السِّيْرِك الكردي... مكونات بسيطة يطيبها الانتظار
تتنوع ثقافة الطعام في سورية مع تنوع القوميات على امتداد الجغرافيا، فلكل منطقة واحدة من المأكولات الشعبية التي تميزها عن غيرها، مثل التعدد القومي الإثني الذي يميز البلاد. وفي أقصى الشمال الشرقي من البلاد، للكرد السوريين واحدة من المأكولات الفريدة، وهي السيرك، ولها العديد من التسميات منها الجبنة الكردية أو أوشاري أو جبنة الجاجيك.
مكونات السيرك بسيطة، لكنها تحتاج للكثير من الوقت حتى تنال طعمها، فهي تحتاج الثوم الأخضر والجبن إضافة للبنة، لكنها تحتاج لوقت يمتد لنحو ستة أشهر للحصول على الطعم الأصلي لها، ولا يزال أهالي بلدة اليعربية في محافظة الحسكة يحافظون على إعداد السيرك كوجبة تراثية تتناقلها الأجيال.
دلال ربة منزل من بلدة اليعربية حضرت السيرك لهذا العام كوجبة أساسية لطعام الإفطار يحبها أطفالها، كما الكثير من أطفال البلدة، وكذلك يحبها الكبار أيضاً، تقول لـ"العربي الجديد": "السيرك أكلة موروثة لدينا. كافة العوائل الكردية ما زالت تحافظ عليها كإرث ثقافي. أعدها كما علمتني أمي وكما تعلمت أمي من جدتي. الوقت المناسب لإعدادها هو فصل الربيع عند توفر الثوم الأخضر، حين نحضر الثوم بأوراقه الخضراء ويكون طريا، نقطع الأوراق، ثم نضعها في الماء والملح لفترة حتى يتغير اللون الأخضر فيها، ويصبح مشابها للون السبانخ بعد الطهي".
تضيف دلال "بعد التأكد من وصول الثوم للمرحلة المطلوبة، نقوم بتصفيته من الماء والملح بشكل جيد بلفه بقطعة من القماش تتيح التخلص من الماء الذي فيه، وهنا نحضر الجبنة أيضاً. والجبنة بلدية في المنطقة، نرش عليها الملح ونتركها بإناء، في هذا الوقت نعمل على تجهيز اللبنة، فنتأكد من تصفيتها من الماء بشكل جيد، ثم نخلط المكونات مع بعضها البعض. نضع الجبنة واللبنة والثوم، وتفرك قليلاً حتى تمتزج المكونات، نضعها في وعاء زجاجي أو بلاستيكي وقبل إغلاق الوعاء توضع بعض أوراق العنب الخضراء بطبقة تحت الغطاء. وهنا تأتي مرحلة الانتظار، فبعد هذه المرحلة يجب دفنها في الأرض لمدة تصل لستة أشهر، حتى تتخمر بشكل جيد، ومن بعدها يمكن تناولها على الإفطار".
ويكون طعمها لاذعاً للغاية ونكهة الثوم فيها قوية، كما أوضحت.
ووفقاً للتقاليد القديمة في المنطقة كان الأهالي يضعون السيرك في الكهوف الموجودة في المنطقة، حتى تتخمر بشكل جيد، للحصول على النكهة المطلوبة، لكن في الوقت الحالي يلجأ الكثير منهم لدفنها تحت الأرض، أو وضع الطين على الوعاء الذي ستحفظ فيه من كافة الجوانب، بينما يلجأ البعض لتناولها بشكل فوري بعد التحضير، مندون الانتظار لمدة ستة أشهر حتى تختمر المكونات بشكل جيد.
من المتعارف عليه أيضا أن تناول السيرك كوجبة على المائدة يبدأ في فصل الشتاء، مع انتهاء عملية التخزين الطويلة، حين تكون قد وصلت للنكهة المطلوبة. والثوم البري من المكونات الأساسية لإعداد وجبة السيرك التي يشتهر بها المطبخ الكردي، وذلك في سورية وإقليم كردستان العراق، حيث تحضر في معظم مناطقه.
