة "موج" التنموية مشروع "صوت وصورة وصدى"، الذي تضمن حملة مناصرة لتعديل القانون الداخلي لاتحاد الصحافيين. وتوضح مديرة المؤسسة أميرة مالك أن الحملة انطلقت من ضرورة تحديث القانون ليواكب السياق السوري بشكل أفضل. أشارت مالك إلى أن القانون كان مخالفاً للدستور السوري، من حيث اشتراط انتماء الصحافيين لحزب البعث. كما ركزت الحملة على بناء قاعدة مجتمعية من الصحافيين لتقود عملية التغيير، في ظل معاناة الاتحاد من البيروقراطية والترهل والتبعية السياسية.
وقالت مالك لـ"العربي الجديد": "كان من الضروري أن يلبي القانون الداخلي حاجات الصحافيين، بما يضمن حمايتهم، ويحافظ على حقوقهم، ويوفر رواتب تقاعدية توازي تلك المقدمة في النقابات الأخرى داخل سورية وخارجها". لكنها أشارت إلى تحديات كبيرة واجهتها الحملة، أبرزها تعدد المرجعيات السياسية والحزبية للاتحاد، وضعف تجاوب المعنيين مع مطالب التغيير.
بدورها، قالت الصحافية السورية نسرين علاء الدين لـ"العربي الجديد": "هناك جهات قادرة على توثيق الانتهاكات بحق الصحافيين، لكن لا توجد أي جهة قادرة على حمايتهم من تلك الانتهاكات". وأضافت أن هناك جهوداً تُبذل حالياً لتشكيل نقابة تمثل جميع الصحافيين السوريين بمختلف انتماءاتهم، بهدف تحقيق مصالح أعضائها بشكل حقيقي، بعيداً عن التجاذبات السياسية.
وأشارت علاء الدين إلى أنّ وجود جسم نقابي مستقل هو أمر ضروري لتوحيد الصحافيين السوريين وإبرام مواثيق ومعاهدات تضمن لهم الحماية وتدعم عملهم، وأكدت أن مثل هذا الكيان النقابي يمكن أن يُعزز حرية الصحافة ويُتيح مساحة أكبر للصحافيين لطرح قضاياهم بحرية بعيداً عن التهديدات والانتهاكات التي يعانون منها حالياً. وأضافت أن وجود مثل هذا الجسم النقابي سيُشكل خطوة أولى نحو تحسين بيئة العمل الصحافي، التي باتت تعاني من تضييقات غير مسبوقة.
من جهته، قال مصطفى المقداد، عضو المجلس المركزي لاتحاد الصحافيين السوريين، لـ"العربي الجديد": "منذ تأسيسه في عام 1974، كان الاتحاد شكلياً ولم يمارس دوره النقابي بشكل فعّال"، وأكد أن دور الاتحاد اقتصر على الدفاع عن الحقوق البسيطة للصحافيين، لكنه كان أكثر حضوراً على الصعيد الإقليمي والدولي، خاصة خلال السنوات الأخيرة، عبر مشاركته في اتحادات الصحافيين العرب والدوليين.
وأضاف المقداد أن تشكيل نقابة شاملة للصحافيين السوريين يُعدّ أحد الأسئلة الكبرى التي تُطرح منذ سنوات، مشيراً إلى أن الاتحاد الدولي للصحافيين كان يطالب دمشق منذ عام 2017 بتأسيس اتحاد يمثل جميع الصحافيين السوريين، وأوضح أنّ الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تتطلب تشكيل هيئة تحضيرية من الصحافيين ذوي الخبرة النقابية.
في سياق متصل، أكد مدير مكتب العلاقات العامة في وزارة الإعلام السورية علي الرفاعي، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "نؤمن بأهمية تنظيم العمل الصحافي بما يعزز حرية التعبير ويدعم الإعلاميين في أداء مهامهم بمهنية"، وشدد على أن أي خطوة نحو تشكيل نقابة أو أجسام إعلامية جديدة تتطلب توافقاً وطنياً ودراسة معمقة لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الصحافيين ومتطلبات المصلحة العامة.
وأضاف الرفاعي أنّ مناقشة هذه القضايا ينبغي أن تتم بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بحيث تُطرح في إطار شامل يضمن تحقيق الاستقرار والتقدم للمجتمع السوري، وأكد أنّ وزارة الإعلام مستعدة للمشاركة في أي نقاشات مستقبلية من شأنها أن تساهم في تطوير العمل الصحافي وتوفير الحماية اللازمة للصحافيين.
في ظل التغيرات التي تشهدها سورية، تبدو الحاجة ملحة إلى جسم نقابي يمثل الصحافيين بشكل حقيقي، بعيداً عن التبعية السياسية والهيمنة الحكومية. ويبقى الأمل معقوداً على مبادرات التغيير والمناصرة التي تقودها المؤسسات الصحافية المستقلة والصحافيون السوريون أنفسهم لتحقيق هذا الهدف.