الشمبانزي طوّرت أدواتها بفضل التفاعل... هل ستتنافس يوماً مع إبداع البشر؟

22 نوفمبر 2024
قردة الشمبانزي في حديقة كيبالي الوطنية في أوغندا، 9 نوفمبر 2015 (يانيك تيلي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهرت دراسة في مجلة ساينس أن قردة الشمبانزي طورت استخدام الأدوات عبر التفاعلات بين مجموعاتها، مما يدعم فكرة أن أسلاف البشر استخدموا الروابط الاجتماعية لتحسين تقنياتهم.
- صُنّفت سلوكيات الشمبانزي إلى ثلاثة مستويات، حيث أظهرت الدراسة أن الشمبانزي في مناطق تضم ثلاثة أنواع فرعية أظهرت ميلاً أكبر لاستخدام الأدوات المتطورة.
- ترى الباحثة كاساندرا غوناسيكارام أن هذا النموذج يعكس تطور البشر بفضل تبادل الأفكار، رغم أن الشمبانزي واجهت فرصاً أقل لذلك بسبب الهجرات التدريجية.

طوّرت قردة الشمبانزي عبر آلاف السنين قدراتها على استخدام الأدوات بفضل التفاعلات بين مجموعاتها المختلفة، بحسب دراسة نشرت الخميس في مجلة ساينس. يمثّل هذا الاكتشاف المتعلق بالرئيسيات الأقرب إلى البشر أهمية كبيرة للإنسان لأنه يدعم الفكرة القائلة بأنّ "أسلافه" استخدموا منذ زمن بعيد روابطهم الاجتماعية لتحسين تقنياتهم، وفقاً لما تقوله المعدة الرئيسية للدراسة، كاساندرا غوناسيكرام، لوكالة فرانس برس.

وتثير قدرة الشمبانزي على نقل سلوكياتها وتصرفاتها المعقدة كاستخدام الأدوات، من جيل إلى آخر، دهشة العلماء منذ مدة طويلة. ففي حين تطوّرت حضارة البشر من العصر الحجري وصولاً إلى عصر الفضاء، ظلّت "ثقافة" الشمبانزي التي تُعرف بأنها مواقف تُلقَّن اجتماعياً راكدة. وبدأت غوناسيكارام، وهي طالبة دكتوراه في جامعة زيورخ في سويسرا، بحوثها راغبة في إعادة النظر بهذه الفرضية. لذلك، لجأت مع زملائها الباحثين إلى دمج بيانات جينية عن الهجرات القديمة لهذه الرئيسيات عبر أفريقيا، مع ملاحظات تتمحور على طرق جمع الحشرات وصيدها لدى عشرات مجموعات الشمبانزي، وكانت الأنواع الفرعية الأربعة مشمولة.

وكر نمل أبيض

صُنّفت هذه التصرفات والمواقف إلى ثلاثة مستويات: تلك التي لا تتطلب أدوات، والتي تتطلب أدوات بسيطة، مثل أوراق الأشجار الممضوغة المستخدمة كإسفنجة لامتصاص المياه المتأتية من الأشجار، وتلك التي تتطلب أدوات إضافية. ويعود أحد الأمثلة الصارخة على هذه المجموعة من الأدوات إلى الكونغو، إذ تستخدم الشمبانزي عصياً قوية لحفر نفق بهدف الوصول إلى وكر نمل أبيض. ثم تمضغ جذع نبات لتحويله إلى فرشاة، وتالياً لجمع النمل الأبيض في نفق صنعته بنفسها.

وأظهرت الدراسة التي نُشرت الخميس في مجلة ساينس أنّ استخدام الأدوات المتطورة يرتبط بقوة بالتبادلات الجينية بين مختلف مجموعات الشمبانزي على مدى 5 إلى 15 ألف سنة الماضية، مما يشير إلى أن مثل هذه السلوكيات أصبحت أكثر انتشاراً عندما تفاعلت المجموعات مع بعضها البعض.

وأظهرت حيوانات الشمبانزي التي تعيش في مناطق تضم ثلاثة أنواع فرعية أعلى ميل لاستخدام الأدوات الأكثر تطوراً، مما يشير إلى أن الروابط بين المجموعات تعزز تطوير معارف القردة. في المقابل، تبدو السلوكيات الأبسط مثل البحث عن طعام من دون أدوات أقل ارتباطاً بالهجرات، ويُحتمل أن تكون قد تطورت بشكل مستقل في مناطق مختلفة.

أدوات الشمبانزي قابلة للتلف

ترى كاساندرا غوناسيكارام أنّ هذا النموذج يعكس تطور الجنس البشري، وكيف انتقلنا من العدادات الأولى إلى الهواتف الذكية الحديثة، بفضل تبادل الأفكار والابتكار المتزايد. كما تؤكد الباحثة أنّ أدوات البشر "أصبحت معقدة جداً لدرجة أنّ شخصاً واحداً لا يستطيع إعادة اختراعها بمفرده". ولكن على عكس البشر، كانت لدى الشمبانزي فرص أقل بكثير لتبادل الأفكار الجديدة مع مجموعات أخرى، إذ كانت الهجرات تحدث تدريجياً، مدفوعةً بانتقال الإناث في سن الإنجاب إلى مجموعات جديدة لتجنب زواج الأقارب.

ساعد تحليل الجينات القديمة فريق الباحثين في اجتياز إحدى أكبر العقبات في دراسة "ثقافة" الشمبانزي: الافتقار إلى بيانات المراقبة التاريخية، لأنّ الدراسة العلمية لأنواع هذه الفصيلة بدأت قبل قرن فقط. كذلك، "كانت أدوات الشمبانزي مصنوعة من العصي وجذوع النباتات، وكلها قابلة للتلف"، على ما توضح غوناسيكارام، مما يجعل من شبه المستحيل تتبع تطور هذه الأدوات المصنوعات يدوياً عبر الزمن.

هل ستتنافس الشمبانزي يوماً ما مع إبداع البشر؟ قطعاً لا. لكن مع مرور الوقت، يمكن أن تصبح أكثر كفاءة في الصيد وجمع الثمار، إذ حققت بعض مجموعات الشمبانزي تقدماً كبيراً في تكسير قشور الجوز باستخدام مطارق بدائية وحجارة، بحسب غوناسيكارام.

(فرانس برس)

المساهمون