الشواطئ الرملية... زيادة معدلات الهجرة في مصر وتونس

الشواطئ الرملية... زيادة معدلات الهجرة في مصر وتونس

08 فبراير 2021
سواحل الدلتا في كل من تونس ومصر هي أكثر المناطق عرضة للمخاطر (فريد دوفور/ فرانس برس)
+ الخط -

أدت عقود من بناء السدود على الأنهار، وإنشاء المنتجعات الساحلية، والنمو الحضري السريع وغير المخطط له إلى ما يمكن أن يكون أحد أكبر مظاهر التدهور الساحلي، ومن ثم زيادة معدلات الهجرة من ساحل دلتا النيل بنسبة تصل إلى 248٪، وزيادة معدلات الهجرة من ساحل تونس إلى 62٪ في الفترة من عام 2000 وحتى عام 2016.

طبقا لنتائج دراسة جديدة نشرت يوم 27 يناير/ كانون الثاني في دورية "ساينتفك ريبورتس" يشير فريق بحثي يضم باحثين من مصر وتونس يعملون في جامعات فرنسية وأميركية وتونسية، إلى أن المنطقة الممتدة على مسافة 4633 كيلومتراً من خليج تونس إلى دلتا النيل في مصر، شهدت تراجعاً واضحاً في عدد السكان على السواحل وفيضانات ساحلية نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر. 

كما تلفت الدراسة إلى الآثار المترتبة على افتتاح السد العالي في سبعينيات القرن الماضي، والذي تسبب في خفض إمدادات الرواسب على شاطئ الدلتا في الوقت الذي تزيد فيه عمليات التعرية وتآكل خط الساحل بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر.

يوضح عصام حجي، الباحث في جامعة جنوب كاليفورنيا الأميركية، والباحث الرئيسي في الدراسة، أن السبب الرئيسي للهجرة هو الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة التي يمكن أن تكون مرتبطة بالأمن الغذائي وخسائر الأراضي الزراعية. ويضيف حجي: "إذا سافرت إلى أوروبا ووجدت أن معظم المهاجرين المصريين هم من الإسكندرية ومنطقة الدلتا، فهذا ليس مفاجئاً، هذا بالضبط بسبب ما نقوله هنا".

47٪ من سواحل شمال أفريقيا تتميز بضعف شديد إلى مرتفع للغاية

وتكشف الخريطة الإحصائية لمؤشر الضعف الساحلي التي أعدها الباحثون أن 47٪ من سواحل شمال أفريقيا تتميز بضعف شديد إلى مرتفع للغاية. وسواحل الدلتا المكتظة بالسكان في كل من تونس ومصر هي أكثر المناطق عرضة للمخاطر (بنسبة 70 ٪) أكثر من أي ساحل آخر في شرق البحر الأبيض المتوسط.  وتقول الدراسة إن عدم توازن الرواسب على خط الشاطئ يؤدي إلى تدهور الموارد المائية والزراعية في البيئات الهشة المحيطة بهذه النظم البيئية، ومن ثم تؤدي هذه الظاهرة إلى هجرة السكان من مناطق الزراعة وصيد الأسماك.

وتضم المنطقة تجمعات كبيرة من السكان بالإضافة إلى النظم البيئية البحرية الفريدة والهشة. كما تتصف هذه المناطق بأنها ذات قابلية شديدة للتأثر بتدهور كبير في طبقات المياه الجوفية الساحلية وبالتالي في إنتاج المحاصيل، مما يهدد الأمن الغذائي المحلي ويؤدي إلى زيادة اتجاهات الهجرة إلى خارج المنطقة.

علوم وآثار
التحديثات الحية

استخدمت الدراسة نموذجاً حاسوبياً يربط بين العديد من العوامل الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية، لاستكشاف قابلية التأثر الساحلي للشواطئ الرملية في شمال أفريقيا. كما استعان الباحثون في الدراسة بصور الأقمار الاصطناعية والخرائط الطبوغرافية وخرائط قاع البحر بالإضافة إلى السجلات الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة المدروسة.

وبشأن الغموض حول أرقام الهجرة ومصادرها واتجاهاتها، يوضح حجي أن الهجرة المقصودة في الدراسة هي الهجرة الخارجية. ويشرح أن الأمر يبدأ بفقدان المزارع لأرضه بسبب تسرب مياه البحر التي تضيف الأملاح إلى الأرض مما يجعل من الصعب زراعتها، ثم ينتقل إلى مدن أخرى مثل القاهرة ومنها يهاجر إلى دول خارجية مثل دول جنوب أوروبا التي تجتذب العمالة الزراعية. أما عن مصدر المهاجرين، يقول معدو الدراسة إن الهجرة المذكورة هي من مصر عموماً وخاصة من النطاق الساحلي نظراً لأن أكثر من نصف سكان مصر يقيمون في هذه المنطقة.

ويشدد الباحث الرئيسي في الدراسة على موثوقية الأرقام والنسب المذكورة في الدراسة: "هذه ليست تقديرات، إنها أرقام البنك الدولي التي ربطناها نحن بتدهور السواحل…. بل أود أن أقول إن هذه الأرقام هي حد أدنى وأن الأرقام الفعلية ستكون أعلى قليلاً حيث يتم التقليل من تقدير تدفق الهجرة غير الشرعية في بيانات البنك الدولي مقارنة بالسجلات المحلية للعديد من دول الاتحاد الأوروبي". ويرى حجي أن هناك حاجة لتغيير السياسات في المناطق الساحلية الحضرية، والتوقف عن بناء المنتجعات الضخمة على الشاطئ، بالإضافة إلى الحاجة إلى استراتيجية تخطيط حضري متوافقة مع البيئة.

دلالات

المساهمون