"الذهب الخالص"... افتتان البشرية القديم

29 نوفمبر 2024
تضم التظاهرة أحدث إصدارات بيوت الأزياء الغربية (متحف بروكلين)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تاريخ الذهب وتنوع المعروضات: يضم معرض "الذهب الخالص" في متحف بروكلين حوالي 500 قطعة فنية، ويستعرض افتتان البشرية بالذهب عبر العصور، من العصر الحجري إلى اليوم، مع التركيز على طبيعته المزدوجة كرمز للقوة والجمال.

- الجوانب البيئية والثقافية: يتناول المعرض التكاليف البيئية والبشرية لتعدين الذهب، ويعرض أعمال فيديو وأفلام وثائقية تسلط الضوء على الجانب المظلم لهذا المعدن.

- الفنانون المعاصرون: يبرز المعرض أعمال فنانين مثل تيتوس كافار ومارك كوين، الذين يستخدمون الذهب للتعبير عن قضايا ثقافية واجتماعية، مما يعكس التناقضات المرتبطة بالذهب.

احتفالاً بالذكرى المئوية الثانية لتأسيسه، يستضيف متحف بروكلين في الولايات المتحدة معرضاً تحت عنوان "الذهب الخالص". تستكشف هذه التظاهرة افتتان البشرية بالذهب على مدى آلاف السنين. يستمرالمعرض حتى السادس من يوليو/تموز 2025، ويضم نحو 500 قطعة فنية، وهو من تنسيق كبير أمناء المتحف ماثيو يوكوبوسكي.

يروي المعرض حكاية الذهب منذ العصر الحجري بوصفه عنصراً فريداً كان يُعثر عليه في مجاري الأنهار والجداول. لا بد أن هذا المعدن الثمين قد مثل لأوائل معجبيه شيئاً ساحراً وملهماً، إذ أطلق عليه المصريون القدماء لحم الآلهة، ووصفته حضارة الإنكا بأنه دموع الشمس. ما يميز العرض أنه يقدم حواراً مشوّقاً وتاريخياً مع الإبداع البشري، إذ يجمع بين القطع الأثرية والأعمال المعاصرة في مزيج مثير. تحمل الأعمال التي يضمها المعرض روابط بصرية تطرح العديد من التساؤلات عن طبيعة العلاقة مع هذا المعدن اللامع.

يقول منسق العرض، ماثيو يوكوبوسكي، إن "الذهب سيظل دائماً يتمتع بجاذبية بدائية بالنسبة إلينا، وهو يظهر هنا في جميع تجلياته، شكلاً ومادةً ولوناً، ورمزاً مهماً للجمال والروحانية والثروة والقوة، وللجشع والغطرسة والإفراط أيضاً".

يضم المعرض ثمانية أقسام، وتعود أقدم قطعة فيه إلى الأسرة المصرية الـ22، وهي عبارة عن غطاء تابوت نادر يُعرض لأول مرة للجمهور بعد قرن من التخزين. وهناك أيضاً أكثر من 170 قطعة ذهبية تعود إلى العصر الهلنستي. تُعرض هذه القطع الأثرية إلى جوار الأعمال الفنية المعاصرة من لوحات ومنحوتات وتجهيزات فنية وأعمال فيديو، وتضم المعروضات أيضاً أحدث إصدارات بيوت الأزياء الغربية المستلهمة من جاذبية الذهب الخالدة.

استندت قائمة المعرض في المقام الأول إلى مجموعة المتحف الدائمة التي تضم ما يقرب من أربعة آلاف عمل من الذهب الخالص، أو يمثل الذهب جانباً من مكوناتها. يقول منسق العرض إن "هذه المجموعة الضخمة من المقتنيات كانت تكفي للاختيار من بينها، لكننا فضلنا إثراءها بقروض من الأزياء والمجوهرات والفن المعاصر من أجل إثراء الحوار والمقارنات بين التخصصات والوسائط المختلفة".

يتناول أحد أقسام المعرض التكاليف البيئية والبشرية لتعدين الذهب، ويواجه الجانب الأكثر قتامة من تاريخ هذا المعدن عبر عدد من أعمال الفيديو والأفلام الوثائقية. يتتبع قسم "السحر الذهبي" تطور الذهب في عالم الموضة، ويستكشف طبيعته المزدوجة كجمال مادي ورمز للقوة الإلهية والثروة والإتقان الفني. تضم المعروضات فساتين من تصميم أشهر بيوت الأزياء العالمية، موضوعة إلى جانب اللوحات والمنحوتات التاريخية، ما يمثل وليمة بصرية مثيرة.

على جانبي المدخل الرئيسي للعرض، هناك زوجان من الملابس المذهبة من مجموعة إيكاروس لعام 2023 للمصمم البلجيكي والتر فان بيريندونك. إيكاروس اسم الشخصية التي طارت بالقرب من الشمس في الأسطورة اليونانية القديمة. يلتقط المصمم البلجيكي هنا أحد تجليات العلاقة بين الذهب والشمس التي تمتد إلى آلاف السنين من تاريخ البشرية، فالذهب في الأساطير القديمة هو المُقابل المادي لأشعة الشمس. ربما لهذا السبب تعمّد منظمو المعرض وضع هذا الفيديو القصير في استقبال الضيوف، والذي يصور الصاروخ الذي أطلقته وكالة ناسا عام 2018 وهو ينطلق إلى السماء في رحلته لدراسة الشمس.

بين أعمال الفنانين المعاصرين التي يضمها المعرض، يبرز العمل المزدوج للفنان الأميركي تيتوس كافار، المعروف بتوظيفه لرقائق الذهب في ما يُنتجه. يستخدم كافار اللون الذهبي خلفيةً مضيئة لنساء ورجال سود، ويرسمهم مثل أيقونات مسيحية بيزنطية. يضم المعرض عملاً آخر لكافار، يتمثّل بلوحتين تكمل كل منهما الأخرى لرجل وامرأة. يُعرض العمل في غرفة مظلمة مليئة بلوحات دينية مطلية بالذهب من عصر النهضة في إيطاليا. في غرفة أخرى، يجلس تمثال للفنان البريطاني مارك كوين المصنوع من الذهب، وهو يصور عارضة الأزياء البريطانية كيت موس في وضعية يوغا بين مجموعة من منحوتات بوذا. كانت موس واحدة من أبرز نجمات الموضة خلال التسعينيات، وهي "رمز لثقافتنا المعاصرة التي تعبد المشاهير"، كما يُعلق كوين في صفحته على "إنستغرام". يقول الفنان إن البشر كثيراً ما يبتكرون الصور، ثم يبدأون بعبادتها ثم ينسون أنهم هم من اخترعوها في البداية. وعلى نحو مماثل، فإن الذهب معدن قرر البشر أنه من أكثر المواد قيمة في العالم، ولكنه في الحقيقة مثل كل الصور والأيقونات التي اخترعوها، وهو في جوهره ليس أكثر قيمة من أي معدن آخر.

لا يقتصر الذهب فقط على الأناقة والرفعة والجمال، بل قد يدل كذلك على الذوق السيئ والابتذال، وقد يكون هذا هو الشيء المثير فيه. تعكس بعض الأعمال الفنية هذا الجانب المتناقض في الذهب، ومن بينها عمل الفنان الإيطالي مايكل أنجلو بيستوليتو "فينوس الذهبية"، وهو عبارة عن تجهيز مكون من تمثال ذهبي لفينوس يواجه كومة من الملابس المهملة.

دلالات
المساهمون